"من الترحيب إلى العداء المتنامي".. رحلة خوف جديدة لمسلمي "الروهينجا" في بنجلادش

 

كوكس بازار – رويترز

عندما نزح أكثر من 730 ألفا من الروهينجا إلى بنجلادش من ميانمار في 2017 تعاطف الصحفي شريف أزاد أحد مواطني بنجلادش مع محنة تلك الفئة من المسلمين الناجين من حملة شنها جيش بلادهم عليهم ووصفتها الأمم المتحدة بأنها إبادة جماعية.

وقال الصحفي المنتمي للركن الجنوبي من بنجلادش الذي أصبح موطنا لأكبر مستوطنة للاجئين في العالم إنه كتب تقارير عما أصاب الروهينجا من صدمات وإرهاق وبذل كل ما بوسعه للمساعدة.  وقال أزاد في مكتبه قرب سوق لا تهدأ فيها الحركة خارج بلدة كوكس بازار "كل الناس فعلوا ذلك.. قدمنا الطعام. وقدمنا الأرض".

والآن وبعد مرور عامين أصبح أزاد يدير حملة تهدف إلى إلزام الروهينجا بعدم الخروج من مخيماتهم والبقاء خلف أسلاك شائكة إلى أن تتيسر إعادتهم إلى ميانمار.  وقال أزاد الذي تضم جماعته الآن ألف عضو وهي واحدة من عدة حركات لها نفس الأهداف "سنواصل حركتنا لحين تحقق عودتهم لبلادهم".

وأغلب المسلمين الروهينجا محرومون من الجنسية في ميانمار ذات الغالبية البوذية حيث يُعتبرون متطفلين ومهاجرين غير شرعيين من جنوب آسيا.  وكان الروهينجا خرجوا من قراهم في ميانمار إلى بنجلادش في السبعينيات ومرة أخرى في التسعينيات هربا مما قالوا إنه اضطهاد على أيدي جيش ميانمار.  غير أن موجة النزوح الأخيرة كانت هي الأكبر.

وتنفي ميانمار الاتهامات بارتكاب إبادة جماعية وتقول إن قواتها المسلحة نفذت عمليات مشروعة استهدفت متشددين هاجموا قواتها الأمنية.

وفي بنجلادش حدث التدهور في العلاقات بين أصحاب الأرض والوافدين الجدد بسرعة حتى أصبح البعض يخشى الآن وقوع أعمال عنف خطيرة.

وفي مقهى ببلدة تكناف الحدودية قال خضر حسين (60 عاما) العامل في بنجلادش "عشت لأرى ثلاث موجات نزوح وهذه هي الأسوأ ... إذا هاجمونا فكيف سننجو؟ نحن أقلية في أرضنا".

ويتهم كثيرون من أبناء بنجلادش الروهينجا بارتكاب جرائم والاستيلاء على الوظائف ودفع الأجور للانخفاض.  فقد أزيلت غابات شديدة الخضرة لإقامة المخيمات وأصبحت شاحنات المساعدات تسد الطريق إلى كوكس بازار أقرب المدن الكبرى. كما أن الرحلة التي تستغرق في العادة ساعة يمكن أن تستغرق الآن أربع ساعات على طرق مليئة بالحفر.

وفي الآونة الأخيرة سد عدة مئات الطرق وحطموا متاجر يرتادها الروهينجا وبعض مكاتب الأمم المتحدة احتجاجا على مقتل أحد القيادات الشابة بالحزب الحاكم في بنجلادش.

وتعرض عدد من الروهينجا المتهمين بالتورط في الجريمة للقتل رميا بالرصاص لاحقا فيما وصفتها الشرطة باشتباكات بأسلحة نارية.

وقال إقبال حسين المسؤول الكبير بشرطة كوكس بازار إن معدلات الجريمة ارتفعت، وإن كان المعدل فيما بين اللاجئين لا يزيد عليه بين مواطني بنجلادش.  وسلم بوجود عداء متنام تجاه اللاجئين.  وأضاف "سيكون من الصعب السيطرة على هذا العدد الكبير. والحكومة تأخذ تدابير لمنع نشوء أي وضع غير متوقع".

وفي مأوى بمخيم من أعواد الخيزران قال أربعة لاجئين إنهم فروا من بيوتهم بعد الهجوم الأخير الذي شنه المئات وجمعوا أولادهم وحاجياتهم على عجل في حالة من الذعر شبههوها بهروبهم من ميانمار.  وقال أحد اللاجئين بصوت متهدج "عندما جئنا إلى هناك جئنا للنجاة بحياتنا. لكننا لسنا آمنين هنا. نحن في غاية الخوف".

وقالت بنجلادش إن على كل الروهينجا العودة لبلادهم لكن لم يوافق أحد على ذلك الشهر الماضي في المحاولة الثانية لبدء عملية العودة إلى ميانمار. ويسوق اللاجئون الخوف من العنف والاضطهاد إذا ما عادوا كأسباب لرفض العودة.

ومع تزايد التوترات شنت الحكومة حملة فقطعت الانترنت عن المخيمات وحاولت مصادرة الهواتف المحمولة استنادا إلى مخاوف أمنية.  وتمنع السلطات بيع بطاقات الهواتف المحمولة للاجئين.

واتهم حسين توفيق إمام مستشار رئيسة الوزراء الشيخة حسينة "قوى خارجية" بتعبئة الروهينجا للإضرار بمصالح بنجلادش. ووصف دور وكالات الإغاثة الدولية بأنه "غامض".

وقال "أصبح من الواضح أن ثمة أفرادا غير مرغوب فيهم وعناصر فاسدة بين الروهينجا. وقد استغلتهم قوى خارجية ... يجب إحاطة المخيمات بالأسلاك الشائكة لوقف كل ... الأنشطة الإجرامية".

وقالت كارولين جلوك المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في رسالة بالبريد الإلكتروني إن المفوضية "ستوصي بتبني تدابير أمنية لا تؤثر على قدرة اللاجئين على الاستفادة من الخدمات الأساسية وعلى حقوقهم وعيشهم في أمان".

 

تعليق عبر الفيس بوك