عُمان.. حجر أساس مجلس التعاون الخليجي

أفلح بن عبدالله الصقري

بالنظر إلى منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، منذ تأسيسها في العام 1981م، بالاجتماع المنعقد في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، حين زار أمير دولة الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح العاصمة الإماراتية أبوظبي آنذاك، واجتماعه بالراحل صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- آنذاك، وتشاورهما لتأسيس المجلس مع المملكة العربية السعودية الشقيقة والسلطنة، ودولة قطر، ومملكة البحرين، والذي آتى ثماره وتجلَّى ذلك في القمم السنوية التي تستضيفها كل دولة عضو في المجلس بالتناوب، فإن السلطنة كانت من أوائل المؤسسين لهذا المجلس.

كما أنَّ دول مجلس التعاون الخليجي تُمثِّل تركيبة سياسية واجتماعية متجانسة، يجمعها التأريخ، وتربطها العلاقات الأسرية، ويحدها الموقع الجغرافي والحدود المشتركة، وكل دولة منها تُكمل الأخرى ومكانة ووزن السلطنة في قلوب قادة مجلس التعاون لا تحدها حدود، ولا تغرقها بحور، وهي أكبر من أن تخوض تجارب، ولنا في الاتحاد السوفييتي السابق مثال وعبره. وللسلطنة دور مؤثر في مسيرة عمل المجلس باعتبارها أحد أعمدته الراسخة.

إنَّ السلطنة لها إسهامات كثيرة في توحيد الصف الخليجي؛ فهي عمود أساسي من أعمدة مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه حتى يومنا هذا، فبفضل الله ثم بفضل قائدها الحكيم حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله روعاه- أثبتتْ عُمان شجاعتها في حلَّ كثير من القضايا والأزمات العالقة في المنطقة؛ وذلك كله بحكمة وصمت بعيدين عن التعصب الإعلامي والتشدد في المواقف والتعنت والإصرار والحرب النفسية التي لا تُؤتي بثمارها، والدليل على ذلك ما تمخض عنه من اتفاق بين إيران ودوّل مجموعة 5+1 في العام 2015 فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي، والذي قطع مشوارًا طويلًا ولقاءات متكررة بين جميع الأطراف كانت السلطنة لها الدور الأكبر فيه مع قرار مجلس الأمن الدولي، وتنسيق من الأمم المتحدة، لإخراج المنطقة برمتها من كارثة كادت تحدث لولا ستر الله وحنكة جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- وكذلك ما يدُور من صراع في اليمن الشقيق ومحاولة السلطنة في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة هناك؛ فالدبلوماسية العمانية لها تأثيرها على المدى البعيد وصُنَّاع القرار في السلطنة ودول المجلس يعملون بجد للخروج من المأزق اليمني الذي تسبب في القتال الدائر هناك، وجلالة السلطان المفدى -أيَّده الله بنصره- لا يألو جَهداً في إنعاش عملية السلام والتآلف بين أطراف النزاع، وهذا تَأتَّى من خلال استضافة السلطنة لمختلف الأطراف المتنازعة في اليمن الجار والشقيق، والحد من التوترات في المنطقة وانتشال ما تبقى من أمل، والعودة للاستقرار والتآلف والتفاهم هناك.

لأجل ذلك، نقول ونبيِّن لمثيري الفتن والطائفية في مواقع التواصل الاجتماعي، إنَّ كلامكم لا يُجدي نفعًا، وتغريداتكم ستختفي بين جدران هذه المواقع مع مرور الزمن، وما تُثيرونه من أكاذيب ضد السلطنة يزيدها قوة بدول الخليج يوما بعد يوم؛ فالأعمدة الشامخة لا تتساقط؛ فهي ضاربة في أعماق الأرض، وتمتد جذورها إلى أعماق لا تُرى بالعين المجردة ولا حتى بالمجهر، وصلابة المواقف التي تتخذها ستبقى تعمل بها على مدى الأزمان، والسياسة المتزنة التي اتخذتها السلطنة لن تحيد عنها مهما كلف الأمر، ومهما ضغط عليها المغرضون.

اللهم أبعد عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، ووحِّد صفوفنا ورد كيد أعدائنا، وأطل في عمر قائدنا، ولا تفرق بين شعوبنا، وأربط على قلوبنا، واستر عيوبنا، واجعلنا آمنين في أوطننا مطمئنين وسائر بلاد المسلمين.

تعليق عبر الفيس بوك