التِنين الأحمَر والفِينيق الأبيَض

 

 

أنيسة الهوتية

 

يَنحصر العَالم البشري في 196 دولة أحدثها دولة جنوب السودان التي أعلنت استقلالها عام 2011م وسبقتها دولتان أعلنتا استقلالهما عن صربيا وهما كوسوفو عام 2008م والجبل الأسود عام 2006م، ولا ننسى عام 1990 الذي ظهرت فيه 29 دولة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفكك يوغوسلافيا.

ولا نعلم كم ستكون عدد الدويلات في المستقبل مع استمرار الحروب الأهلية التي لا تتوقف وإن جئنا على تعدادها فإنها تُقارب 71 حرباً نجح بعضها بالإنقسام ولم ينجح الآخر، هذا بدون ذكر الحروب التي كانت قبل ظهور مُنظمة الأمم المتحدة التي لا تعترف إلا بـ 195 دولة مع استبعاد "تايوان" كدولة مستقلة وذلك مناصرة للصين التي تزعم بأنّ تايوان مقاطعة من مقاطعاتها.

ولأجل إرضاء الأهداف الدبلوماسية والشراكات التجارية بين الصين والأمم المتحدة قاطعت 100 دولة تايوان ومع ذلك لم تُصبح حديثاً دسماً للإعلام العالمي! فــ "التِنين الأحمر-الصين" تضع مخالبها عليها كالأم المتسلطة عِقاباً وأيضاً حِمايةً من التدخل الخارجي.

ورغم كون "التنين الأحمر" رابع أكبر دولة في العالم ومتعددة الديانات الأساسية (الإسلام، المسيحية، البوذية) إلا أنّها بحكمتها وذكائها استطاعت تحويل هذه الصفات إلى مصدر قوة بينما هي مصدر ضعف لدول أخرى. واستطاعت إخفاء نقاط ضعفها عن المتربصين بها لإيمانها بمبدأ الاتحاد قوة. وأنّ حُجّتها ليس في مُعجزتها الاقتصادية أو لقفزتها الأسطورية في إنتاج النفط بل بإبقاء بعضها البعض مترابطاً متلاحماً وستر خلافاتها الداخلية مع منع نشر غسيلها للعالم مما جعلها في موقف هيبة أمام الأمم المتحدة.

ومن الأمور العجيبة التي لربما نراها تافهة أنه لا يمكن لمواطني الصين والساكنين بها إنشاء حسابات وهمية في وسائل التواصل الاجتماعي! وهذا سبب من أسباب إخماد الفِتَن الإلكترونية التي هي من أنجح أسلحة بعض الجماعات والمافيات السياسية لخلق الحروب الأهلية، وذلك بفتح حسابات وهمية تصل عددها إلى المئات والآلاف يديرها بضعة عشر شخصا يضعون فيها الحطب ويشعلونه ثم يتناوبون على وضع الزيت لتصيرَ حَريقاً كَبيراً يمتد دُخانه إلى الأُفُق الإلكتروني وتلقائيا يتحمس الشباب الذين هم الأكثر إفرازاً للأدرينالين وبدورهم يبدأون بقيادة الحِراك الوهمي كي يصبح حقيقة.

ونرجع إلى منظومة الأمم المتحدة التي تعترف بـ195 دولة وأعضاؤها 193 دولة، والفارق هما دولتا الفاتيكان وفلسطين اللتان لهما حق المشاركة في كل أنشطة الأمم المتحدة ولكن ليس لهما حق التصويت في الجمعية العامة.

ودولة الفاتيكان هي أصغر دولة في العالم وهي الدولة البابوية ومركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية ولن تحتاج أن تكون عضوة في منظمة الأمم المتحدة لأنها بذاتها مصدر القوة العُظمى للأمانة العامة للمنظومة، وهي مستقر الأب الروحي (القلب) الذي يحميه أبناؤه البارون من الكاثوليك والمسيحيين بمختلف مذاهبهم في مختلف دول العالم والمتحدون كالجسد الواحد. الفاتيكان هو الفينيق الأبيض الأسطوري الذي إن تم المساس به اشتعل وأحرق من حوله، ثم سينهض من رماده أقوى وأعظم.

أمّا فلسطين فهي يتيمة العرب والإسلام لا تنين أحمر يحتويها، ولا فينيق أبيض يحميها. ولها قَوم لا يؤمنون بخُرافات الميثولوجيا ولا بنزول المسيح عيسى عليه السلام.

الأكثر قراءة