قراءة في نص(قدّيسة الحُفاة) للشاعر قصي الفضلي

 

د. وليد جاسم الزبيدي| العراق

 

بين بوناراما صورة وسمفونية حروف

       يتربصُ بكَ النّصُ وأنتَ تقرأهُ، لابُدّ لك من بوصلةٍ تومىءُ الى قِبلتِك التي تغيبُ وسطَ، تكهناتٍ وتقوّلاتٍ، وضجيج، في البدءِ تخومُ (قداسة) مع العنوان، ليست ككل قداسةٍ، بل هي (قداسةُ حفاةٍ) هو سراجُكَ في  ظلامة الجبّ الذي أنتَ فيه ، ثمّ تأخذُكَ متاهةٌ أخرى، حيثُ المتّهمُ والمُخاطبُ (أنتَ)، ( وأنتَ تكتبُ/ خُذْ جنونَكَ) جملةُ انشائيةٌ تعطيك وارداً صوفياً يُبثّ في صوامع (الخشوع)، ثم يأتي النهي، ( لا تتزوّدْ..) أسلوبٌ قرآني، يحيلك الى آياتٍ في جرس ذاكرة، الخرافةُ التي ترتبطُ بوجه التضاد مع صوامع الخشوع و القداسة، بين هدي وضلالة، الخرافةُ التي ينتمي لها ( الخيال المجنّح) في آلهةٍ عند بوابات معابد صدأة، يرشدني النّص، في قراءته ليقولَ لي ( حتى لا تختلطَ / ما تبقّى من معانيك..) على حدود وطنٍ ينزفُ (منتهي الصّلاحية)، بعد تضاد الهداية والخرافة، والشرك والايمان، تأتيك رسالةٌ أخرى كأنها تأخرت لتفسير النّزف المبكر، حيث تأتيك سمفونية تصوّر (خطواتها الثقيلة) كأنّكَ تسمعُ الخطو، ليس رتيباً ، ولا هو مارشاً عسكرياً لإستعراض جنرالات الهزيمة، ولا خطو الأعشى (البطران) الذي يصفُ خطوَ حبيبتهِ (مُرّ السحابةِ لا ريثٌ ولا عجلُ) كأنها تتنزهُ في (شارع النهر)، لقد أنتجَ النّصُ صورةً ولا أجمل، (فـــ: شوكُ الهواجس/ النامي حول قدميها)، أيّ بلاغةٍ في هذا الخطو الجديد، خطىً على شوك، كيف تكون..؟ وأيّ شوك؟؟ (شوك هواجس) هو الأدهى والأمر، الذي لا ينتهي على طول الدرب فهو (النامي حول قدميها) فكيف تتصور ايقاع خطوها؟؟  خطوٌ لعروس، تدندن ايقاعاً من جوف الهور، ستظلّ عروساً لا يطمثها أنسٌ ولا جان.. لأنها لا تؤمن بما هو حاصل الآن ولا الغد.. بل تحملُ وتلبسُ التقوى إزاراً لها..

تتنقلُ صورُ النّص في جمل انشائية وخبريةٍ لترسم لنا مرةً بانوراما نتابعها على جدارٍ يتلوّى أفعىً، ومرةً أخرى نسمعهُ سمفونيةً تصدحُ في مخيلتنا ويظلّ صداها ( وأنتَ تكتب..)...!

 (قدّيسة الحُفاة)

قصي الفضلي

وأنت تكتب

خٌذ جنونك المعبود في صوامع الخشوع ،

لا تتزود بالخرافة

والخيال المجنح ...

حتى لا تختلط

ما تبقى من معانيك

على حواف وطن فقد كل مبررات البقاء

ينزف سماته

عبر خطواتها الثقيلة

فـــ : شوك الهواجس

النامي حول قدميها

يطرز حَفَف شيخوخة امرأة

هي عروس مغنّاة لم تفضّ الأيام بكارة دعائها

حبلى بالألم المتخثر في مساماتها

تدندن * :

(( ذبلت وحك

عيناك زهرة شبابي ))

يا الله

هي تنأى عن التهجد

لكنها تدنو إليك خاشعة

ربما .... تؤمن ولا تجادل بالتقوى .

.............

 

* مقطع من اغنية للمطرب العراقي الراحل فؤاد سالم

تعليق عبر الفيس بوك