سورة للعيد يتلوها نزار قباني بلحن المراجيح


مروان المخلافي | اليمن

واقع ونوافذ للتأمل:
يجسد شعر المناسبات المدفوع بسطوة الواقع المعجون بشواهده في موازين الجمال الدلالي والتعبيري أرقى صور مواكبة الهم العام الذي يعايش به الشعراء نبض وهموم وتطلعات الجماهير بتجارب شعرية ثرية وغنية يُدفقون الخيال فيها عبر مواطن الإلهام بذلك الهاجس الذي يصاحب الكاتب باستيعاب تام ، واحتواء كامل طوال فترة كتابته للقصيدة، مع التأكيد بأن القصائد المناسباتية متروكة في أغلب الأحيان لشعور الكاتب وخياله الخصب الذي تحفه روح العفوية والتلقائية دون تدخل منه في كتابة شيئ من أبياتها لاضطلاع وجدانه وملكات إحساسه بكتابه النص لما أصابها من واقع رصدته عن كثب، أو وصلها منه إحساس تنامى فيه الشعور بفعل اللحظة التي وجدت طريقها لعقول وأفئدة البعض ممن تستثيرهم مثل هذه المحفزات التي تفتح أبواب القلوب واسعاً لتتشرب مثل هذه المعاني الرائعة التي يتدثر بها جملة من الشعراء الذين آلوا على أنفسهم أن يكونوا ذلك الصوت المعبر والجهوري عن الهموم والتطلعات لكثير من الجماهير التي أوجعها واقعها البئيس.

 قصائد وهموم في رحاب الوجدان اليمني:
يثبت الواقع الأدبي وعلى الدوام بتميز الشاعر اليمني بعدة مقومات تجعل منه شاعراً رفيع المستوى بأدائه،والذي يستطيع من خلاله وبجدارة واقتدار تجسير علاقاته بالمتلقين وعبر واقع يحاول مده  بترابط يجعل سيره الشعري أكثر انسابية وهطول، ويجريه بسيلان دافق يحاول فيه - وباستطاعة موفقة- للتذاكي فيه بمنحىً أدبي تقني  فاخر، وأسلوب يترك أثره في إثارة التشويق وتحفيز التلقي لدى القارئ بما يأخذه نحو عوالم تصنع فيه واقع إيقاعي يتسلل لديه بانثيال دون تكلف من أحدهما على الآخر.
والقضايا الكبرى في تاريخ أمتنا - وما أكثرها - عودتنا بأن هناك  من الشعراء من أخذوا على عاتقهم وبكل مسئولية توثيق مثل هذه اللحظات بأساليب أدائية تثمر في تسليطها الضوء على هكذا واقع قد تحفه الكثير من تعدد الحالات الإنسانية ونقائضها.
ولمرور يمننا الحبيب في هذا العام باختلاف مفصلي في أيام صيامه وعيده  بين طرفين من تاريخه لم يعرف أن حدث من قبل بمثل هذا الإنقسام الذي كان من نتائجة أن صامت بعض مناطقه وأفطرت أخرى لتعيش أول أيام العيد وينقسم البلد حول أهم فريضة تعتمد على الأيام في أدائها وإنجازها ، حدثاً ماكان ليمر بعبور كريم لدى بعض الشعراء لما فيه من واقع يمس واقعنا اليمني ونسيجه المجتمعي .
***
منصر السلامي في موكب البدء.. مبتدأ الإبحار والتجديف:
في أول الحزن يمضي بنا منصر السلامي يفجر في الوجدان كوامن واقع ليته كان دامياً ليسكننا كل هذا الألم على استحقاقه الكثير مما عشعش فينا ونفوسنا من شواهدنا الممضة لهذا الذي يحصل ، لكنه واقع يتجلى بكل عنفوانه يصنع فينا موطناً آخر من مهازل دهرنا اليمني المبعثر .
منصر وبحديث مباشر وموجه ، وبكلمات قليلات تعمر فيها واقع الحال على نطاق واسع بالذي قاله في المناسبة :
 على صوم صنعا أم على الفطر في عدن
 نســــيرُ؟   ألا سحقاً لمن مزق اليمن
هذا البيت باعتقادي يمثل الانطباع الأول الذي قيل في اللحظات الأولى من عمر هذه اللحظة التي عاش الكثيرون صدمتها وتنامت بمثل هذا الشعور الذي نطق به السلامي أصالة عن نفسه ونيابة عن الكثيرين صور فيه حالة انقسامنا الذي وصل به الحال لأن يعيش حالة من التذبذب والتجاذب ما بين طرفي نقيض ومدينتين يراوح منصر في مكانه مسجياً لهم دعوة كل يمني عشعش - ومازال- فيه ليل حالك ظلماته تزداد قتامة مع هذا الواقع الذي وصفه .
وفي واقع الحال فهناك أبيات شعرية مفردة تواكب المناسبات وتخرج من قائليها بحالة من الصدق والانتماء والتماهي، لكنها تضاهي أياً من إحدى القصائد وفيها القوافي ذات العدد ومكتملة الأركان ، لربما هذا البيت يحمل طابع ذلك .
***

