تزامنا مع الاحتفال بالعيد الوطني للجمهورية الفرنسية

رينو سالان: السلطنة وفرنسا تتقاسمان رؤية مشتركة حول كافة القضايا لإيمانهما بثقافة الحوار

...
...
...
  • فرنسا في المرتبة السادسة من حيث الاستثمارات الأجنبية.. والعدد في تزايد
  • السفير الذي يتم تعيينه في السلطنة محظوظ لعدم وجود أي نزاعات
  • نصف كهرباء السلطنة تنتجها شركة تضامنية فرنسية - عمانية
  • أعضاء النقابة الفرنسية للقطاع الخاص زاروا الدقم وأبدوا رغبة للاستثمار فيها
  • 4 بعثات فرنسية أثرية تعمل في السلطنة بتعاون وثيق مع وزارة الثقافة والتراث
  • نخطط لاحتفالية مشتركة بالتعاون بين المتحف الوطني العماني ومتحف ليون الفرنسي

 

بالتزامن مع الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي، كان لـ"الرؤية" هذا اللقاء مع سعادة رينو سالان سفير الجمهورية الفرنسية المعتمد لدى السلطنة، الذي عبّر عن سعادته بثاني عيد وطني يحتفل به في مسقط، مؤكدا أنّ السفير الفرنسي الذي يتم تعيينه في عمان يعد محظوظا للغاية، نظرًا لعدم وجود أي نزاعات بين البلدين، وبفضل اتفاق الجانبين حول أبرز القضايا العالمية.

وأشاد سعادة السفير بمعدلات النمو في نسبة التبادل التجاري بين البلدين، حيث بلغت في العام الماضي نحو 450 مليون يورو، فضلا عن ارتفاع عدد السياح الفرنسيين إلى السلطنة بنسبة 20% ليتجاوز عددهم 60000 سائح زاروا السلطنة في 2018.

وذكر سعادته أنّ شركة توتال تتعاون مع شركة شل في مجال استكشاف حقل للغاز، وتعتزم الشركة تشييد محطة جديدة في صحار تعمل على تسييل الغاز وإنتاج وقود نظيف جديد للسفن، لتصبح أول محطة وقود للسفن من الجيل الجديد. وبالإضافة إلى ذلك هناك مجموعة مؤلفة من 5 شركات فرنسية للمشاركة في مناقصات الدقم.

 

حوار: مدرين المكتومية – محمد رضا اللواتي

تصوير/ راشد الكندي

 

  • هذا ثاني عيد وطني فرنسي تحتفل به في السلطنة.. كيف كانت تجربتكم حتى الآن؟

أنا راضٍ تماما عن الفترة التي قضيتها في السلطنة حتى الآن، وأستمتع بها جدا، لكنني حزين في الوقت نفسه؛ لأن الوقت يمضي بسرعة، لذلك أتمنى أن تتاح لي فرصة قضاء عامين آخرين فيها.

وقد تمت استضافتي من قبل السلطات العمانية بقدر كبير من الاهتمام والاحترام. ويعتبر السفير الفرنسي الذي يتم تعيينه في سلطنة عمان محظوظا للغاية نظرًا لعدم وجود أي نزاعات بين البلدين بفضل الاتفاق حول أبرز القضايا.

  • كيف تقيّم مستوى التعاون بين السلطنة وفرنسا في السياسة الخارجية؟

تربط سلطنة عمان والجمهورية الفرنسية علاقة وطيدة ضاربة في أعماق التاريخ تعود إلى القرن السابع عشر. فالجمهورية الفرنسية ممثلة دبلوماسيًا في سلطنة عمان منذ أواخر القرن التاسع عشر، كما لم يسبق أبدا للبلدين أن خاضا حربًا ضد بعضهما فقد شهدت فرنسا والسلطنة تعاونا وثيقا على مر السنين. أما من حيث السياسة الخارجية لكل من الجمهورية الفرنسية والسلطنة؛ فالدولتان تتقاسمان رؤية مشتركة حول كافة المواضيع ذات الصلة، دون وجود أي خلاف يذكر؛ وذلك نظرًا لإيمانهما التام بمبادئ الديمقراطية والحوار والتواصل.

