حمود بن علي الطوقي
نعم يا مولاي.. أنت لست سلطان عُمان وحدها وحسب بل سلطان القلوب وملك السلام. بشهادة الغرب قبل الشرق، وبشهادة الصديق قبل القريب.. هكذا انتابني الشعور مثل غيري من المشاركين في الاحتفالات باليوم العالمي للتسامح التي أقيمت بمدينة جاكرتا في إندونيسيا، وشهدت الكشف عن مشروع "إعلان السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني"، بتنظيم من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وبحضور معالي الشيخ عبدالله بن محمد السالمي وزير الأوقاف والشؤون الدينية الموقر.
حُضوري للمشاركة في هذا الحدث المهم بدعوة كريمة من معالي وزير الأوقاف والشؤون الدينية بالنسبة لي علامة مهمة في مسيرتي الصحفية والإعلامية؛ لأنني وبكل أمانة أشارك في حدث تاريخي وعالمي يضع السلطنة في مصاف دول العالم المُحِبَّة للسلام والإخاء، خاصة وأنَّ الحدث ينعقد تحت شعار "التعارف قيمة إنسانية مشتركة".
كلمة معالي الوزير في حفل الافتتاح، وخلال جلسة النقاشات والمداولات حول مشروع إعلان السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني، وبمشاركة عدد كبير من الباحثين والعلماء وداعمي السلام من مختلف دول العالم، كانت مؤشرًا حظي بترحيب واسع من قبل المشاركين، وتفاعَل مع هذا المشروع العُماني المهم والذي دُشِّن رسميًّا من العاصمة جاكرتا، بحضور عدد كبير من السفراء ممثلي الدول، والمنظمات الدولية والأممية المعنية بالسلام ونشر قيم الوئام والمحبة. ولقد أشاد هذا الجمع الغفير من السفراء وكبار المسؤولين في العالم بمواقف السلطنة الداعمة للسلام والوئام والمحبة والتعايش بين مختلف الشعوب، وأثنوا على الرسالة السامية من وراء هكذا احتفال، وما تضمنه من إطلاق معالي الشيخ وزير الأوقاف والشؤون الدينية، مشروع "إعلان السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني"، في توقيت بالغ الأهمية، حيث بلادنا الغالية تحتفل بذكرى عزيزة على كل عُماني وهي ذكرى العيد الوطني التاسع والأربعين المجيد. هذه الذكري الغالية تجسِّد مرحلة مهمة من تاريخ عُمان الحديث المشرق بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي رسم لعُمان خارطة طريق تطل من خلالها على العالم بقيم ومبادئ إنسانية سامية، ومد جسور التواصل مع العالم استنادا إلى مرتكزات السلام والوئام والتعايش المشترك والتسامح، من أجل تحقيق الاستقرار والتوازن المنشود في عالمنا المضطرب.
لا شك أن مشروع إعلان السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني يمثل إحدى أهم ثمار النهضة المباركة، والذي يحظى بدعم ورعاية سامية من لدن المقام السامي- أيده الله- لكي يُحقِّق أهدافه والنجاح المنشود. وهذا الإعلان يمثل مبادرة عمانية تنطلق إلى العالم، كما يشكل معلماً مهمًّا في تقدم المجتمع الدولي نحو تحديد دور القيم والأخلاق على صعيد الدول والأفراد مجتمعين أم منفردين على أساس من التضامن الفكري والمعنوي بين البشر، والذي يعد إحدى ضرورات التنمية والتقدم الاقتصادي لكل الشعوب، إلى جانب كونه الفضيلة التي تيسِّر إحلال ثقافة السلام محل ثقافة الحرب والصراع، من منطلق أن القيم والأخلاق الأساسية تشكل دعامات محورية لحقوق الإنسان وصون كرامته وحريته.
مولاي جلالة السلطان المعظم.. إنكم- أعزكم الله- من صنعتم لهذا الوطن المجد ورفعتموه إلى مراتب العزة والفخر، بصدق قائد حكيم وبعمق رؤية استشرافية سامية مبصرة للحق والخير، ويتجلى الوضوح في رؤيتكم الثاقبة وهو ما نستقرئه في خطابكم عندما ذكرتم حفظكم الله: "سياستنا الخارجية واضحة وضوح الشمس، فنحن نريد أن نصادق كل شعوب العالم، وتكون لنا علاقات معها".
إن مشروع إعلان السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني، يمثل وثيقة عالمية ستسهم بلا ريب في ترسيخ ودعم جهود السلطنة في نشر ثقافة التسامح والتعايش والوئام، انطلاقا من المسؤولية الأخلاقية التي تتحملها عُمان كونها دولة سلام واستقرار، وكُلي يقين لا يخالطه شك بأن هذا الإعلان سيحظى بدعم وتأييد دوليين، ليس فقط على مستوى القيادات الدولية، ولكن على مستوى الشعوب والمنظمات المحبة للخير والسلام والوئام.