هل من مُعِين لتحقيق جودة الحياة للموظف؟

 

محفوظة بنت زايد الراسبية

كثيراً ما نَسْمع عن الجودة في العمل -سواء للمؤسسات الربحية أو غير الربحية- والمتطلبات والمعايير التي تقاس بها فاعلية العمل لتحقيق الأهداف المرجوة بكل دقة. قديماً كان من المهم أن يحقق أي مشروع  النتائج المتميِّزة دُون الرجوع لآلية تقيس درجة السرعة وكفاءة العاملين أثناء المسير نحو الهدف.

لكن ومع نمو العلم المؤسسي أصبحتْ كفاءة الكادر البشري والنظام من ضمن أولويات الجودة؛ لذا وضعت معايير  للعمليات والنتائج معا. ومع كثرة تكرار هذه الكلمة الرائعة "الجودة" بين مسامعي، راودتني أفكار وتساؤلات: وما حال الفرد نفسه: موظفاً كان أو قائدا؟ أين كلمة الجودة من حياته، نفسيته، سلوكه ونتائج حياته الذاتية؟ لماذا لا نهتم بالجودة الشخصية للفرد؛ أقصد بذلك الإنسانية من: أخلاق، وأفكار، وقلق، ومواهب، وطموحات...إلخ وغيرها الكثير؟

إنَّه من المؤسف أن نهتم بالقشور دون الرجوع للب والركيزة الأساسية في نجاح العمل أو المشروع والكائن البشري هو العنصر الأهم في قمة هرم عناصر النجاح نحاول تطويره مهنيا، وإكسابه المهارات التي تتوافق واحتياجات المؤسسة أو المشروع نكافئه عليها براتب شهري أو علاوات استثنائية، لكننا ننسى الجوهر.

الركيزة التي إذا بنيت وحفزت، لن تُغيِّرها شوائب الزمن وتحول فصوله بين الخير والشر. لماذا لا نضع معايير لقياس جودة الشخصية لكل فرد. نساعده أن يرتقي بنفسه من خلال معرفة ذاته بعمق وفهم المعنى الحقيقي للتواصل وبناء فن العلاقات. نأخذ الموضوع من كل جوانبه التي لا نستطيع إسقاط أي جزء منها. جوانب الإنسان الكائن المكرم من الخالق: الروح والعقل والبدن. ومما لا شك فيه، أنه طريق لا يخلو من الصعوبة لتشابك مواضيعه واختلافها باختلاف الأفراد.

الكثيرُ من اللجان تُشكل وتتبعها الملتقيات، والاجتماعات، والاحتفالات، والورش والتدريبات في تطوير القشور أو ما نسميه المواضع ذات الصلة برؤية العمل. وهذا مما لا شك فيه الأمر الضروري الذي يحقق رسالة المؤسسة، لكنه ليس أكثر ضرورة من جانب بناء الإنسان الفعال ذي الجودة العالية في شخصيته. فالقوة البشرية إن طورت بما يتناسب مع رغبات واحتياجات الإنسان فقط كونه إنسانًا بعيدا عن العمل وغيره أعطت بسخاء، والنتيجة فوق المتوقعة بشكل إيجابي للغاية. العنصر الذي نفتقده في القوة البشرية هو  "الشغف"، الذي لا يزخر إلا بالاهتمام بكينونة الإنسان المجردة من الانتماءات والأهداف التي لها صلة بالغير. والجدير بالذكر أنَّ جانب الجودة قد ذكر في الحضارة الإسلامية على مبدأ "من عمل عملا فليتقنه"، وصدق بذلك الرسول الكريم. ومن جهة أخرى، إعانة الأخوة على الإتقان في الجانب الذاتي ينتج منها تحقيق الإتقان في العمل. فإنْ وضعنا معايير لبنائه وتغذيته ومن ثمَّ سن مقاييس لتنظيمه وقياسه، وأخيراً آلية تحفيز لبقائه وازدهاره، فإنَّه يد المؤسسة برمتها.

تعليق عبر الفيس بوك