ولا تملك الجمهوريّة الفرنسية والسلطنة أي أعداء ولطالما أبدت الدولتان استعدادًا للتحدّث مع الجميع. كما نتشارك مع السلطنة آراء مشتركة حول أبرز القضايا الراهنة وخاصة القضية الإيرانية. فنحن نتفق على ضرورة السعي لتقليل حدة التوتر وبذل كافة الجهود لتهدئة الوضع، ولدينا اعتقاد راسخ بأنّ السلطنة شريك رئيسي في تحقيق عملية السلام في هذه الفترة الصعبة. كما يعقد البلدان مشاورات سياسية منتظمة آخرها في شهر مارس بعد زيارة معالي السيّد بدر بن حمد البوسعيدي، أمين عام وزارة الخارجية إلى باريس؛ وأنا مسؤول هنا عن ضمان تواصل العلاقة الوطيدة بين البلدين. 

ونحن نعتبر السلطنة شريكًا في عملية مكافحة تغير المناخ، حيث صادقت مؤخرا على اتفاقية باريس للمناخ. وبهذا يمكن القول أنّه يوجد اتفاق بين البلدين حول كافة المواضيع.

  • وماذا عن المجال الاقتصادي بين البلدين؟

تحظى الجمهورية الفرنسية بتمثيل في السلطنة منذ وصول صاحب الجلالة السلطان قابوس إلى مقاليد الحكم وبدء مشروعه الرامي إلى تطوير الدولة العمانية في سبعينيات القرن الماضي من خلال عدة شركات فرنسية كبرى وصل عددها مؤخراً إلى 42 شركة كبرى. وتحتل فرنسا حاليًا المرتبة السادسة من حيث الاستثمارات الأجنبية في البلاد.

وتعمل الشركات الفرنسية بشكل ملحوظ في قطاع الخدمات العامة وخاصة في مجالات تزويد ومعالجة وتحلية المياه وفي مجال الكهرباء؛ حيث يتم إنتاج نصف كمية الكهرباء المتوفرة في السلطنة من قبل شركة تضامنية فرنسية - عمانية "شركة إنجي". ومن الوارد عدم ملاحظة هذه المعطيات ولكن من المؤكد أنّها متواجدة دائمًا.

وتعبيرًا عن اهتمامنا في هذا المجال، قام وفد يضم عددًا كبيرًا من كبرى الشركات الفرنسية بزيارة السلطنة في شهر مارس من هذا العام لمدة ثلاثة أيام، وقد نظمت هذه الزيارة النقابة الرئيسية للقطاع الخاص "جمعية أصحاب الأعمال الفرنسية – ميديف" وقمنا باصطحابهم إلى ولاية الدقم؛ نظرا للاهتمام الكبير الذي تحظى به هذه الولاية. وأتمنى أن تجذب هذه الزيارة مزيدًا من الشركات الى السلطنة. كما قمنا خلال هذا العام أيضا بإعادة تشكيل مجلس الأعمال رسميا بين فرنسا والسلطنة خلال زيارة ذلك الوفد في مارس.

ويأتي هذا في إطار الجهود المشتركة مع غرفة تجارة وصناعة عمان وخاصة مع سعادة قيس اليوسف، رئيس مجلس إدارة الغرفة الذي ساعدنا كثيرا، وأصبحنا نملك الآن هيئة تعمل على تسهيل الروابط بين البلدين. كما نُحظى في السلطنة بجمعية عمانية فرنسية نشطة للغاية تُسمى جمعية الصداقة العمانية الفرنسية برئاسة الشيخة هند بهوان. وأنا سعيد للغاية بالتطور الذي حققته هذه الجمعية في العامين الماضيين حيث أصبحت أكثر نشاطا وإشعاعا من خلال تنظيمها لعدة مناسبات حول قطاعات السياحة والاقتصاد والنفط والغاز. ومن بين المؤشرات الجيدة على نجاح الجمعية تزايد أعداد الراغبين في الدخول إلى عالمها.

وأعتقد أنّ أداءنا جيد من الناحية الاقتصادية حيث ارتفعت قيمة التبادل التجاري بين البلدين في العام الماضي إلى حدود 450 مليون يورو؛ فعلى سبيل المثال قام طيران السلام بشراء "إيرباص".

كما تجدر الإشارة إلى ارتفاع عدد السياح الفرنسيين الوافدين على السلطنة وذلك بنسبة 20٪ في العام الماضي ليتجاوز عددهم 60000 سائح فرنسي قاموا بزيارة السلطنة خلال عام 2018، وهذا عدد هائل.

