رحلتي إلى السيدة نفيسة


أميرة محمد عبد العزيز | كاتبة وتشكيلية مصرية

اليوم السبت الرابع والعشرون من أغسطس الساعة التاسعة صباحاً بتوقيت القاهرة ، ذهبت إلى مسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها وهي إحدى المساجد الشريفة التي تتزين وتتلألأ بها الشوارع والميادين في مصر.. والسيدة نفيسة لها عشاقها ومريديها الذين يأتون لزيارتها من كل صوب وحدب.
هذه المرة قصدت الذهاب سيراً من ميدان السيدة عائشة إلى مسجد السيدة نفيسة رضي الله عنهما ، حيث كنت أنوي زيارتها قبل ذهابي إلى مسجد السيدة نفسية ولكن لم أتمكن من هذا لأنني ذهبت باكراً وكان علي الإنتظار حتى يتم فتحه للزيارة وبالرغم من ذلك لم استطع الإنتظار وآثرت الإستمرار في السير لسببين أولهما : رغبة مني في المجئ هنا مرة أخرى ، أما السبب الثاني : هو ما سأرويه لكم من خلال السطور التاليه .. ثم مشيت بجانب المسجد الذي أصبح على يميني أطلت النظر إليه وكأن عيناي تقول له سوف آتي إلى هنا مرة أخرى ، كان الميدان شديد الإزدحام به موقف للسيارات تستطيع أن تذهب وتأتي منه لمناطق عديدة ، وصلت لشارع طويل ضيق لكن بمقياس أعين البشر التي تراه وتمشي فيه ولكن إذا نظرت إليه بعين قلبك فسوف تراه واسعا رحباً ، كذلك إذا ما نظرت إلى أعين من يتواجدون هناك..! ربما يكونون من سكان المنطقة أو الشارع نفسه وربما ممن يأتي إلى هناك لإرتباط عمله بهذا المكان.. على أية حال سترى عيون تفيض بالطيبة والحب وستشعر بنقاء وصفاء قلوبهم وهذا واضحاً كضوء النهار على وجوه النساء والرجال والأطفال وحتى من تقدم بهم العمر أطال الله في أعمارهم ومنحهم الصحة والسعادة تراهم ينظرون إليك بحب جارف وكأنما روح المكان العطرة تُطبع على كل من يتواجد هناك ، وانتهيت من الشارع الطويل لأمضي في طريقي يساراً " ناحية القلب " نعم أقصد ما أقوله فالقلب يخفق في كل خطوة كلما اقتربت إلى المكان كأنه يناديك من دون صوت..
كان الشارع أكثرُ طولاً نوعا ما من الشارع السابق هذا الشارع يُسمى " شارع السيدة نفيسة " في كلِ شارع من الشارعين توجد منازل قديمة ترى من خلالها عبق التاريخ تهب منها نسمات ورائحة الماضي بجماله ونقاءه تظهر فيها بعض الشروخ والتصدعات من مرور الزمن عليها وكأنها جروح تأن وتتألم منها ومما ألم بها كما توجد بها منازل وعمائر حديثة نوعاً ما وكأنها أبناء يلتقون ويلتفون بحب حول هذه المنازل والبيوت القديمة وهم لهم بمثابة الآباء.. والتي يكاد كل حجر فيها ينطق بالحكمة والنصح التي استوعبها واستخلصها عبر الزمان ،، ثم مشيت يساراً مرة أخرى ولكن هذه المرة بجانب الباب الرئيسي للمسجد حيث يوجد ممر ، هذا الممر يوجد فيه من يقف يبيع لعب أطفال وحلوى ، ومنهم من يبيع البخور بشتى أنواعه ويوجد في مقدمة هذا الممر على اليسار مكتبة " السيدة نفيسة " ، وسرت في الممر بخطوات متمهله وبدقات قلب مسرعة متلهفة.. احترت مابين القلب والعقل فالعين تريد النظر لكل جزء وسنتيمتر تراه في طريقها والقلب يريد الإسراع للوصول إلى المسجد ، لا أخفي عليكم فقد ذهبت إليه مرات عديدة قبل ذلك ولكني أردتُ أن أشرككم معي هذا اليوم في رحلتي إلى واحدة فريدة من نوعها من ضمن آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم ودخلت المسجد ودقات قلبي كالمعتاد تسبقني.. وفي دعائي تمنيت من الله أن يحفظ بلادي وألا يصيبها مكروه أبداً ويحمي ويحفظ أهلها وتمنيت أن يشمل السلام العالم كله فلا يوجد فيه مكان إلا للحب وأن يملأ صوت الحب أرجاء الكون كله.. ثم جلست في المسجد راجية من الله أن يستجيب دعائي وكنت أحاول إخفاء دموعي لكني لم استطع ذلك..
ووجدت فوج من النساء الباكستانيات يرتدين الملابس المحتشمة ذات الألوان البراقة المبهجة وكأنهن وجميع النساء اللاتي في المسجد ورود جميلة قد تناثرت في أرجاء المسجد.. وقتها نظرت إليهم بإبتسامة أشبه بالتحية عن بعد وهن كذلك فعلن مثل ما فعلت ، وبالطبع كل من يعتاد الذهاب إلى المسجد من النساء والبنات والأطفال من أجل الدعاء والصلاة كل واحده منهن لها حاجتها وقد تكون سبب الزيارة الحب لمثل هذه الأماكن الروحانية.. كلهن يخفين في قلوبهن ما يُردنَ البوح به والإفصاح عنه.. قلوب تنبض وعيون تدمع ، من يذهب حباً لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم يذهب لكي يشعر بالراحة والسكينة هناك.. إنها المتبحرة في العلم والجوهرة النفيسة لآل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
رأيت منهم من يأتي ليتحدث إلي.. ربما شعروا بحبي لهم ودعواتي التي كنت ادعوها بقلبي من دون أدنى صوت.. !! لا أعرف ، فقد قلت قبل ذلك أن المكان كله توجد فيه روح عطرة تنطبع على قلوب كل من يتواجد هناك.. كنت أشعر بآلامهم وأفراحهم كلما مروا بجانبي أو جلسوا ، ثم جاءت قطة جميلة رقيقة نظرت إلي وكأنها تستأذن في الجلوس بجواري وجلست بالفعل وتحدثت إليّ ، سمعت صوتها وما تريد قوله لي بالإحساس والشعور، ولكن عذراً سأحتفظ بما قالته لي لأنه سر.
اللهم صلي وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا.. سلامُ عليك يا رسول الله يا من كنت مثلاً في التسامح والرقي وكمال وجمال الخلق.
مصر يا من ذكرك الله في القرآن الكريم يا من ضم حضنك آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم انتِ قادرة دائماً على إحتواء كل من يأتي إليكِ من كل أنحاء العالم كالأم التي تحتضن أبنائها بحب وحنان.. اللهم اجعل السلام يرفرف كطائر جميل ذو صوت عذب يغرد ليُسمع العالم كله.

تعليق عبر الفيس بوك