هاشمية الموسوي.. فضاءات تعبيرية رحبة

 

عبد الرزاق الربيعي| مسقط

 

تكتسب الكتابة الشعرية النسوية – وأضع خطين تحت الكلمة الأخيرة – في سلطنة عمان خصوصيتها من كونها تحرث في أرض بكر، والشاعرة العمانية حين تكتب عن خصوصيتها النسوية الشعرية في سلطنة عمان تعد من الكتابات الحديثة الولادة قياسا للتجارب الشعرية النسوية العربية التي انطلقت في أواخر النصف الأول من القرن الماضي؛ بينما تجد أن أول مجموعة شعرية لشاعرة عمانية صدرت عام 1986 كانت للشاعرة سعيدة الفارسي وعنوانها: (مد في بحر الأعماق).

هذا الوضع لم يقف عائقا أمام تطلعات الشاعرة العمانية في كتابة نص يشتمل على قدر من الخصوصية الفنية بل فتح لها بابا للاجتهاد والبحث عن (هوية)، وقد شهد عقد التسعينيات بروز أصوات شعرية عديدة أمثال: تركية البوسعيدي وحصة البادي وذكريات الخابوري ونورة البادي.

ويأتي صوت الشاعرة (هاشمية الموسوي) ليقف في مقدمة هذه الأسماء كواحدة من الشاعرات المثابرات الحريصات على التواصل وتطوير طرائق التعبير الفنية من خلال المتابعة والانصراف إلى عالم الكتابة من جانب ومشاركتها في الملتقيات واللقاءات الشعرية من جانب آخر.

والملفت في تجربة الشاعرة هاشمية الموسوي تفاعلها مع الأحداث وقدرتها على استثمار تلك الأحداث شعريا مهتدية بقول (بورخس): " على الشاعر في هذا العالم أن يحول جميع ما يحدث له إلى أداة تؤدي إلى هدف. ومن ضمنها الانتكاسات والسقطات والتعاسات؛ يحوِّل كل شيء إلى صلصال وإلى مادة في خدمة فنه، ومن خلال الكيفية التي يصوغ بها الشاعر الأحداث نستطيع أن نحدد براعة الشاعر".

وقد استطاعت الشاعرة هاشمية الموسوي رغم افتتانها بموسيقى الشعر العربي الذي يجعلها أحيانا تضغط جملتها الشعرية فتخضعها لجاذبيتها لا أن تضغط على الموسيقى الشعرية لتحرر جملتها من هيمنتها الآسرة أقول: استطاعت أن تستثمر الأحداث لصالح العمل الفني عن طريق تفتيتها وإعادة صياغتها بلغة مكثفة.

وهج البحر هنا

                  زهو ورد

                       عندما يعبث في الأفق

                      الشفق

                     يتعرى ناثرًا

                                 ومض ألق

فارسم الشعر

                       على قلبي ودعه...

عندما استمعت إليها وهي تقرأ قصائدها أثناء مشاركتها في مهرجان (الخنساء) للشاعرات العربيات الذي أقامه النادي الثقافي في إبريل عام 1999 وجدت نفسي أمام شاعرة تحاول أن تشق طريقها وسط ضجيج الأصوات منطلقة من عناد مع الحرف مرتكزة على تجربة مفتونة بإنجازات الشعر العربي الخالدة التي التحمت بها أثناء دراستها الجامعية كمتخصصة في آداب اللغة العربية وكانت حصيلة ذلك الالتحام مجموعتها الأولى (إليك أنت).

ويوما بعد يوم نضجت تجربتها على نار ذلك العناد فكانت (للروح هوية) مجموعتها الشعرية الثانية. والمساحة الزمنية بين المجموعتين ليست كبيرة؛ لكن مساحة الإبداع أكبر بكثير من قصائدها، (إليك أنت) لم تكن أكثر من إعلان عن ولادة شاعرة تمتلك موهبة جيدة تحتاج إلى الصقل، أما مجموعتها و(للروح هُوية) فقد قطعت شوطا في رحلتها الطويلة وصارت تبحث عن فضاءات تعبيرية أرحب تمكنها من التعبير عن ذاتها وحبها لعمان النهضة والحضارة والتاريخ وهو محور يشكل هويتها الشعرية متباهية بصوت الأنثى الذي يرتفع بالغناء للحياة ليمتزج بالوجود.

تعليق عبر الفيس بوك