صراعات ما قبل الحداثة

 

د. أمجد ريان| شاعر وناقد مصري

 

مثلما يرى "غالى شكرى"، فإن توقف مجلتى "الرسالة" و"الثقافة" قبيل ثورة يوليو بأشهر قليلة، يعبر عن انتهاء مرحلة ثقافية وأدبية إلى الأبد، وبدء مرحلة جديدة لايزال تأثيرها واضحاً فى بعض التيارات الفكرية والثقافية بشكل عام، وهى الفترة التى يمكن أن يشكل عاما 1919م، و1952 بدايتها ونهايتها.

وقد عبرت الاتجاهات الفكرية والثقافية فى هذه المرحلة الدقيقة عن أوضاع اجتماعية ذات طابع جديد وكان من الطبيعى أن يدور صراع حامى الوطيس بين التيارات التى تسعى لإنجاز خطوة جديدة فى التاريخ من جهة، والتيارات التى تعبر عن هذا الحرص الأعمى المتشبث بالمواقع التقليدية المحافظة من جهة أخرى.

كما شهدت الساحة الفكرية والثقافية ظاهرة جديدة غير مسبوقة هى هذا النكوص الفكرى الذى أبداه بعض دعاة التجديد فى بداية هذا القرن، بل وبعضهم كان مرتبطاً بوهج ثورة 1919، فأصبحوا يمثلون نماذج للتراجع والارتداد الفكرى، بعد أن تجاوزتهم حركة الواقع مطـردة النمو.

وكان التيار العلمانى قد ولد وانتعش بداية من جهود واحد مثل رفاعه رافع الطهطاوى.. وقد تفاعل هذا التيار بأشكال مختلفة فى الواقع، وتوسع على أيدى مجموعة مهمة من المثقفين، منهم: لطفى السيد، وقاسم أمين، وطه حسين، والعقاد، وهيكل، ثم سلامة موسى، وإسماعيل مظهر وتوفيق الحكيم، وغيرهم.

وكانت الشيخوخة التى أصابت الحياة والبرجوازية المصرية بشكل عام، جعلت الفكر الذى كان يقود المجتمع يتراجع للخلف لكى يفسح المجال لمنطق حضارى وفكرى وثقافى جديد.

عرفت التيارات الجديدة التى غيرت وجه الثقافة أسماء الشباب الجدد، وهى أسماء مهمة طرحت إنجازات رفيعة المستوى فى الثقافة والأدب، منها: نجيب محفوظ ومحمد مندور ولويس عوض وطاهر لاشين وغيرهم، هؤلاء الذين طرحوا إنجازاتهم الإبداعية فى ظل ظروف اجتماعية صعبة، وتحرش فكرى من قبل الاستعمار، والإقطاع والسلطات المستبدة والتخلف بشكل عام. علاوة على سطوة الاتجاهات الفكرية والثقافية السابقة المتشبثة بمواقعها.

....

هامش:

عن كتابي "صراعات ماقبل الحداثة" - تحت الطبع

تعليق عبر الفيس بوك