 اختلاف يوقد قطعة من جهنم:
(بديع الزمان السلطان ) شاعر لم ينتظر طويلاً وهو قمة الألق ، وإذا قال فانظر في المبتدأ عن ماذا قال ، وما الذي يشغله في قوله وارتكز عليه في انطلاقه الرحب الفسيح:

تُرَى على أيّ عيدٍ نحنُ نختلفُ؟
إن تفطروا أو تصوموا اليومَ لا أسَفُ

لا فرقَ يا العرَبُ الأوغادُ بينهما
إنْ أفطَرَتْ مكّةٌ أو صامتِ النّجَفُ

كم تجمعونَ لأجلِ الحربِ أمرَكُمُ
وكم يشُذُّ بكمْ عن لامِهِ الأَلِفُ

ماذا نقولُ لطفلٍ مات والدُهُ
في الحربِ ، أو والدٍ يقتاتُهُ التَّلَفُ

ماذا نقولُ لأُمٍّ شاخَ حاجِبُها
ولا تزالُ على أشواقِها تقِفُ

حزينةٌ هذهِ الأزهارُ ذابلةٌ
يتيمةٌ هذهِ الجدرانُ والغُرَفُ

فكيفَ نبحثُ عن عيدٍ بلا فرَحٍ
ما العيدُ يا أمّةٌ يلهو بها الخرَفُ؟

لا عيدَ للشّاعِرِ المذبوحُ بلبُلُهُ
ولا صدىً لنخيلٍ ما بهِ سعَفُ

لا عيدَ لي دونَ أمّي وهيَ ميِّتَةٌ
بعيدةٌ ترَكَتْني زادِيَ اللَّهَفُ

لا وَجْهَ لي يا مرايايَ التي صَدِأَتْ
شِخْتُ انتظاراً ووَجْهي شاحِبٌ كَلِفُ

لا عيدَ لي في بلادي بعدَما انْشَطَرَتْ
فها أنا مثلها رأْسٌ ولا كَتِفُ

أسيرُ فوقَ اختلالي بعدما انْكَسرَتْ
هذي الجِرارُ التي يغفو بها الشّغَفُ

معي بلادي التي ما زِلْتُ أحملُها
بداخلي ومعي أشواقُ مَنْ نزَفوا

فإنْ نصُمْ أو نُصَلّْ العِيدَ يا وطَني
فلا عزَاءَ لِمَنْ باعُوكَ واختلفوا

تأمل:
مع هذا الكم الكبير والمهول  من المهازل والمساخر جراء ما يحدث ويعتمل في واقعنا اليمني من وقائع وأحداث ، وفتح الأبواب على مصراعيها للتنكيت والظرافة التي عرف بها مجتمعنا اليمني مع كل تقليعة وموضة وحدث يستجد ، مازال بديع الزمان سلطاناً برتبة شاعر متميز ومتفرد في مواقفه واقتناص أجملها وأضبطها وأميزها ، جدارة واقتدار في تخير المواقف والكتابة حولها بأسلوب بسيط وقريب من النفوس على عمقه وتزاحمه خلف سطوره وحروفه.
تلقائية وعفوية ، ودخول لباحات الوجدان بسير حميد وبديع ينثال بانسياب وهو يصنع لغته الشعرية بأسلوب في غاية الجمال ، ومتخيراً له من واقع لغته ومخزونه الجملي والتراكيبي ما يتناسب مع روح المقام ومقتضى الحال الذي لا يخفى على أحد منا ، فقط يحاول بديع أن يستعرضه من عديد زوايا ، ومحاولاً لفت الانتباه بحرف المسار العام لواقع أخذنا حيث الضحك والسخرية والتنكيت قد أضحى سيد السادات وفوق كل واقع .
وإزاء هذا الواقع يتسلل شاعر آخر تبدت معانيه بواقع نظره من زاويته ببوح وجداني شفاف تطوقه لغة فاخرة تسكنها روح الألم المتوجع الذي استعارت له واستدعت لمقتضيات المقام ما يقيم أودها من المستلزمات والمعطى الأدائي المناسب .

 طبيبة في قلب الوجع، وحرف بعين الألم:
بحديث مفعم يعيد لنا الاعتبار بين ما يكتب على الساحة ، يتجلى الواقع الكتابي للبعض بما يترك في النفوس وتأملاتها من أثر جاد ورصين يشدنا نحو كتابات شعرية في غاية التجويد والإتقان نفتقدها لمثل واقعنا الذي يعج بالكثير من الغث والسمين تحديداً في أوساط الشواعر باستثناء القليل ، وبالخصوص حين يكون المقام مناسباتي فصيح كالذي بين أيدينا .
وفي تفاعلها المدفوع بلحظات التجلي تلقي سبأ البعداني أثقال جعبتها من الألم على مثل هذا الواقع الذي يحاول النيل من آخر معاقل لحمتنا في واحدية الزمن الذي تبعثر كل ماسواه في حياتنا .
واااأسفي
صنعاء صامت بيوم العيد في عدنِ
لا بارك الله فيمن مزقوا وطني

