المجر.. استثمارات واعدة على ضفاف الدانوب

حمود بن علي الطوقي

 

لم أتوانَ عن تلبية الدعوة لمرافقة وفد غرفة تجارة وصناعة عمان إلى كل من المجر وبولندا، وتحمّستُ لهذه الزيارة ومرافقة وفد رجال الأعمال؛ وذلك للتعرف عن قرب على هذين البلدين، اللذين بدأت العلاقات الاقتصادية بينهما والسلطنة تأخذ منحنى جديدا، وبأهداف استراتيجية، ويأتي تسيير غرفة تجارة وصناعة عمان لوفد يضم عددًا من رجال الأعمال ومسؤولين من مجلس الدولة وإثراء دليل على أنّ هناك مجالات وفرصا استثمارية واعدة ومفيدة للجانبين.

غرفة تجارة وصناعة عمان ترى أنّ هناك حاجة لتنمية العلاقات التجارية والاستثمارية مع المجر وتعتبر أنّ العلاقات الحالية تعتبر متواضعة بالمقارنة مع الدول الأوروبية الأخرى التي تربطها علاقات اقتصادية مع السلطنة، وتشير الأرقام إلى أنّ إجمالي التبادل التجاري بين السلطنة وجمهورية المجر متواضع جدا حيث بلغ مع نهاية 2018 مبلغا وقدره 8 ملايين ريال بانخفاض وقدره 20%.

هذا الانخفاض كان أحد أسباب هذه الزيارة، وذلك للبحث عن آفاق جديدة للتعاون ودفع العلاقات إلى مستوى متقدم، سعيا نحو توثيقها من خلال العمل بصورة مكثفة لإيجاد شراكات واستثمارات متنوعة ترفد اقتصاد البلدين وتتيح المجال للاستفادة من الخبرات والإمكانيات المتاحة لدى الشركات المجرية لاسيما في القطاعات الواعدة والتي تحقق التنويع الاقتصادي مثل الصناعات التحويلية والسياحة والنقل والخدمات اللوجيستية وتقنية المعلومات والاتصالات والثروة السمكية والأمن الغذائي.

أجزم أنّ غرفة تجارة وصناعة عمان لديها أهداف عديدة من هذه الزيارة، فالغرفة تهمها تنمية العلاقات الاقتصادية مع مختلف دول العالم، وما يميز السلطنة أنّها قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية نظرا لموقعها الاستراتيجي ومواقفها السياسية ونظرتها الإيجابية في مختلف القضايا، ولا شك أنّ وفد الغرفة الذي يضم عددا من رجال الأعمال ومسؤولين من مجلس الدولة وإثراء يجسد الرغبة المشتركة لتأسيس وتطوير العلاقات وإقامة مشروعات تجارية واستثمارية وتبادل الخبرات في المجالات والقطاعات ذات الاهتمام في كلا البلدين الصديقين.

ويدرك القطاع الخاص العماني أهميّة الاستفادة من التقنيات المتقدمة في هنغاريا؛ لاسيّما في قطاعات الصناعة والطاقة الكهرومائية وهي مجالات تحظى بأولويّة في الخطط التنموية في السلطنة، وسيكون لهذا التعاون نتائجه الإيجابية على اقتصادنا الوطني.

هناك بوادر مبشرة بتنمية العلاقات مع جمهورية المجر، وقد كللت تلك الجهود بدخول السلطنة في عدد من الاستثمارات المشتركة في مجالي النفط والغاز والسياحة، ووقعت شركة النفط العمانية اتفاقية لشراء ما نسبته 8% من أسهم شركة مول المجرية للنفط والتي تعمل في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات، وتعتبر من كبرى الشركات العاملة في صناعة النفط والغاز في كُلٍّ من المجر وسلوفاكيا وكرواتيا وهي أكبر منتج لمادة الإيثلين ومشتقاته في أوروبا، كما أتمّ الصندوق الاحتياطي للدولة في عام 2011 صفقة شراء فندق فور سيزين وهو من الفنادق الضخمة في العاصمة المجرية بودابيست.

رغم حداثة العلاقات بين السلطنة وجمهورية المجر إلى تعود إلى عام 1990 إلا أنّ هناك رغبة لتعزيز وتمكين العلاقات ودفعها إلى آفاق أرحب، ويتطلب ذلك زيادة وتيرة تبادل الزيارات بين المسؤولين في كلا البلدين، وإيجاد علاقات متواصلة مع المؤسسات التجارية بين البلدين، وأهم من ذلك كله تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين الجانبين، كما نعتقد أنّ هناك فرصة كبيرة لإمكانية تسيير رحلات للطيران العماني إلى المجر لموقعها المتميز وتعد محطة مهمة لوقوعها وسط وشرق أوروبا.

أجزم أنّ الغرفة بقيادتها الشابة تستطيع أن تقود القاطرة خلال المرحلة القادمة لرسم خارطة الطريق نحو تعزيز مكانة السلطنة كدولة مهمة وجاذبة للاستثمارات الأجنبية.