نور العلماء في عُمان

...
...
...

 

سند بن حمد بن محمد المحرزي

 

الحمد لله الذي سهل طريق العلم للعلماء العاملين، وأصلح ذراريهم يوم الدين، وبعد....

فقد اشتهرت أسر في عمان بتسلسل العلم في رجالها، واستمرت على ذلك قرونا عديدة وأزمنة مديدة، فكانوا بعمان نورا يهتدى بهم في الظلم، ومنارة شامخة للعلم، ومقصدا وموردا لفض المشكل والمبهم، منها أسرة آل مداد وأسرة آل مفرج وأسرة آل أحمد بن موسى العزري الأزكوي  وغيرها، وهي أسر عريقة، ومن بين تلك الأسر أسرة آل حسين بن شوال من بني حسين أهل بلدة محليا من وادي عندام بنيابة سمد الشأن في ولاية المضيبي، تسلسل العلم في رجال هذه الأسرة فهم أهل علم وفضل، وهم  محور حديثنا في هذه الكلمات العابرة.

وبعد هذا نقول بأن الله تعالى أكرم أهل عمان بأسر كثيرة يتسلسل العلماء فيها عبر تاريخها، منها أسرة آل حسين بن شوال الذي هو من قبيلة بني حسين العريقة، وليس حسين بن شوال هو من تنسب إليه القبيلة بأسرها بل هو جد الأسرة المذكورة فحسب، فالقبيلة أقدم منه بكثير وهو من فروعها الذي أكرمه الله بالذرية الصالحة التي ما فارقها العلم منذ القرن العاشر وإلى زماننا هذا بتفاوت درجات العلم؛ فمنهم من كان فقيها، والآخر كان شاعرا أديبا، وغيره كان ناسخا مبدعا، وبعضهم كان معلما متخصصا، وفيهم من كان له القدح المعلا في علم الروحانيات والأسرار، وفي العصر الحديث منهم من كان له نصيب وافر من الاكتشافات والابتكارات.

ولن نطيل في ذكر ما للقوم من مناقب فهم أشهر مما ذكرت. ومما يثري هذه الكلمات والسطور التي قد لا تفي بحقهم ولا تنثر مكنون آثارهم أنني زرت بلدهم (محلياء) ووفقت على بقايا الآثار القديمة الضاربة في عمق التاريخ ومن تلك البقايا بيوت هؤلاء العلماء.

 

 

 

وأما الآن فسنشرع في ذكر الشيخ حسين بن شوال وذريته من المشايخ وأهل العلم وأنبه القارئ الحصيف بأنني أذكرهم هنا إجمالا لا تفصيلا، فطالب ذلك يجده بإذن الله في كتابنا عن تراجم علماء المضيبي مع ذكر شهير أنساب هذه الأسر العلمية وشيء من تاريخهم عموما، ههذاالكتاب ما زال العمل فيه مستمرا، ولم أنجزه كاملا بعد للبحث عن بعض المعلومات وانتظار المزيد من المعلومات من مضانها ومصادرها.

من علماء هذه الأسرة 

  • الشيخ حسين بن شوال بن ثاني بن خاطر بن أبي الحسن الحسيني المحليوي من فقهاء القرن العاشر الهجري له أجوبة ومسائل نظما ونثرا، فمن نظمه أبيات في زكاة الفطر يقول فيها:

ومن مات قبل الفجر من ليلة الفطر   فليس عليه من زكاة لذي الفقر

ومن مات بعد الفجر ذلك وقتها    تسلم عنه لو ثوى ظلمة القبر

وله قصيدة أخرى تحتوي على عدة ألغاز، نقلها الشيخ سيف بن حمود البطاشي يقول فيها:

إني رأيت عجائبا لا تنكر    والله يفعل ما يشاء ويقدر

إن الزمان له عجائب جمة     مشهورة يبهرن من يتفكر

وله قصيدة فيها حوادث تأريخية وأحداث مريرة ومعارك لم يذكرها غيره،  وثمة قصائد أخرى لا يسع المقام لذكرها.

  • الشاعر الأديب الكيذاوي موسى بن حسين بن شوال شاعر النباهنة الذي حاز بشعره السبق في زمانه وكذلك حفظ شيئا من تاريخ عصر الملوك النباهنة وقد عاش في أواخر القرن العاشر والربع الأول من الحادي عشر، مدح الملوك النباهنة الذين عاصرهم  ويظهر لي بأنه تتلمذ على يد والده الشيخ حسين فلما بز ونبغ في العلم هاجر وعاش بالقرب من الملوك النباهنة ونظم في شعره أخبارهم.

 

  • الشيخ سالم بن خميس بن سالم بن نجاد بن موسى بن حسين الحسيني المحليوي له أجوبة في كتب المتأخرين ككتاب (اللباب)  وغيره وهو مؤلف كتاب (التقييد والاختصار) وقد كان ناسخا له الكثير من المخطوطات التي خطها بيده.

 

  • الشيخ سالم بن علي بن سالم بن غانم بن رجب بن غانم بن مسعود بن بن حسين بن شوال الحسيني له كتب منسوخة كثيرة منها المصنف وغيرها وهو من أهل العلم في القرن الثاني عشر الهجري.

 

  •  الشيخ سالم بن هاشل له كتاب (فواكه البستان)  وله عدة أشعار اطلعنا على شيء منها وهو من علماء القرن الثاني عشر الهجري.

 

  • الشيخ رجب بن غانم بن مسعود من أهل العلم والمعرفة كما ذكره الشيخ سيف بن حمود البطاشي وكذلك وجدت فيما وجدت أنه قد نسخت له كتب كثيرة، منها المصنف وبيان الشرع وغيرها.

 

  • الشيخ غانم بن سالم بن غانم الحسيني وجدنا ثلاثة كتب منسوخة له، وهو قاض بسمد الشأن كما يتضح لي من خلال وثيقة الصلح التي أبرمها لأولاد محرز في الجرداء عام 1198 للهجرة بشأن فلج (القيعة) وفيها بعض الشروط المهمة والملزمة للقبائل التي اشتركت في خدمة الفلج مع أولاد محرز منها ألا يبيعوا ولا يهبوا بغير رأيهم وإن فعلوا فهو باطل كما جاء في شروط الصلح، ولعل هذا الفلج هو الذي يسميه العامة اليوم (القويعة) وقد وقفت على ما تبقى من آثاره والله اعلم.

 

  • الشيخ العالم حويمد بن محسن بن سالم بن هاشل  من علماء القرن الثالث عشر الهجري ولم نعثر على مؤلفات له ووجدنا بعض الكتب منسوخة له.

 

  • الشيخ سعيد بن سلام بن سعيد بن خنجر بن ثاني بن غانم بن رجب بن غانم الحسيني ناسخ شهير له الكثير من المخطوطات التي خطها بيده.

 

وقد هاجر جملة من رجال هذه الأسرة من بلدهم ونزلوا بلد سرور من وادي سمائل واستمر الحال بهم على ما كان عليه آباؤهم وأجدادهم وذلك مصداقا لقول الله تعالى (ذرية بعضها من بعض) ويقول الشيخ العلامة سالم بن حمود السيابي _رحمه الله_: ولا يزال الفرع يدل على الأصل. ويقول: والثمرة تدل على الشجرة.

هذا ما تيسر لنا بفضل الله من ذكر بعض رجال هذه الأسرة العريقة في هذه الكلمات الموجزة والله أسأله الأجر الثواب من خدمة العلماء وذكر آثارهم وللحديث موعد آخر مع أسر وعلماء آخرين بإذن الله تعالى.

 

تعليق عبر الفيس بوك