الرسامة


رضى كنزاوي |

أيتها الرسامة
لن أتوسلك !
بل سأرغمك و مسدسي على رأسك
أن تعالجي واقعي
بريشتك
هذا المرض الذي أثبطني
منذ  أن اشرأبت
روحي إلى يمامة زغردت في يد الله
ثم ما لبثت
أن سقطت برصاصة صقر
 طائش.
أعيدي رسم عيني بلا دموع...
ووجهي بلا كدمات
وجبيني بلا تجاعيد
وشفتي بلا حسرة
و ركبي بلا رعشات...
و ظهري بلا سياط
وروحي بلا شتات
و قدي بلا حفاء
و تصدعات
و يدي بلا صدأ و خرائط
و قلبي بلا خوف و وجل.
لا ترسمي لي قفصا صدريا
 بل ستارا حريريا
يتأرجح  
 كنهدين في مبغى.....
كي تسع السماء رئتي
عندما
أبتلع السحب
والكواكب والنجوم
والدخان...
والعالم و الهموم......
ولكي يثب هذا القلب المنكسر
كأنف ملاكم
في حضنك.....
كما تثب جراء البدو الشرسة على الغرباء
وسائقي الدراجات .
سأقف أمامك عاري الأسمال والهوية
عاري
 اللغة و العقيدة والكبرياء..
سأصعد
إلى حصانك الخشبي مصلوبا
 كمسيح إلى عشائه
الأخير..  ..
لتعيدي تشريحي
وتوزيع أعضائي على هذا الجسد
كيفما اتفق لخدمة حبنا الأبدي:
ارسمي لي
 أربعا وأربعين ذراعا
كي يمل المستبد من تقيدي
كل ما جز بي في مخافره
ومعتقلاته وتوابيته.....
كي أحضنك بعنف حد الاختناق
كدودة معلقة في ساق وردة....
ارسمي لي بدل هذه الأقدام رياحا
رياحا عاصفة هوجاء ،
لا توجهها سفن ولا أشرعة
ولا طرق
أو أحذية
او تيارات
ولا بيارق أو نوافذ
أو شَعر
أو شِعر.....
وبدل هذه العيون أزقة فقيرة
حيث الكبت والسعال
رابض حول مجالس القرفصاء
 والتبغ والأظافر الصفر
تلاك في الليل .....
وراء جدران الحسرة وحزن الأمهات
اللاتي فشلن في تدبير عشاء
لأبنائهم الجياع خلف الأحلام البعيدة ...
ارسمي لي بدل هذا الثغر الذي قضمه السكوت
صحراء
قاحلة
حيث كل حبة رمل تزن قصيدة أو جريمة
ثقيلة ضاربة إلى لون الكستناء
ارسمي لي بدل هذا الوشاح
أما وأبا
لايفارقان صدري كخنجر يمني
 ولا تنسي أن تعيدي رسم طفولتي،
طفولتي .....
الضائعة في جيوب أوهامنا
منذ أول إبهام رضعته
إلى آخر  تبان نسائي سرقته
من حبل نشير جيراننا
و استنشقته خلسة...
من العالم
بعدما مررته على وجهي بهيام شاعر .
ثم علقيني كإضبارة
مشبوه
في كل حيطان العالم بلا إطار خشبي
أو وطني....
فانا أكره الحدود والأسماء والتصنيفات
والمفارقات
وعندما
درست معادلة الزيت والماء
حينها وفقط.....
تمردت على الفيزياء والأستاذ
والمدرسة و الطبيعة والعالم
والوجود بأسره...
أعيدي رسم واقعي
بدماء
وطين
و بول
ورضاب
ودموع
ومخاض طفولتي .....
علقيني في متحف ذاكرة الهزائم وليكن
ثمن زيارتي
بطنًا جائعة أو جوربًا مثقوبا
فأنا شاعر من الشرق
لا يمسه إلا المطهرون.

 

تعليق عبر الفيس بوك