  • كيف تعمل سفارتكم حاليا على زيادة هذا العدد؟

نعمل حاليا على ذلك بالتنسيق مع سفارة السلطنة في باريس؛ وأعتقد أنّ الإشعاع السياحي للسلطنة في الأسواق العالمية في تزايد مستمر، حيث يتوافد عليها عدد كبير من السياح الفرنسيين وأعداد متزايدة من السياح الآسيويين. وتشهد السلطنة تحسنًا ملحوظًا في البنية التحتيّة للسياحة وتزايدًا مستمرًا في أعداد الفنادق سنويا، وهي تطورات مفيدة للبلد.

  • في مجال الأعمال التجارية، هل هناك خطط لقدوم مزيد من الشركات الفرنسية الكبرى إلى السلطنة؟

تمتلك شركة توتال نسبة 4% من أسهم شركة تنمية نفط عمان منذ تأسيسها؛ لكنها لم تقم أبدا بعمليات خارج هذه الشراكة في السلطنة، وهو ما سيتغير حاليا حيث تقوم شركة توتال بالشراكة مع شركة شل باستكشاف حقل للغاز. وتعتزم شركة توتال تشييد محطة جديدة في صحار ستعمل على تسييل الغاز وإنتاج وقود نظيف جديد للسفن. فصحار على وشك أن تصبح أول محطة وقود للسفن من الجيل الجديد وهي محطة فريدة من نوعها.

أمّا بالنسبة للدقم فهناك مجموعة مؤلفة من 5 شركات فرنسية؛ تكونت للاستجابة للمناقصات الجديدة المطروحة في الدقم، وهي حاليا في انتظار طرح المناقصات الجديدة المتعلقة بمصنع الإسمنت.

  • لا يوجد عدد كبير من العمانيين يتقنون اللغة الفرنسية، فإلى أي مستوى يتصل التعاون بين البلدين في قطاعي الثقافة والتعليم؟

ربما لذلك السبب يتوجه أغلبية العمانيين إلى البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية. لكن يوجد حاليا قرابة 100 طالب عماني في فرنسا كما نستقطب سنويًا 5 طلاب طب من السلطنة لقضاء حوالي 6 أو 7 أعوام لدراسة عدة تخصصات في إطار الاتفاقية التي تربطنا بالسلطنة وخاصة اختصاصات الجراحة وجراحة القلب وجراحة الأعصاب.

وقد بدأنا في جني ثمار هذا البرنامج الذي انطلق منذ نحو 8 أعوام، وبدأ هؤلاء الطلاب في العودة إلى السلطنة وتقلد مناصب في مستشفياتها. كما يوجد في السلطنة المركز العماني الفرنسي الذي يوفر دروسًا في اللغة الفرنسية لفائدة حوالي 1000 طالب عماني سنويًا فضلا عن جامعة السلطان قابوس وجامعة نزوى حيث تتوفر فيهما أقسام للغة الفرنسية. نعلم أنّ اللغة الإنجليزية هي لغة جيدة ولكننا نسعى لأن نبرز أنّ كافة اللغات مفيدة.

وقد حلت السلطنة خلال شهر مارس من هذا العام كضيف شرف خاص في معرض باريس الدولي للكتاب، وهو حدث كبير في باريس شهد حضور وفد كبير من السلطنة، وقدم الوفد الذي ترأسه معالي وزير الإعلام العماني صورة رائعة عن الثقافة العمانية.

كما توجهت الأوركسترا السيمفونية السلطانية العمانية إلى باريس بهذه المناسبة، التي مثلت فرصة رائعة للتعريف بالثقافة العمانية وإشعاعها الكبير. وأعتقد أنّ هذه المناسبة ستساعد على جذب المزيد من السياح الفرنسيين إلى السلطنة.

تربطنا أيضا علاقات جيدة في مجال الملاحة البحرية ما زالت قائمة إلى اليوم، حيث أجرت سفن البحرية الفرنسية 12 رسوًا منذ بداية العام في موانئ مسقط والدقم وصلالة، وهذا عدد ملحوظ. كما شاركت سفينة شباب عمان في المناسبات التي قمنا بتنظيمها للسفن القديمة وكان لذلك أثر كبير.

  • كم عدد المواطنين الفرنسيين المقيمين في مسقط بالتقريب؟

هناك نحو 800 أو 1000 مواطن فرنسي ونملك مدرسة فرنسية هنا يرتادها حوالي 300 تلميذ.

