لغة الإشارة حق للجميع

 

سعيد بن محمد البداعي

خبير لغة إشارة وقضايا الصم

 Flag919@hotmail.com

 

تُعد لغة الإشارة من اللغات التي يتواصل بها كل إنسان على وجه الأرض تقريبا وهي اللغة التي تتشابه فيها المصطلحات في كل لغات العالم بشكل عام فمنذ أن يفيق الشخص من نومه حتى يعود إلى فراشه وهو في تواصل إشاري قد لا يدرك الكثيرون ما يقومون به وتأديته أثناء الحديث مع الآخرين أو حتى مع الذات وحتى في تأملاته مع نفسه ويبدو المشهد واضحا عندما يتواصل الشخص بالهاتف مع الآخرين تجده وبتلقائية يومئ برأسه أو يحرك يديه وتتجلى انطباعاته على تعابير وجهه أو جسده وهذه كلها تنضوي تحت لغة الإشارة الشاملة. الكل يعرف الرمز الإشاري لكلمة تعال أو اذهب مثلا أو اجلس وتأتي مكملة للحوار اللفظي أو مؤكدة عليه وأصبح واضحا وجليا أن نفرق بين أن نرمز بنعم إيماء الرأس إلى الأمام وبكلمة لا بلف الوجه على اليمين واليسار وللتبسيط أكثر فالتحية برفع اليد مبسوطة أو الوداع بهز الكف المبسوط بباطن اليد المتجه إلى المودَع. لاسيما وأنَّ استخدام لغة الإشارة يصبح أداة تواصل هامة ورئيسية في أماكن الضوضاء أو التواصل من مسافة لا يتمكن المرء من سماع الصوت أو من خلف الزجاج أو حتى في الأماكن التي لا يستطيع المرء فيها التحدث كالاجتماعات وغيرها. فشرطي المرور في الشارع يؤشر لتنظيم حركة السير والمارش الذي يوقف الطائرات في مكانها وقائد الموسيقى (المايسترو) وحكام المباريات بمختلف الألعاب وكذلك اللاعبين وفي البورصات العالمية. إذا الكل يؤشر الصغير والكبير ومن جميع الأجناس لذا من الأهمية الاحتفال باليوم العالمي للغة الإشارة والذي يصادف 23 من سبتمبر من كل عام والذي جاء شعاره هذا العام (لغة الإشارة حق للجميع).

لكن من أنسب وأكثر طرق الاتصال استخداماً للغالبية العظمى من الصم ويعدونها وسيلتهم الرئيسية المعالجة لكافة المواقف الحياتية السعيدة والمؤلمة على حد سواء. ويعتمد عليها في فهم ما يدور حولهم من أحداث ومجريات وتناقل الأخبار والمعلومات وتبادل الذكريات والنصح والمشورة فيما بينهم والآخرين. وتتضح أهميتها لما يعتبرونها الحياة ذاتها وضرورية لنموهم ونمو شخصياتهم وتحررهم من قيود اللغة اللفظية التي يعجزون عن فهمها والتعامل بها، وتقلل من إحساسهم بالفشل والشعور بالدونية الناتج عن هذا العجز، وهي الأداة التي تربطهم بالعالم المحيط وتساعد على نمو الكلام ودقة التعبير واكتساب التعليم والتدريب بسهولة، وذات تأثير بالغ على تكيفهم النفسي والاجتماعي والتحصيل الأكاديمي وذات انعكاسات إيجابية على شخصياتهم بصفة عامة. كما إن لكل واحد من الأشخاص من ذوي الإعاقة اسمه الإشاري أو الذي يرمز بإشارة تحددها حركة ملازمة للشخص أو موقف ما أوعلامة في جسمه الظاهر. وحتى أفراد أسرة الشخص الأصم وجميع المتعاملين معه من زملاء الوظيفة والمعلمين والمترجمين ..إلخ.

ومن خلال الواقع الذي يعيشه الأشخاص الصم تتجلى تحديات تعترضهم في مختلف التعاملات وفهم ما يدور حولهم لتسهيل إجراءاتهم. فلغة الإشارة التي يتواصل من خلالها الأشخاص الصم في ما بينهم ومع الآخرين، تتكون من مجموعة من حركات اليدين وتعابير الوجه والإيماء الجسدي يرافقها حركة شفاه ومتابعة بالنظر للتعبير برموز مختارة بعناية فائقة من الأشخاص الصم أنفسهم وذات مدلول ثقافي أو مكاني أو معرفي يعبر بها عن الأفكار والمواقف والمشاعر ضمن سياق زماني ومكاني محدد وهي لغة غير مكتوبة ولا منطوقة لفظاً. مما يسهل عليهم التواصل الإشاري الذي يشكل قيمة حضارية رائعة ومتنفسا لهم من عقد التواصل اللفظي الذي يمقتوه عند الاصطدام به خاصة في الأماكن الخدمية التي من الواجب على القائمين عليها تذليل عقبات وصول الأشخاص الصم إلى مختلف الخدمات المقدمة والاستفادة منها ووضوحها وما يكتنفها من إجراءات وقوانين بتعليم مقدمي الخدمة المباشرة لغة التواصل الإشارية خاصة الخدمة التي تحمل خصوصية هامة كالحسابات البنكية والأحوال الشخصية.

تعليق عبر الفيس بوك