أنيسة بنت إبراهيم بن عباس الهوتي
منذ كُنا أطفالا ونحن نتغنى بكلمات تعلمها أغلبنا في المدرسة، ومن ثمّ علمها لغيره ممن لم يرتد المدرسة، كلمات مفردة تشكلت إلى عبارة مقدسة عند كل واحد منا وهذه الكلمات هي (آلله، الوطن، السلطان) كنا نتغنى بها ونحن نشعر بالقوة والطاقة والحماسة الشديدة، ومنه نشأ العماني الصغير آنذاك - والأجيال التي أتت بعده - على حب الوطن والسلطان وأساس هذا الحب وهذه الطاعة طبعا هو ديننا الحنيف الذي يحث علينا ويعلمنا طاعة ولي الأمر، وقيمة الأم ثم الأم ثم الأم، وطبعا الوطن أم، وحب الأم هو أساس الاستقرار والارتكاز في حياة الإنسان.
وهؤلاء الأبناء البارون لهذه الأم من جيل السبعينيات إلى الثمانينيات بنوا بسواعدهم أساسات هذا الوطن وحملوا على أكتافهم أعمدته ورفعوا جدرانه وسقفه وبنوا دار الأمن والأمان. وشاركوا في تحريك عجلة التطور من خلال دراساتهم وأعمالهم ومجهوداتهم الوطنية في شتى المجالات للارتقاء بهذا الوطن الغالي وهذه الأم الحبيبة جنب بجنب مع أجيال الستينيات الخمسينيات والأربعينيات وقبلهم ممن كانت لهم الخبرة الحياتية وكانوا هم الأحكم والأعقل في مختلف الأمور. ولا شك أبداً أنّ الوطن يتطور بتطور مواطنيه والمجتمع يتمدن بتمدن الشعب الذي يعيش فيه. ومنذ يوم النهضة إلى يومنا هذا 49 عاماً من العطاء غير المتوقف لهذا الوطن من قائده وابنه البار جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم وأبنائه وإخوته العمانيين، الذين عرفهم التاريخ بتلك الصفات ولازالوا يُعرفون بالكفاح والعمل والجهد والاجتهاد دون كلل وملل.
نعم، لم تتوقف العجلة ولن تتوقف ما دام العطاء مستمرا من أبنائها كل جيل بعد الآخر، وتواكبت الأجيال وراء بعضها البعض وها هي تتنافس على العطاء لأجل تدوير عجلة التطوير، إلى أن زادت طاقة التشغيل الدورانية مع أجيال التسعينيات والألفية وبالمقابل طاقة الاستيعاب الحركية للعجلة لم تكبر فبالتالي خرجت لنا معادلة الإنتاج والتطوير هنا بنتيجة سالبة!
وإن جئنا نحللها بتشبيه فيزيقي نرى أنه عندما تكون لدينا طاقة تحريك لمولد يولد لنا ألف كيلوواط والعجلة لدينا تتحرك فقط بطاقة 500 كيلوواط فإنّ هذا يعني أننا نعاني خسارة وهدر في الطاقة التي ينتجها المولد بنسبة النصف أوالثلث!
ونسبة هذا الهدر هائل وكبير وليست من الصالح العام للوطن أبدا خاصة أننا نواكب العولمة في السنين الأخيرة، وسرعة التطور، ازدادت أضعاف أضعاف في العالم حولنا. إذن علينا السعي لمعالجة الوضع الحالي حتى يتوقف إهدار هذه الطاقات المفيدة بإيجاد حلول سريعة لزيادة كمية استيعاب عجلة التطور حتى لا تستنزف وتهدر.
شبابنا الباحثون عن العمل طاقات وطنية مهدورة علينا استيعابها والاستفادة منها في شتى المجالات المهنية فهم المستقبل القادم للوطن هُم قادة المستقبل وهُم (رأس المال) الأساسي للوطن قبل البترول والزراعة والتجارة والصناعة وأي استثمار يتصنف في لائحة الإيرادات الوطنية والعالمية.
طاقات الشباب أثمن من ملايين الدولارات وأغلى من براميل النفط والغاز وغيرها، فهذه الطاقات هي أساس تحريك جميع المجالات المرتبطة بتدوير عجلة التطوير، وأبسط هدر فيها يؤثر على الفائدة فما بالنا برأس المال!