عمرو عبد العظيم
مازال التطور يلاحق مجالات الحياة ويتسارع بوتيرة عالية، لمحاولة تسهيل أنماط حياتنا وتوسيع خيارات البشر، ومن نتائج هذا التطور المتسارع تقنية النانو، وهي تقنية المواد المتناهية في الصغر أو التكنولوجيا المجهرية الدقيقة، وعلم النانو هو دراسة المبادئ الأساسية للجزيئات والمركبات التي لا يتجاوز قياسها الـ 100 نانو متر، فالنانو هو أدق وحدة قياس مترية معروفة حتى الآن، وتؤكد البحوث أن تقنية النانو أصبحت موضوع البحث الحديث ومحور اهتمامه وغدت في طليعة التقنيات في يومنا هذا وفي المستقبل لما لها من أهمية في تحسين المنتجات، وعلاج الأمراض، وخدمة البشرية في مجالات الحياة جميعها، بالإضافة إلى أنها تعطي أملًا كبيرًا للثورات العلمية في مستقبل في الفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء والهندسة وغيرها.
ودائمًا هنا نحاول أن نلقي الضوء على علاقة تلك التقنيات بالتعليم، وكيفية الاستفادة منها، فالنانو تكنولوجي جزءً لا يتجزأ من تعليم (STEM) الخاص بتعليم العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، فكما أنّ الممارسات الهندسية لم تعد تقتصر على طلبة الجامعة فكذلك الحال بالنسبة لتقنية النانو، حيث أصبح باستطاعة الجميع بمن فيهم الأطفال والمعلمين وطلبة الدراسات العليا أن يستفيدوا ويستمتعوا ويتعلموا هذه التقنية.
وعليه فإنّ التكنولوجيات الناشئة والمتجددة مثل النانو تركت وما زالت بصمات واضحة على المنظومة التربوية بشكل عام، وعلى النمو المهني للمعلم بشكلٍ خاص، لأن مجال التعليم من المجالات التي ستستفيد منها كثيرًا، ومن أبرز هذه التطبيقات إنتاج الوسائل التعليمية المجسمة كالنماذج والعينات والكرات الأرضية، حيث يؤدي صناعتها من مواد أو مركبات نانونية إلى جعلها أكثر صلابة وذات مرونة أعلى مع كونها أخف وزنًا، وأيضًا إنتاج الأجهزة التعليمية مثل اللوحيات التعليمية، والمجاهر والشاشات وأجهزة عرض البيانات حيث سيتم تحسين صناعة هذه الأجهزة من خلال استخدام مواد كرتونية وكهربائية جديدة، كما أن سطوحها المصنوعة من نانونية ذات خواص ميكانيكية ستكون أكثر تعقيما وغير قابلة للخدش، ومن مميزاتها أيضًا في جوانب الصناعة التعليمية تحسين كفاءة أجهزة الهاتف النقال والحاسبات الشخصية المستخدمة في التعليم، وذلك من خلال الشحن السريع للطاقة وحفظها لفترات طويلة في البطاريات المصنعة بتكنولوجيا النانو من ناحية، ومن خلال تطوير رقائق السيلكون والمعالجات الدقيقة بشكل أسرع وأصغر من ناحية أخرى.
إن تكنولوجيا النانو ستنعكس إيجابًا على حجم وكفاءة أجهزة الاتصال والكوابل المستخدمة في الشبكات التعليمية المحلية والدولية، وإن التطبيقات السابقة وغيرها لتكنولوجيا النانو في مجال التعليم ستجعل من الضرورة تنمية وعي الطلبة والمعلمين في مجال تكنولوجيا النانو، وهنا تبرز أهمية قيام الجامعات بدورها الريادي في برامج تنمية وعي خريجيها في مجال تكنولوجيا النانو في البرامج الأكاديمية المختلفة عمومًا وفي برامج إعداد معلم التكنولوجيا وتكنولوجيا التعليم على وجه الخصوص.
وتوصي العديد من البحوث التي أجريت حول تقنية النانو إلى ضرورة عقد الندوات والورش والدورات التدريبية اللازمة لتنمية وعي معلمي التكنولوجيا في مجال تكنولوجيا النانو، وتهيئة المدارس وتزويدها بالإمكانيات ومصادر التعلم المختلفة التي تتيح للمعلمين تنمية خبراتهم، وتنفيذ أنشطتهم المتنوعة المتعلقة بهذه التقنية، وتشجيع المعلمين وتحفيزهم على إجراء البحوث والأنشطة العلمية في مجال تكنولوجيا النانو، والعمل على تضمين بعض الموضوعات المتعلقة بها ضمن منهاج التكنولوجيا والحاسوب المدرسي، ومن المؤكد أنه ستشهد المرحلة المقبلة استثمارات تعلمية واسعة في هذه التقنية الواعدة، والتي يجب علينا جميعًا توظيفها بدرجةٍ تحقق مزيدًا من التعلم الفعَّال.
amrwow2010@gmail.com