بنو آدم

أنيسة الهوتية

 

عندما نتحدث عن الإنسانية نبدو وكأننا نتحدث عن السمو االبشري، وعندما نتحدث عن البشرية نبدو وكأننا نتحدث عن الدنو الإنساني! وكلا الفريقين نحن "بنو آدم"، إلا أن أعمالنا هي التي تصنفنا بين هذا وذاك.

ولا نحكم على أن الفئة المنضمة إلى مظلة البشرية سيئون! فلو كان كذلك لما أوحى الله عز وجل للحبيب -صلى الله عليه وسلم- في سورة الكهف (الآية:110): "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا".

فالبشريُّ يتبع غرائزه التي خلقها الله تعالى في فطرته التي يستقي منها رغباته كالشراب، الطعام، النوم، الزواج وإشتهاء النفس لمختلف الأمور من حولها، وأيضا العمل لأجل الرزق الذي يعيش ويكمل احتياجاته الأولية به، والسعي لتوفير الراحة لنفسه وأهله كهدف أساسي في حياته.

ومع صحة مبدأ "إنَّ لبدنك ونفسك عليك حقًّا"، فإنَّ هذا المبدأ يجب أن يُقيَّد بعدم الإفراط؛ فكل شيء إذا زاد على حده انقلب للضد، وراحة البدن يجب أن لا تصل إلى مرحلة الكسل الذي يقود للأمراض المزمنة؛ مثل: السمنة المفرطة، والسكري، وانسداد شرايين القلب...وغيرها، عافانا الله وإياكم منها. وكذلك النفس يجب علينا لجمها ومكافأتها بالمتاح المعقول، وإن لم تُلجم فإنها لن تشبع أبدا، وستغرق في ملذات الحياة، والغرق في ملذات الحياة ابتلاء عظيم من الممكن أن يحوِّل الشخص إلى عدم التكافل الاجتماعي والتطرف والأنانية والجريمة، والكثير من الصفات والأمثلة السيئة أخلاقيا واجتماعيا ودينيا وإنسانيا.

وبما أنَّ النفس أمَّارة بالسوء، وهي العدو الأول للبشرية، فعلينا أن نُلجمها ونروضها، وكما نقول دائماً إننا بشر ولسنا ملائكة، والبشر خطَّاؤون وخير الخطَّائين التوابون.

أما مظلة الإنسانية، فرغم قلة المنضمين لها مقارنة بالأخرى وصغر مساحتها، إلا أنها أوسع في مداها ورسالتها التي تصل للبشرية أجمع. فواحد تحت مظلة الإنسانية يفيد العشرات والمئات والآلاف أو ما يزيد من خلال أعماله الخيرية وتعاونه مع الناس، هؤلاء الإنسانيون لا يسعون فقط وراء رغباتهم واحتياجاتهم الفطرية، بل يسعون للخير ويتعاونون لمساعدة كل كبدٍ رطبة، دون تفرقة عنصرية في لونه، أو دينه، أو جنسيته. تراهم يتبعون مذهبَ الإنسانية كفطرة طيبة فيهم خالصة من الرياء، بعضهم لوجه الله، وبعضهم للإنسانية ممن لا يتبعون الإسلام والكتب السماوية، وهؤلاء احتارت فيهم الفتاوى والأحكام.

وكأنهم جنود الله الصالحون في الأرض بمختلف رسالاتهم ومدارسهم التي يتبعونها، والتي اختتمت بمدرسة الرسول الإنسان عليه افضل الصلاة وأزكى السلام.

وكوننا من المدرسة المحمدية، فعلينا اتباع رسالته لنرقى بالإنسانية.

anisa11881paralympicoman@gmail.com