"فايننشال تايمز": الحروب التجارية تدفع الاقتصاد العالمي إلى حافة الهاوية

ترجمة- رنا عبدالحكيم

قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن الاقتصاد العالمي لا يزال يتأرجح، ومن غير الواضح ما إذا كان سينزلق نحو ركود تام، أم أنه سيتجه فقط لفترة من الركود المؤقت.

وأوضحت الصحيفة في افتتاحيتها أنه في كلتا الحالتين، يجب أن تكون البيانات الاقتصادية التي تم نشرها الأسبوع الماضي بمثابة قرع لجرس الإنذار. ويحتاج السياسيون إلى النظر إلى ما وراء نضالاتهم الوطنية قصيرة الأجل نحو الصورة الأكبر للاقتصاد الدولي الذي بدأ يتراجع تحت وطأة الحروب التجارية التي خاضتها على جبهات متعددة.

وكان مسح لشركات التصنيع في السويد أول تحذير تم إطلاقه هذا الأسبوع، بعدما كانت في السابق محصنة ضد التباطؤ العالمي في الطلب على السلع الصناعية، إلا أن استطلاعًا للرأي نُشر يوم الخميس الماضي أظهر أنه خلال شهر سبتمبر، تباطأ النشاط في المصانع السويدية بشكل كبير منذ عام 2008.

وأدى مسح مماثل في الولايات المتحدة، إلى انهيار الأسواق. وأشار الاستطلاع الذي أجراه معهد إدارة التوريد إلى أن قطاع التصنيع الأمريكي يعاني الانكماش للشهر الثاني على التوالي؛ حيث كانت وتيرة النمو هي الأبطأ منذ عقد. وتراجع مؤشر "فوتسي 100" للأسهم، مع أسوأ انخفاض له في يوم واحد منذ يناير 2016. وتبعه في التراجع مؤشر ستاندرد آند بوز 500 الأمريكي ومؤشر ستوكس 600 في أوروبا.

ومع ذلك، أكدت استطلاعات الرأي في قطاع الخدمات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا يوم الخميس، أحد أكبر المخاوف للاقتصاديين، حيث بدأ الانكماش في التصنيع وآثار الحرب التجارية تمتد إلى الطلب المحلي على الخدمات. وأشار مسح ISM غير التصنيعي بالولايات المتحدة إلى أبطأ معدل نمو لمدة ثلاث سنوات، مما أثار مخاوف من أن الاقتصاد المحلي القوي في السابق لا يمكن أن يعوض الضعف الدولي.

ولم تعانِ ألمانيا، التي تمثل الركيزة الأساسية للصناعة الأوروبية، من التباطؤ بسبب الحرب التجارية وحسب، بل أيضًا بسبب ضعف النمو في المملكة المتحدة، التي تعاني من آثار اضطراب "البريكست".

وثمة أسباب جديدة للقلق أيضا؛ حيث يظل الاتحاد الأوروبي في موقف المتفرج في خضم الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين حتى الآن، لكنه يواجه 7.5 مليار دولار من الرسوم الجمركية الأمريكية المتعلقة بالنزاع حول مساعدة الدولة لشركة إيرباص لصناعة الطيران. ومن المقرر أيضًا أن يتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا بحلول منتصف شهر نوفمبر بشأن فرض رسوم جمركية على واردات السيارات الأوروبية.

وربما كان التباطؤ الاقتصادي في الصين أمرًا لا مفر منه، تواجه البلاد عددًا كبيرًا من المشكلات الهيكلية، إلى جانب الحرب التجارية مع الولايات المتحدة. فالاحتجاجات في هونج كونج، وهي مركز مالي مهم، تسببت في عدم استقرار الأعمال والاستثمارات. وفي جزء آخر من آسيا، تخوض كوريا الجنوبية نزاعا تجاريا مع اليابان حول التعويض عن العمل القسري في زمن الحرب. وتواجه الهند أزمة ائتمانية بعد تجربتها في القروض المتعثرة وفرض ضريبة مبيعات جديدة.

كانت الولايات المتحدة حتى الآن في مأمن بصورة نسبية مقارنة بباقي العالم. بينما تحملت آسيا وأوروبا، اللتان تعتمدان بدرجة أكبر على التصنيع، وطأة الحرب التجارية. ومع ذلك فالضعف العالمي الآن يحوم حول الاقتصاد الأمريكي أيضا.

لدى السياسيين جميعهم أسباب لاستمرار الصراعات الإقليمية، مع تصاعد المشاعر من جميع الجهات. لقد فعل محافظو البنوك المركزية ما بوسعهم في أوروبا والولايات المتحدة لتخفيف السياسة المالية والمساعدة في دعم الاقتصادات، لكنهم لا يستطيعون فعل الكثير في مواجهة الحرب التجارية.

واختتمت الصحيفة قائلة إن الكثير من الأضرار التي لحقت بالاقتصاد العالمي على مدار العام الماضي نابعة من قلب هذه الاقتصادات، ولا يزال بإمكان صناع القرار الابتعاد عن الحافة وإنهاء التصعيد في النزاعات التجارية، فعلى الجميع أن يغتنم الفرصة قبل فوات الأوان.

تعليق عبر الفيس بوك