مبادرة "ظفار خضراء مستدامة"

علي بن سالم كفيتان

 

قبل شهر ونيف، نال وسم #ظفار_خضراء_مستدامة، الترند على تويتر، وعند متابعتي وجدت أن معظم المهتمين والمعلقين ليسوا من النخب التي تعمل في مؤسسات حماية البيئة بالسلطنة، بل شباب متحمسون تدفعهم الغيرة الوطنية لحماية ما تبقى من بيئة ظفار الجميلة والنادرة، وإعادة تأهيل المناطق المتضررة بالتصحر، وكان الزخم قويًّا لدرجة أنهم مستعدون لحمل المعاول والتوجُّه للمناطق المتصحرة وإعادة زراعتها بالأشجار المحلية، وكناشط بيئي رأيت في هذه المبادرة نبضًا جديدًا في الجسم الذي حُكِم عليه بالموت البطيء.

يُحاول منذ عدة أسابيع مجموعة من الخبراء والمتطوعين البيئيين تأطير هذه المبادرة الوطنية واستغلال هذا الزخم الشعبي الكبير، عن طريق صياغة آلية قانونية تشكل المظلة التي يُمكن العمل تحتها. وحسب اطلاعي، فإن العائق الأكبر يكمُن في إمكانية الحصول على موافقة من وزارة التنمية الاجتماعية لإشهار المبادرة؛ فالكثير من التجارب المماثلة مضت عليها سنوات ولم ترَ النور، ومن ثم ماتت في مهدها، وهذا ما لا نتمناه لمبادرة ظفار خضراء مستدامة التي ما زالت جذوتها تتقد بقوة، وبإمكانها تجنيد آلاف الطاقات المخلصة للعمل -كل في مجاله- ابتداءً من القدرة على إقناع المجتمع المحلي وحتى التخطيط والتنفيذ على أرض الواقع، فهل يكتب لهذه المبادرة النجاح؟!

لقد وصلت الأحلام لأبعد مما يتوقعه المسؤول الحكومي المعني بحماية البيئة ومكافحة التصحر وأعضاء المجالس المنتخبة، فقد وجدت طفلا صغيرا قال لي "سنعيد زراعة ما خسرته أرضنا، وستصبح ظفار جنة مرة أخرى"، والعجب ليس من صغر سنه، ولكن من قوة إصراره وحتمية النتيجة التي يسعى إليها، كما لفت انتباهي اهتمام أحد الإعلاميين البارزين في السلطنة، وانغماسه في أتون هذه المبادرة، وتبنيه لها، وفي ذات الوقت هناك المهندس الذي تبرَّع بوقته وماله وجنَّد كل طاقاته لإنجاح هذا الجهد الوطني بعيدا عن كل الاعتبارات، وكم كان جميلًا أن ترى رجال أعمال يبدون استعدادهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بيئة ظفار.. لقد عاد الأمل مجددا، وليس عبر أروقة الوزارات ولا الهيئات والمنظمات، بل عبر شعور وطني مخلص، فهل ينجح هذا الجهد أم سنشترط له كومة من الإجراءات الورقية حتى يذبل ويموت؟

إذا كان يحق لي أن أدعو رجلا لدعم هذا الجهد، فسوف يكون معالي السيد وزير الدولة ومحافظ ظفار، لثقتي بإيمانه العميق لحماية البيئة الطبيعية؛ فقد استلهمت ذلك من مقابلتي لمعاليه منذ بضعة أشهر؛ حيث حدثني كثيراً عمَّا آلت إليه الأمور من فقدان للأشجار والشجيرات وتغير الظروف المناخية، وما ترتب على ذلك من خسائر بيئية كبيرة، وأذكر أنه مع نيل معاليه الثقة السامية ليكون وزيرا للدولة ومحافظ ظفار تبنَّى مع المختصين بجامعة ظفار ندوة عن التصحُّر في محافظة ظفار، عُرضت فيها أفكار خلاقة، وفي ذات الوقت فإن سعادة الشيخ نائب المحافظ الحالي رجل عمل لسنوات طويلة في الحقل البيئي والبلدي، وله إسهامات في مجال دعم الجهود الأهلية؛ لذلك نتوقع دعما غير محدود من مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار لإشهار مبادرة ظفار خضراء مستدامة.

لا يُمكننا التحدُّث عن المبادرات البيئية في السلطنة بعيداً عن الدور الريادي لجريدة "الرؤية"، والتي تبنت منذ ثلاثة أعوام "منتدى عُمان البيئي"، ولا شك أن المكرم حاتم الطائي رئيس التحرير سيكون الداعم الأول لإنجاح مثل هذا المبادرات، وجعلها إحدى قصص النجاح في "منتدى عُمان البيئي" الرابع العام المقبل بإذن الله تعالى.

alikafetan@gmail.com