هجرة نور التكوين

أماني المسكرية

 

إنها هجرة دين، لرسالة حلمها رسول كريم، ينطق عن وحي رب عليم، أنزل إليه قرآن عظيم، ليبلغها بصبر جميل، ويدعو إليها العالمين، ويطهر بها قلب كل عبد مؤمن منيب، ألقى السمع وهو شهيد. فياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما؛ وأثنوا عليه تشريفا وتمجيدا وتكريما، وسيروا على سنته أسوةً وإيمانًا وتوحيداً.

إنها هجرة من الظلام إلى النور، من الضيق إلى التوسع، خلفها كان حسن توكل عظيم على الله عز وجل عندما خرج المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ليلاً مع صاحبه الصادق الصدوق أبي بكر، ويخلفه في مضجعه ابن عمه علي بن أبي طالب، ويأتيه  بالأخبار الصحابي عبدالله بن أبي بكر، وتأتي بالطعام السيدتان عائشة وأسماء، ويدله على الطريق بن أريقط، وتحميه حمامتان في الغار.. طمأنه صلى الله عليه وسلم كل ذلك، بحب وثقة ويقين في الله وإيمانا برسالته العظيمة حتى نجاه الله بحسن ظنه وأظهر رسالته وعمق إيمانه، فاستقبله الأنصار بفرح بهيج وتكبير نبضه توحيد احتضن بنشيد:

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع 

أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع

جئت شرفت المدينة مرحبا يا خير داع

لقد استنارت هذه الكلمات صدقا وطهرا وسجلت بالتاريخ أروع استقبال بشري لسيد البشر سيد الخلق نور التكوين الذي بنوره أنيرت الحجب ليصل نوره فوق أنوار النور فسطع وكل شيء له خضع. كان استقبالا مليئا بالفرح مشبع بعبق الإيمان مغلف بنور الهداية يرتضيها الله لمن يشاء من خلقه.

عزيزي  القارئ:

إن من عمق الإحساس بالتقصير الكتابة عن هجرة سيد البشر ومبعوث الوحي، الهجرة التي انطلقت لبناء الدين والدولة، حيث لا عبارات ولا كلمات ولا سطور معبرة ستشرح الأهداف والخطط التربوية والرسالة العقائدية التي بدأت من الدعوة السرية إلى أن انطلقت إلى دولة عظيمة يؤمن بها أكثر من مليار شخص يفخرون بأنهم مسلمون، وبدأ هناك بالمدينة بتطبيق أوامر الله وإرساء مبادئ وأركان الدين الإسلامي والمواخاة بين المهاجرين والأنصار، وتأسيس أول مسجد ليكون مركزا للحكم في الدولة الإسلامية الناشئة آنذاك. أسسها المصطفى بالتخطيط الدقيق والسليم بوحي من نور رب العالمين، ليعلم الإنسان والإنسانية دورسا وعبرا مفيدة؛ منها أهمية الأخذ بالأسباب في أي رسالة يؤمن بها الإنسان في حياته وأن إرادة التغيير تتحقق عبر إدارة متقنة لهذا التغيير.

-----------------------------

من المندوس:

قال تعالى: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ".. سورة التوبة (آية 128).

ما كمل إيمان عبد ليس له شوق إلى الرسول الله صلى الله عليه وسلم.

amanarooh96j118salm@jmail.com

تعليق عبر الفيس بوك