المشكلات السلوكية لدى الأطفال

وفاء الزعابية

سلوكيات الأطفال بين السلبية والإيجابية ونحن كأولياء أمور ومختصين بالمجال التربوي نسعى دائماً إلى تعديل سلوك الأطفال السلبي، والجدير بالذكر أن الفترة التي يقضيها الطفل في اكتساب هذا السلوك السلبي هي أقل بكثير من الفترة التي نحاول جاهدين فيها تعديل هذا السلوك.

لكن لا بد لنا أن نؤمن بأنَّ الحل موجود وخلال هذه الفترة نحتاج إلى بعض الصفات التي تعتبر بمثابة عوامل مساعدة أولية للتخلص من هذا السلوك أهمها توضيح الهدف من تعديل أو تحسين السلوك السلبي والصبر وعدم الاستعجال وقد تختلف المدة من سلوك إلى آخر وأهم ما يجب أن تتصف به في هذه المرحلة هو الحب والعطاء اللذين سيساعدان بصورة كبيرة في حل هذه (المشكلة)من وجهة نظر المربي وهي بالحقيقة ليست مشكلة في معظم الحالات إنما هي مؤشر يدل على صفة إيجابية في شخصية الطفل. وكل الصفات التي يجب أن تتصف بها من خلال هذه الفترة تندرج تحت محور واحد وهو الاهتمام وهذا يعني أنه توجد علاقة طردية بين الاهتمام وسلوك الأبناء فكلما زاد الاهتمام بجميع جوانبه زاد معه في الطفل سلبيات وإيجابيات هذا السلوك.

علينا ألا نسعى دائمًا لأن يكون كل سلوك أطفالنا إيجابيًا دائماً بل نترك لهم مساحة لتجربة السلوك السلبي وذلك لغرض معرفة عواقبه وهنا لا نقصد السلوكيات التي بها خطر على حياة الطفل فمثل هذا السلوكيات لا بد أن يمنع العبث بها، وغالباً ما يحاول الآباء جعل أطفالهم خالين من أي سلوك سلبي وهذا من وجهة نظر تربوية خطأ لأنه لا يوجد شخص في هذا الكون لا يتمتع بسلوك سلبي واحد أو صفة سلبية واحدة على أقل تقدير ولكن وعيهم ومعرفتهم لهذا السلوك السلبي وجوانبه وعواقبه وكيفية التعامل معه يجعل التحكم فيه والسيطرة عليه أسهل، ونحن اليوم نستقبل شكاوي يومية تقريباً من معلمات ومعلمي أبنائنا تتضمن تشخيصاً لسلوك معين على أنه سلوك مرضي ونأسف أن نقول ذلك وهنا لا بد أن نكون على دراية ووعي لمعرفة الفرق بين السلوك العرضي والطبيعي والسلوك المرضي.

كما أننا لا بد لنا من التنويه إلى أنَّ بعض الضغوطات الكلامية والتعليقات التي لا حصر لها والنظرات والانزعاج التي يتعرض لها كل من الأب والأم بسبب تصرفات وسلوك ابنهما يؤثر على كلاهما وهنا بدلاً من من أن يهتما بتعديل وضبط هذا السلوك يلجأ كل منهما إلى الانعزال عن الناس وترك التجمعات العائلية تجنباً لكلام الآخرين وظناً منهما بأن في هذا الحل، وبالتأكيد هذا ليس حلاً.

لكل سلوك أنواع ولو أخذنا بعض السلوكيات وأنواعها للتوضيح فعلى سبيل المثال العناد له عدة أنواع، العناد العرضي ويحدث عند الصغار والكبار عند الغضب ويزول بعد هدوء الشخص ومراجعة تصرفاته. والعناد المتكرر السلبي يتمثل في رفض التوجيهات والإرشادات وهذا ما يمكن للأب أو الأم أو المربي علاجه بمفرده بالاهتمام تارة والتفاعل تارة وبخطة متبعة ليتم التقليل من هذا السلوك. والعناد المتكرر الإيجابي إذ من الممكن أن يصر الطفل على القيام ببعض الأعمال الإيجابية الصائبة تماماً ولكن قد يكون التوقيت غير مناسب وهذا العناد بالذات مثال واحد فقط. وهناك نوع آخر وهو العناد المرضي ويصاحبه حالات نفسية وعصبية إذ يرتفع مستوى بعض الهرمونات بالجسم والتشنجات العصبية وتخريب أو تكسير الأشياء القريبة من الطفل ويصاحبه إغماء وتبول لا إرادي وهذا النوع يحتاج إلى أخصائي اجتماعي ونفسي.

وإذا تطرقنا إلى سلوك آخر ينقسم إلى نوعين أيضًا وهو فرط الحركه الذي أصبح على لسان معظم أولياء الأمور والمعلمين والمعلمات حتى أصبحوا يشتكون من هذا السلوك وهذا السلوك ينقسم إلى نوعين فرط حركة إيجابي ويمكن التعامل معه طبيعياً وهناك فرط حركة سلبي حيث لا يمكن التعامل معه إلا بتوصيات من المختصين بسلوك الأطفال.

ما أردت التنويه له أن سلوك الأطفال الذي يراه بعض أولياء الأمور أو المعلمين والمربين أنه غير مرضي ومزعج وقد يكون مؤشرا لصفة مميزة عند الطفل أو للفت الانتباه فهذا الطفل ليس بمريض هو فقط يحتاج إلى اهتمام وحب ورعاية لتفهمه أكثر.

أطفالنا يحتاجون الوقت لنجلس معهم والتحدث إليهم ونهتم بهم اهتماما نفسيا واجتماعيا ومعنويا وماديا أيضاً، كونوا قريبين لهم..راقبوهم عن بعد وقرب..علموهم تحمل المسؤولية والقوة عند الخطر علموهم أهدافاً بالحياة علموهم السعادة وكيف يسعدون أنفسهم أخبروهم وكرروا لهم، إننا خلفاء الله في الأرض وحتى نصل معهم هذه النقطة لا بد أن نكون لهم ومعهم ونحتويهم ونغمرهم بحب غير مشروط وحكمة ورعاية واهتمام.

أبناؤنا ثروة عظيمة فلنستثمرها بكل ما أوتينا من حب وحكمة وصبر وأمل بأن يكونوا ذخرا للدين وللوطن.

تعليق عبر الفيس بوك