  • بخصوص إرساء السلم في المنطقة، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي رغم مواصلة التزام فرنسا وبعض البلدان الأوروبية الأخرى بها، هل تعتقدون مواصلة العمل بهذه الاتفاقية؟

نبذل قصارى جهدنا لضمان التزام إيران بالاتفاقية التي تم إعدادها منذ 4 أعوام لمكافحة انتشار الأسلحة النووية. ونعتقد أنّ هذه الاتفاقية كانت مثمرة؛ لذلك تسعى فرنسا وأوروبا بصفة عامة إلى ضمان تمتع إيران بفوائدها. كما تحاول أوروبا مؤخرًا إرساء آلية تسمح للشركات الأوروبية بالتداول مع المؤسسات المالية والبنوك الإيرانية. لكن المسألة مرتبطة بعامل القوة فالأمر لا يتعلق بنا بل بسلوك إيران. ونتمنى أن تتجنب إيران اقتراف أي تجاوزات من شأنها أن تقصيها من الصفقة، كما تشاركنا السلطنة ذات وجهة النظر؛ فالكل يرغب في بقاء إيران في الصفقة.

  • حول الوضع في الخليج، هل لديكم حلولا من شأنها تهدئة الوضع؟ وهل تعملون بالتنسيق مع السلطنة لإنهاء الحرب في اليمن؟

فرنسا عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛ لذلك فهي صاحبة مصلحة في جميع المواضيع والأزمات حول العالم. ونحاول دائمًا التحدّث بصوت العقل والتحاور مع جميع البلدان كالسعودية والإمارات والعراق وقطر وإيران، مثلما هو الحال بالنسبة للسلطنة. وحول التوتر الذي تشهده منطقة الخليج كنا نشطين للغاية في الأسابيع القليلة الماضية لتقليل حدتها من خلال التحاور مع أصدقائنا الأمريكيين وإيران وكافة البلدان الأخرى. كما توجد قضية الأمن البحري التي يعمل الجميع عليها. وتتمثل وظيفتي في الحفاظ على حوار مستمر مع السلطات العمانية حول هذه القضايا؛ لأنّ للعمانيين سياقًا وأفكارا وقدرات خاصة، ومهمتي كسفير فرنسي تتمثل في التأكد من الحفاظ على الحوار بين عاصمتينا وتبادل المعلومات والاتفاق حول هذه القضايا.

  • هل تعتقدون أنّ باريس تُعد مكانًا آمنًا للزيارة حاليا، نظرًا لمشكلة السترات الصفراء التي تهدد بعض العائلات؟

أعتقد أنّ هذه القضيّة قد أثارت حيرة كبيرة لدى الكثيرين. وقبل كل شيء تمّ تنظيم هذه الأحداث في أيام السبت فقط بعد انخفاض نسق الحركة دون حدوث أية مشاكل تقريبا. كما يتم تنظيم هذه التظاهرات في مدينة مختلفة كل يوم سبت. ووصلنا حاليا إلى العطلة الصيفية التي تعتبر مقدسة بالنسبة للفرنسيين. ويجب أن تعرفوا أنّ فرنسا بلد آمن يمكنكم زيارته متى ما شئتم؛ ففرنسا هي أكبر دولة تستقطب السياح في العالم حيث تتجاوز الولايات المتحدة الأمريكية. وقد بلغ عدد السياح الوافدين إلى فرنسا 120 مليون سائح.

  • هل توجد بعثات ثقافيّة فرنسيّة تتعاون مع وزارة التراث والثقافة؟

نعم، أرسلنا خلال هذا العام أربع بعثات فرنسية أثرية إلى السلطنة؛ ففرنسا لديها اهتمام كبير بعلم الآثار، حيث تمّ في العام الماضي إدراج موقع "قلهات" ضمن لائحة التراث العالمي لليونسكو بعد أن قامت البعثة الفرنسية باكتشافه. كما لفرنسا اهتمام كبير بماضي السلطنة ومستقبلها. ولدينا تعاون وثيق للغاية مع وزارة الثقافة والتراث العمانية. وسنعمل في العام المقبل الذي سيمثل الذكرى الخمسين لتولي جلالة السلطان قابوس مقاليد العرش على إقامة علاقات تعاون بين المتحف الوطني العماني ومتحف ليون حيث سيقام معرض فرنسي في مسقط ومعرض عُماني في مدينة ليون.

تعليق عبر الفيس بوك