باعوا ثراه بلا إلٍّ ولا قيمٍ
حتى الضمائر باعوها بلا ثمنِ

والليل طال بهذي الأرض يسلبها
لون الحياة بلا رفقٍ ولا هونِ

أعيذك الله بالقرآن يا بلدي
من شر أطماع من باعوك في العلنِ

لا بارك الله فيمن ساد عن جَهَلٍ
فاستبدل الفرض بالأنفالِ والسننِ

واحسرتاه على الإسلام واااأسفي
كيف استباحوه في ظلمٍ وفي دخنِ


ضعنا فضاعت الأعياد قاطبةً
حتى غدونا كنهرٍ راكدٍ أسنِ


لا تأتِ يا عيد إن الحال يذبحنا
حتى شربنا الأسى في الماء واللبن

العيد هلَّ وما زلنا على شعثٍ
نشكو من الذلِّ والتشريدِ والحزنِ

سأسأل العيد هل في الأرض مائدة
من كل لون من الأحقاد والضغنِ

أم في السماء جيوش لا انتهاء لها
من عاصفات خيول الخوف والمحنِ

في داخلي ألف آهٍ كيف أكتبها
وكيف يهنأ عيدٌ فيك يا يمني
نبأ من سبأ ، وهدهد للشعر ، وحديث عن عمارة الشعور .
في القصيدة تم الاختتام بحالة إشراق فني عامر ، وتوجه مفعم لواقع حال تملك في الشاعر كل ذرة من كيانه ووجدانه ، وتفجرت فيه اللحظة بموقف استعصى عليه بسطه وصياغته بعد تشكله وتخلق ملامحه :  
 في داخلي ألف آهٍ كيف أكتبها
 وكيف يهنأ عيدٌ فيك يا يمني
وهذا السياق الأسلوبي القائم على التقديم والتأخير يعد من أجمل الأساليب الفعلية والحركية في القرآن الكريم وجاء استخدامه في هذا السياق ، ومجيئه بأسلوب التقديم والتأخير داخل أسلوبها الفعلي العام بغير الحال التراتبي للجملة الفعلية من دون المعهود على الدوام ، يضفي مثل هذا الواقع الكتابي على السياقات ملامح جمالية تشد قارئها نحو التعبيرات الدلالية لهكذا أساليب .
والبيت الشعري في هذا السياق جاء على هذا النحو :
 أعيذك الله بالقرآن يا بلدي
 من شر أطماع من باعوك في العلنِ
ونقف مع قصيدة سبأ البعداني على تلك المواطن على تأكيدنا بأننا في سياق مناقشة هذا الموضوع وتناوله  بتأمل عام بعيدٍ عن النقد الدقيق للغة القصائد ومعطياتها البنائية القائمة على تخوم بيئتيها الداخلية والخارجية.
***
نصف عيد ، ورشه عطر فواحة.. مقام نزاري عيدي:
وفي مثل هذا الزمن التعيس الذي آلت إليه أمورنا نحو مزالق الردى ، ومهاوي البؤس واليأس ،  كم نتمنى لو أن لنا نصف عيد نعيشه انشتم عطره كمثل ذلك الذي تحدث فيه نزار قباني
اروع ما قاله نزار قباني عن العيد
يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا..
واستوطن اﻷرض أغراب وأشباحُ...

ياعيد ماتت أزاهير الرُّبى كمداً..
