ترجمة- رنا عبدالحكيم
قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن تعديلا على قانون الجنسية في الهند يعرض النظام العلماني هناك للخطر؛ إذ يسمح المشروع المقترح منح الجنسية بشكل عاجل للاجئين الهندوس أو السيخ أو جاين أو البوذيين من البلدان المجاورة، لكن لا يحق للمسلمين الاستفادة من هذا القانون.
وأوضحت الصحيفة في افتتاحيتها إن هذا القانون أقوى دلالة على حملة رئيس الوزراء ناريندرا مودي لتحويل الهند إلى دولة هندوسية. وبعد الاستقلال والتقسيم عام 1947، تم تأسيس الهند على مبدأ الديمقراطية العلمانية، في حين عرّف مؤسسو باكستان بلدهم كموطن للمسلمين في شبه القارة الهندية، فإن الهند- على الرغم من الأغلبية الهندوسية- لم يتم تعريفها بعنصر الدين، بل كانت بلدا يمكن أن تتعايش فيه الأديان المتعددة.
ويعدّل مشروع القانون الذي أقره البرلمان، القانون الحالي الذي يمنع المهاجرين غير الشرعيين، أو أطفالهم، من أن يصبحوا مواطنين. ويدافع حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم عن التغيير الذي أقره مودي باعتباره ضمانًا للحماية لأتباع الديانات الرئيسية في جنوب آسيا الذين فروا من الاضطهاد في الدول الثلاثة المجاورة للهند وهي باكستان وبنجلاديش وأفغانستان حتى عام 2014. ويقول المؤيدون إنه يتذكر المبادرات في العقود الماضية عندما كانت هناك تدفقات دينية كبيرة من الأقليات.
ويمنح القانون الجنسية للمسيحين، وهو ما قد يشير إليه المتهكمون، بأنه يهدف في ذلك إلى درء الانتقادات الأمريكية، لكنه لا يمنح الجنسية إلى اليهود أو اللادينيين. ويتجاهل القانون أيضًا المسلمين الذين يواجهون تمييزًا في الدول المجاورة الثلاثة، واللاجئين المسلمين من أماكن أخرى، مثل الروهينجا من ميانمار والإيغور من الصين. وعلى هذا النحو، يجري إعادة إحياء نظرية الدولتين- فكرة باكستان المسلمة والهند الهندوسية- التي رفضها زعيم الاستقلال المهاتما غاندي وأول رئيس وزراء للهند جواهرلال نهرو.
ولا يمكن النظر إلى الإجراء الجديد بمعزل عن خطط إنشاء سجل وطني للمواطنين في جميع أنحاء الهند، يهدف إلى تحديد ما تدعي حكومة حزب بهاراتيا جاناتا أنه عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين الذين دخلوا الهند في العقود الماضية، وخاصة من بنجلاديش. واستبعد مشروع تجريبي في ولاية أسام بالفعل 1.9 مليون من سكان الولاية البالغ عددهم 33 مليون نسمة والذين لم يكن لديهم الوثائق اللازمة لإثبات حقوقهم في الجنسية. زأولئك الذين تركوا السجل- كثير منهم من المسلمين- يخاطرون بأن يصبحوا عديمي الجنسية أو "بدون".
ولا يزال عشرات الملايين من الهنود لا يحملون وثائق؛ حتى أواخر الفترة 2005-2006، حيث حصل 40% فقط على شهادات ميلاد، وحتى الآن 80% فقط من الأطفال مسجلون عند الولادة. ومع ذلك، فإن قانون تعديل الجنسية من شأنه أن يمهد الطريق إلى المواطنة لأتباع الديانات "الهندية"، ولكن ليس للمسلمين. وتعهد أميت شاه وزير الداخلية، مرارًا وتكرارًا بترحيل المهاجرين غير الشرعيين قبل الانتخابات البرلمانية في الهند عام 2024.
وقد ترفض محاكم الهند التعديل باعتباره غير دستوري، لكن من المحتمل أن تستغرق السجالات القضائية سنوات، وحينها سيكون الكثيرون قد تضرروا.
واختتم الصحيفة قائلة إنه إذا كانت حكومة مودي جادة في حماية المهاجرين، فعليها التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951 التي تؤكد على عدم إعادة اللاجئين إلى بلد يواجهون فيه تهديدات خطيرة للحياة أو الحرية، لكن الهند ليست طرفًا فيها. وإذا أرادت الهند أن تحافظ على مطالبتها الأخلاقية بالتأثير كأكبر ديمقراطية في العالم، فعليها أن تتجنب السير في طريق يمكن أن يخفض ملايين الملايين على المدى الطويل إلى مرتبة من الدرجة الثانية- أو ما هو أسوأ- على أساس الدين.