مفتاح البركي لا يفيق إلا ليَروي

 

ناصر أبو عون

 

هنا فقط يمكنك أن تضبط (مفتاح البركي)، وهو في حالة سُكْر، لكن لن تستطيع توقيفه لمخالفته قوانين القصيدة، أو تحرير عريضة اتهام، لكسره قافية في شارع الشعر العام؛ فهو (أبلغ ما يكون ثملا) تحت أقدام القصيدة، و (لا يفيق إلا ليروي).

في هذا المخطوط وعبر 40 لوحةً شعرية، يُبحر مفتاح البريكي في قارب من النثر وبيسراه مِجداف اللغة والموسقى، وبيمينه عصا الشعر والنثر (يشق بها سوأة البحر)، و(يتوهّم الخلاص)، و(يرمِّم الليلَ بالجنون).

للشعر مع مفتاح البركي معنى مجازي يفضّ بكارة المؤتلف والاعتيادي، ومغاير للأعراف والتقاليد البلاغية؛ وهو (أن تمضي بعيدًا وأن تظل بلا مرفأ).

في هذا المخطوط تشهق القصيدة، وتتحشرجُ الصورة المألوفة في حنجرة اليباب، وتسرد الحبيبة موّالها، وتنقش بالحناء أحلامها، وتخيطُ فستانها؛ إنها (نصوص معلّقة يسيلُ منها الدمع فوق رصيف المعاني)، و(معها يخيط البريكي الجرح)، و(يطوِّق ظلامَها بالشعر).

هنا لا حدود فاصلة بين القصة والقصيدة، حيث يمسك الشاعر (في كفّه معول الريح)، ويمعن في محو الحواجز المختلقة بين الحكاية والسرد، يحطّم القوانين، يمحو السائد، ويزيل الثوابت؛ إنها كتابة خالصة وعابرة للنوع الأدبيّ.

في هذا الديوان، نطالع صورة المرأة كما رسمها مفتاح البركي في مخياله الثقافي؛ بعد أن محى من قرص ذاكرته الشعرية، والمعدَّلَة جينيا بفعل إحداثيات الثورة الصناعية الرابعة، وسقوط الدولة القومية، ونهوض الدولة القطرية، وتحطيم الشعبوية لكل الأعمدة الأخلاقية وإزالة ما تمّ حشوّه من صور مُدجّنة وديماجوجية وشوفينية عن المرأة.. في هذا المخطوط سنعثر على المرأة الكاملة؛ (المرأة الجسد، والمرأة السماء)، (مريم البتول القديسة، ورقصة سالومي، وقلب هيروديا الشرير).

في هذا المقام دعوة للقاريء المحترف، والقاريء الذي يتلمس الخُطى، وعشّاق الشعر، وأساطين البلاغة، وسدنة النقد إلى عبور عتبات هذا الديوان، والوقوف على نواصي القصائد، والإبحار في قارب المتعة، والمغامرة في جداول وشلالات هذه الكتابة المغايرة والعابرة للنوعيّة.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك