عُمانية من ذهب

 

خالد الصبحي

يقسو البعض على المرأة متهما إياها بالتقصير في بعض الجوانب الخاصة بها كأم ومربية لحساب الوظيفة والخروج للعمل وهم لا يدركون شَغفها لتحقيق ذاتها من خلال ما تختزنه من طاقات متوقدة وقوى فطرية قادرة على إحداث التغيير والتوازن بين رسالة الأمومة وحاجة مجتمعها الملحة وخاصة في بعض المجالات التي تقتضي حتمية وجودها.

وعلى العكس من ذلك نجد في مجتمعنا نماذج من النساء استطعن ردم الهوة وخلق توازن بين تحقيق الذات والطموحات والنظر للمستقبل وبين رسالة التنشئة والتربية وعواطف الأمومة. وفي المشهد تتضح أمامنا صفات التضحية عند المرأة. ونتيجة لما حضيت به المرأة في العهد الزاهر استطاعت أن تقدم نفسها في شتى المجالات. فلأكثر من اربعة وعشرين سنة ماضية عرفتها معلمة شدني تميزها، قدوةً لطالباتها ، أين ما سارت خطاك تسبقك بصمتها على جوانب مدرستها. كانت مغرمة بالبحث من أجل التطوير واقتراح الحلول لبعض الظواهر والمشكلات التربوية فقدمت الابحاث والرؤى والإستراتيجيات وكانت تحصد مقابل ذلك شهادات الشكر ومزيد التقدير. وكانت أثر لزميلاتها عندما أصبحت مشرفة تضع بصمتها عند كل زيارة آخذة بالإفادة والاستفادة والتوجيه وابتكار طرق تدريس مختلفة تساعد الطلاب على التعلم.

وخلال ذلك استحدث قسم معني بتوظيف التكنولوجيا بالتعليم، ونظير تميزها أسند لها تأسيسه فوضعت اللبنات الأولى له من وثائق ولوائح ومهام، وكللت جهودها في ذلك بأن خطت أناملها كتاب علمي كمدخل للتعليم الالكتروني أفردت به فصلا لمبادرات المدارس والمعلمين الخاصة بالتعليم الرقمي والتعليم عن بعد. وقادت العديد من اللجان وفرق العمل كرئيسة ومقررة وعضوة داخل المؤسسة وخارجها ، ولا عجب من حرص المسئولين من طلبها بالاسم، حيث متابعة محاضر الاجتماعات وتوصياتها، ليتمكن المعتذر من فهم تفاصيل ما دار بها وباحترافية في التنظيم والعرض.

ولأنها تواقة للإنجاز ولديها المقدرة على شحذ الهمم وتوازن إمكانياتها على المستوى الإداري والفني عملت بالمكاتب ذات الصبغة الاعتبارية والتي تقترح السياسات التربوية ومراجعة الاستراتيجيات الداعمة للتعليم. وقد أتاح لها العمل التقني وفي المستويات الإدارية العليا توظيف مفاهيم الإدارة الحديثة مثل إدارة التغيير وقيادة فرق العمل وإسناد الصلاحيات والتفويض وإدارة الأزمات ووضع الخطط المالية والتنفيذية وبرامج التحفيز وخلق الشراكات مع مختلف الجهات. ولأن الوقت كان بالنسبة لها الإنجاز ك، واصلت المسار التعليمي إلى الدكتوراه، وهي على رأس عملها، وتعدد مستويات الوظائف الادارية التي شغلتها في دوائر مختلفة حيث الخبرة بالنسبة لها تختلف عن سنوات العمل. تعتلي اليوم منصب يحفزها إلى مزيد من العطاء، ذاكرتها ح’ـبلى بما تختزنه وما تطمح لتحقيقه ،أجندتها مزدحمة بالمهام والمشاريع والأفكار المتعلقة بالعناصر الأولى والأساسية للعملية التعليمية، الطالب والمعلم والمدرسة، حازت رضا المجتمع والزملاء. نجاحات ولدت من رحم المعاناة، فثمة تحديات لا تشتهي من يعمل من أجل الآخرين ويعلي قدرهم!!

سيرة ذاتية عجزت عن تقليب صفحاتها في خضم ذلك كله لم تنسى دورها كأم، فمن كانت كذلك حق لها أن تسعد بمن جلس على مقاعد أعرق الجامعات ديناً وعلماً وخلقاً، فاستحقت العُمانية بذلك أن تكون من ذهب.

تعليق عبر الفيس بوك