وأوُصِدَ الباب ما للباب مفتاحُ...

أين المراجيح في ساحات حارتنا..
وضجَّة العيد والتَّكبير صدَّاحُ...

الله أكبر تعلو كل مئذنة..
وغمرة الحبِّ للعينين تجتاحُ...

أين الطُّقوس التي كنَّا نمارسها..
ياروعة العيد والحنَّاء فوَّاحُ...

وكلنا نصنع الحلوى بلا مللٍ..
وفرن منزلنا في الليل مصباحُ...

وبيت والدنا بالحبِّ يجمعنا..
ووجه والدتي في العيد وضَّاحُ...

أين الذين تراب اﻷرض يعشقهم..
فحيثما حطَّت اﻷقدام أفراحُ...

أين الذين إذا ما الدَّهر آلمنا..
نبكي على صدرهم نغفو ونرتاحُ...

هل تذكرون صلاة العيد تؤنسنا..؟
وبعضهم نائم والبعض لمَّاحُ...

وبعدها يذهب الإخوان وجهتهم..
نحو المقابر زوَّاراً وما ناحُوا...

لكن أفئدة بالحزن مظلمة..
وأدمع العين باﻷسرار قد باحُوا...

كنا نخطِّط للأطفال حلمهم..
ونبذل الجُّهد هم للمجد أرواحُ...

تآمر الغرب واﻷعراب واجتمعوا..
فالكل في مركبي رأس و ملَّاحُ...

وأين أسيافنا والجَّيش عنترة..
وأين حاتمنا هل كلهم راحُوا...

يا عيد عذراً فلن نعطيك فرحتنا..
مادام عمَّت بلاد الشَّام ( اليمن ) أتراحُ...
وليت نزار قباني عاش إزاء هذه القصيدة ليرى مهازل دهر أمتنا ليدرك الحال الذي وصلنا إليه، وليدرك جناية ما قال ، وأن الذي كان قاله ماعاد يماثله حال مقارنة بواقعنا المعاش للأسف الشديد.  
مالذي كان سيقوله نزار لو كتب له العيش حتى يومتا هذا الذي تفوح منه روائح الانقسام لواقع يمني من ورائه واقع عربي يتبعثر على نحو مؤلم للنفس بكل تجلياته .
***
 أفلح وثالثة الأثافي.. وقدات الخطاب:
أفلح في شعره ثلاثة أحجار تقوم عليها القدور التي يطبخ عليها الطعام ، وكل حجر بمثابة أثفية لن يقوم له حال بانعدام إحدى الأثافي الثلاث ، وفي شعره محال عليك المرور دون ملاحظة قدرته المتناهية على ابتناء نصوصه بأساليب سهلة وميسرة على لغاتها صعبة المراس ، فقط يحب في أسلوبه أن يكون بسيطاً وعميقاً بنفس الوقت ، وعليه فأفلح منتعش التوقد الشعري والأدبي كمنهج عام في قصائده
يقول :
لنا هلالان دون الناس في اليمنِ
ولا يهلان من(صنعا)ولا(عدنِ)
.
فذا ب(طهران)قد لُفت عِمامته
وذا(الرياض)شديد وارفُ الذقنِ
.
والدين ك(الشمس)لا يحتاج نورهما
لنعرف الفرق بين الفرضِ والسُنَنِ
.
تمذهبا كيف والإسلام فطرتنا
والدين يُسر وهذي فتنةُ الفتنِ
.
هما النقيض وقطعاً قطُ ما اتفقا
حتى على العيدِ يختلفان يا وطني

