"تضارب المصالح" في رسوم توصيل المياه

فايزة الكلبانية

 

تتباين وجهات النَّظر والآراء عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي حول بعض بنود لائحة تنظيم خدمة المياه الصالحة للشرب، والرسوم الجديدة لتوصيل الخدمة، كردة فعل على التغيرات التي أحدثتها القوانين والضرائب المفروضة من بعض الجهات المختصة والتي تشكل أعباءً إضافية على المواطن في تفاصيل حياته اليومية، في ظل ثبات أو تراجع مستوى الدخل، وتوقف الترقيات لدى البعض.

وإلى جانب التغييرات التي طرأت على بعض قوانين الإسكان والقوى العاملة والبلدية والصحة والتجارة والكهرباء وضغط المخالفات المرورية وتغير أسعار البترول الشهرية وارتفاع التسعيرة، وغيرها من الضرائب التي يساهم فيها المواطن بطرق غير مباشرة نتيجة للمتغيرات المختلفة والتحديات الاقتصادية، يرى المسؤولون أن رسوم توصيل خدمة المياه الصالحة للشرب الجديدة، (في صالح المواطن وتسهم في تنظيم آليات سير العمل).

وقد أوضح بيان "ديم" أن صدور لائحة تنظيم خدمة المياه الصالحة للشرب رقم (2019/6) جاء من أجل تنظيم تقديم الخدمة وتنظيم العلاقة بين طالب الخدمة "المشترك" ومقدمها "الهيئة" حيث تُحدد اللائحة العلاقة بين الهيئة كـمزود بالخدمة وبين المواطن مالك العقار المستفيد من الخدمة من حيث الحقوق والواجبات الملزمة للطرفين المتعاقدين وفق الشروط المنصوص عليها في العقد.

 

وقال أحد مسؤولي "ديم" في مؤتمر صحفي أمس إن المبالغ المحصلة التي سيدفعها المشتركون لتوصيل خدمة المياه والتي تقدر بـ10 ريالات شهرياً لمدة 70 شهراً وبإجمالي (700 ريال) ستعود إلى سداد القرض التمويلي الذي استفادت منه الهيئة العامة للمياه "ديم" والمقدر كدفعة أولى بـ 15 مليون ريال من بنك اليسر الإسلامي وذلك بعد اتفاق الهيئة مع وزارة المالية على ألا تعود المبالغ إلى خزينة الدولة، وأضاف أن مبلغ الـ 700 ريال سيدخل محفظة لتمويل توسعات أخرى في الشبكة وتسديد التمويل الموجود، حيث إن جميع مشاريع المعبيلة الآن ممولة من بنك اليسر، وقد تمَّ الأسبوع الماضي طرح 23 مناقصة يستفيد منها 54 مخططاً، فهل يعقل هذا؟!

ولو أردنا أن نتقبل الوضع ونأخذه بإيجابية، يلفت انتباهنا في بيان "ديم" إشارته إلى تدخل الهيئة في وقت سابق لضمان عدم رفع قيمة هذه التوصيلات من قبل تلك الشركات واعتمادها نظام تقديم عروض أسعار قبل الشروع في إسناد أعمال التوصيلات من قبل 3 شركات يتم اختيار أقل سعر مقدم منها، إلا أنَّ مبدأ العدالة والمساواة في هذه الأعمال لم يكن متحققاً، حيث كان بعض طالبي الخدمة يتكبدون قيمة مُرتفعة في سبيل توصيل الخدمة، نتيجة لبعد مسافة التوصيل من أنبوب التوزيع إلى العقار وطبيعة المنطقة، بينما يحصل فيما بعد طالبو الخدمة الآخرين الملاصقة عقاراتهم للعقارات الموصلة بالشبكة بعد إكمال البناء قيمة توصيل أقل.

ولعل من أبرز البنود التي نالت قسطاً أكبر من مناقشات أفراد المجتمع مؤخرا، أن على المشترك سداد قيمة فاتورة استهلاك المياه خلال (30) يوماً من تاريخ إصدار الفاتورة، وإذا تأخر فـي سدادها لمدة تزيد على (45) خمسة وأربعين يوماً يوجه إليه إنذار بقطع الخدمة بعد (10) عشرة أيام من تاريخ إنذار القطع، ولا تُعاد الخدمة إلا بعد سداد المتأخرات، أو الاتفاق على تقسيط المبالغ المستحقة لأقساط شهرية، مع دفع رسوم قطع، وإعادة التوصيل المحددة، فمن المنطق لو كان الشخص قادرًا على السداد فلماذا سيتأخر ليتكبد كل هذه المبالغ، فالتأخير نادرا ما يكون نتيجة "الإهمال أو اللامبالاة أو التعمد"، وغالباً يكون بسبب الظروف والضغوطات المادية الصعبة لدى الفرد، وهنا "نزيد الطين بلة" ونضيق الخناق على الفرد مما سيكون له آثار سلبية اجتماعياً واقتصاديًا.

وفي المقابل فإنَّ كل هذه القرارات ستعود نتائجها على المواطن سواء من يمتلك عقارات وبنايات أو من لا يمتلكون لكونهم سيلجأون إلى التأجير لظروف العمل والبعد عن مناطق سكنهم وهو ما من شأنه أن يساهم في رفع إيجارات الشقق والبنايات لتغطية تكاليف البناء وما يتبعها من رسوم يتكبدها صاحب العقار، كما ستساهم في عرقلة الاستثمار في القطاع العقاري حتى وإن كان الهدف تنظيم آليات العمل بين "الهيئة" و "أصحاب العقارات" مهما كانت تجارية أو صناعية أو حكومية أو فردية.

Faiza@alroya.info