بلدية ظفار.. بين الشيخ والدكتور

 

علي بن سالم كفيتان

 

كلا الرجلين ينتمي لأسر عريقة في ظفار عرف عنها الكثير من الصفات الحميدة لكن هذا المقال لن يتناول الجانب الشخصي لرئيسي بلدية ظفار السابق والحالي ولا شك أنَّه من غير العادل عمل مُقارنة في الإنجازات فرجل قضى قرابة 13 سنة في المنصب وآخر له بضعة أشهر فقط... إذا ما الذي ينتظره القارئ والرأي العام من هذا المقال؟

سألت نفسي هذا السؤال ووجدت أنّ هناك الكثير من الكلمات التي يمكن أن نودِّع بها الشيخ ونسرد إنجازاته وهي بلا شك واضحة للعيان فقد رفعنا له القبعة أحيانا وفي أحيانٍ أخرى انتقدنا ومع ذلك كان الرجل يستفيد من النَّقد قبل الثناء وهذا التفاعل النادر مع ما يكتب عن البلدية كان له أثر إيجابي على الأداء فكانت هذه إحدى السمات الأساسية لمرحلة الشيخ فهل ستستمر مع الدكتور لا نعلم حتى الآن ولا نستطيع الحكم لكن الخلفية العلمية والعملية تجعلنا نجزم بأنَّ الرأي العام سيكون له نصيب وافر من تفكير الرجل لإيماننا العميق بأنَّ المرحلة باتت تحتاج للاستماع أكثر من الكلام وإلى الإنجاز أكثر من التنظير فالمسؤول اليوم ليس هو من يُفكر نيابة عن العامة بل عليه الاستماع لهم لكي يستطيع تحقيق آمالهم وطموحاتهم ومن هنا تتجلى أهمية الجلوس مع الناس والإصغاء لهم بكل عناية، فمقابلات الجمهور ليست ترفًا بل هي أساس ويمكن للمجلس البلدي أن يلعب دوراً أفضل في سنته الأخيرة، كونه يُمثل العامة ولكي يتحقق ذلك لابد من قوة إرادة يمتلكها الرئيس للدفع بالمقترحات إلى ساحات التنفيذ وليس إلى أدراج المحافظ.

ظفار ليست هي تلك المدينة الصغيرة الرابضة على الساحل وتحيط بها الأسلاك الشائكة من كل جانب ويدخلها الناس عبر أبراج الحراسة قبل سبعينيات القرن الماضي، بل هي اليوم درة التاج العُماني ومحج لهواة الجمال والهدوء والدعة والسكينة بعد أن ضجت لسنوات طويلة بهدير المدافع وأزيز الطائرات وارتوت تربتها بالدماء الزكية الطاهرة المدافعة عن العزة والكرامة هنا في هذا الجزء الغالي من بلادنا أسكت جلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- صوت الفتنة والضغينة والتحزب وغرس لنا روح المحبة والسلام ومن هنا يجب على من يولى خدمتها وتطويرها أن يعلم ذلك جيداً ويجب علينا كمواطنين أسوياء أن نتعاون مهما كانت الظروف والإمكانيات.

ينظر الجميع اليوم لتحول رقمي حقيقي وسلس للخدمات التي تقدمها بلدية ظفار ولا شك أنّ ذلك لن يتأتى إلا بتجديد الدماء في شرايين المسؤولية فلابد من عمل تحديث شامل لمن يستوعب التحديثات أو الإحلال الفوري فالمرحلة لا تحتمل الانسياق العفوي لما هو واقع ففي أحيان كثيرة قد تستهلك الكثير من طاقتك المادية المعنوية لصيانة تفوق تكلفة الاستبدال وهذا الأمر يتطلب شجاعة وإقداماً نراها متحققة في الرئيس الجديد لبلدية ظفار.

نرى أنّ البلدية يجب أن ينصب اهتمامها على اختصاصاتها الأصيلة ولا يتم بعثرتها للقيام بمهام جهات أخرى فالموسم السياحي انهك البلدية وأثر بشكل سلبي على الخدمات التي تُقدمها للجمهور فالمبالغ التي تصرف في إطار التجهيز لمهرجان صلالة السياحي والطاقات والأموال التي تهدر في محيط جغرافي ضيِّق لا تؤتي أكلها بالشكل المطلوب ويفترض أن تتولاها جهات معنية بتطوير السياحة في السلطنة أو قيام تلك المؤسسات بتقديم دعم مالي مُعلن لبلدية ظفار خارج موازنتها السنوية لهذه الأعمال بحيث نحافظ على حقوق العامة فلا يستقيم أن تصرف مبالغ من موازنات الطرق والإنارة والنظافة العامة ينتظرها المواطنون بفارق الصبر لتنفيذ فعاليات وأمسيات فنية خلال المهرجان ومن هنا يمكن تأجيل المهرجان إلى أن تقوم الجهات المشرفة على السياحة بواجبها المنوط بها ولا تحمل البلدية تبعات ذلك سنوياً.

حتى يتحقق كل ذلك سنحلم بمدينة تتخللها ميادين عامة وساحات وحدائق غناء وارفة بها ممرات للمشاة وقلب نابض بالحياة وسننتظر أحياء سكنية مثالية وقرى نموذجية ليس في مدينة صلالة فقط بل في كل ولايات المحافظة.. وإلى أن يتم ذلك استودعكم الله.