ومحمد عبده أفلح شاعر يصنع بعض قصائده في رصيف المعاناة، ويبتني موضوعاتها من روح شاعر فنان وحساس ، ساعده على ذلك امتلاكه أسلوباً متعدد الزوايا وواسع الاستخدام ، وجد نفسه بين هلالين مشدوداً بهما دون أن تكون لديه القدرة في استجلاء واقع الألم الذي يسكنه إلا بما جاد به صوته الشعري الملون بعديد من الصور التي حاول بها أن يواكب حدثاً شكاه لوطنه الذي تفرق فيه شمل أبنائه اليوم بواحدة من أركان ما كان يجتمع عليه أبناء الوطن لمئآت السنين. وأفلح شاعر إذا تكلم إسمع لقوة ما يكتبه مواكباً لهكذا حالات واقعية تستحق منه صوته الشعري الذي عودنا حضوره وعلى الدوام في كثير من المناسبات .
***
صدف ومحاسن:
من محاسن الصدف الأدبية التي قد تتجلى بمعطيات الواقع الكتابي للنصوص بالأساليب والتجارب واللغات والمواقف الأدبية التي تمثل في مجملها بصمة الكاتب والشيفرة الخاصة بلون كل كاتب أن هناك مجموعات لفئآت من الشعراء تتماثل في هذا السياق بما ذكرناه في الأعلى وبحد قد لا تستطيع التفريق بين قصائد هؤلاء.
لربما أتذكر مجموعة منهم نستدعيهم لهذا المقام للمسكون في قلوبهم والمتدفق عبر قرائحهم بما يشبه الاستواء في الصفوف للصلاة لواحدية الأسلوب في الكثير من جوانب قصائدهم مع احتفاظ كل كاتب بجانبه المميز .
ومن خلال الفحص والتأمل الدقيق للمحتويات والمضامين والسير العام لكثير من القصائد لربما نجد بأن (مازن ووليد ومنصر وبسام القحطاني وزكريا الغندري وأسامة الغبان وفايز العبسي) هؤلاء ينتمون لمدرسة واحدة تتماثل في أساليبها وموضوعاتها وخزائنها اللغوية والأدبية وخطهم الأدبي العام أيضاً ثابت ومخبور فيهم وعليه فقد عرفوا به . وفيهم من التناغم ما سيذهلك لو أن مجلسا جمعك بهم وستدرك كيف هم بمستوى واحد من حيث الرفعة والشموخ.... هم مدرسة وكلهم نسيجها الواحد لو انتزعت كل واحد على حدة ستجده مشدودا نحو الآخرين من أقرانه منسوبي مدرسته. وينبغي التأكيد على أن تجميع مجموعة من الشعراء وجعلهم في خانة واحدة من حيث الأسلوب واللغة والتجربة ذلك أصعب شيئ نظرا لأنه بحاجة لتأملات مقارنة تقاربهم في بوتقة واحدة من بؤرة القصيد. وحقيقة فقيمة هؤلاء كشعراء مبدعين تكمن في روح التحليق والخيال الواسع المصنوع في بؤر نصية تلامس شغاف الواقع بمنحنيات ومنعطفات واقعية في المنتهج العام من روح القصيد ليس لأن ماكتب أداءً مجنحاً يتجاوز بلغته الفضفاضة والواسعة المبالغ فيها حدود الواقع المعاش، بل إنه ينيخ ركابه على بساط واقعه الضارب أطتابه عميقاً في جذور شوعهد هذا الواقع.

 

تعليق عبر الفيس بوك