أريد أن أعيش اللحظة


د. أسامة الحاوي | مصر
 
بأي فضول هو الذي يدفع أحدهم أن يرى تخمين ملامحه بعد عمر سنين..؟! لا ألوم أحدًا؛ لكلٍ حريته وبراحه، وأسبابه وُجدت، أوانعدمت؛ لكن قلبي انخلع من تخيل الموقف، سوف أكبُر ويتجعد الوجه ويشيب الشعر ويقترب باب النهاية، وأنا الذي جاوزتُ منتصف العمر الافتراضي لأجيالنا، وأنظر خلفي فلا أرى الآثار التي ترضيني عن رحلة شاقة؛ ربما لم أكن دؤوب السعيّ ولا رافع الهمة دومًا، ولا أشد المبتلين؛ لكن بفضل الله مرّ بعض المرّ، وجاء السكّر.
ضاقت النفس بعثرات كانت تظنها الهالكة، وأنجانا عفو الله وفضله وكرمه وصلاح السلف من الجحود للنفس أن نقلل الجهد، والمكاسب الصغيرة، ومن الجحود أن ننكر دعم الشركاء والأحباب الذين لولاهم لسقطنا في أول هوة.
لوقت قريب كنت أتحاشى التقاط الصور لملامحي، أشعر وكأنني شخص آخر؛ غير الذي نبت وترعرع في كنف رحيم وبيت أحب العلم وأهل الله، وأحبَّائه؛ شخص غير الذي أريد وأرجو.
أذكر في الثانوية العامة أنني قلتُ أقول لصديقي الوليد: أنا لا أحمل همّ النتيجة والكلية قدر ما أحمل همّ كيف سأكون أنا..؟! فضلا عن الانتظار الذي يصيب القلوب بالشيخوخة والموت البطيء.
أنا لا يشغلني الآن سوى خفة الحمل وترميم ما انشرخ وما تصدع. للناس رب يهديهم ولهم مني الدعوات والحكمة والموعظة الحسنة. لا يشغلني سوى تمهيد طريق الهديتين اللتين أنعم الله عليّ بهما: عبد الله ومريم؛ أُحسِن تربيتهم وأجتهد في ما أخطأتُ فيه أن أقوّمهم عليه، وزوج أسأل الله أن يعينها عليّ ويؤجرها، وأم بسمتها نافذة للسعة والأرزاق.
أنا لا أريد أن أكبر على حال تيه أو خطو مضطرب؛ أريد أن أعيش اللحظة؛ أستمتع بها وأجعل الإيمان والرضا بالله وقضائه وأقداره خير معين، والتقوى خير الزاد.

 

تعليق عبر الفيس بوك