قضاة الملاعب

 

محمد العليان

مهنة التحكيم في كرة القدم مهنة صعبة، وتحتاج مواصفات معينة، ويعتبر الحكم في المباراة والملعب مثله مثل القاضي في المحكمه تماما، والفارق بينهما أنَّ قرارات حكم كرة القدم تكون فورية وفي اللحظة ذاتها عند ارتكاب الخطأ، وفي ثوانٍ معدودة يكون قد اتخذ قراره، صحيح أنه قد يصيب وقد يخيب إلا أنَّ النسبة الغالبة تصب في خانة الصواب. بعكس قاضي المحكمة، قراراته يأخذها بعد مداولات وجلسات كثيرة مع عدة أطراف، ويُصدر بناءً عليها الحكم في النهاية بأغلبية الأصوات.

نعود لقرارات حكم المباراة، قد يتسبب التأخُّر فيها في كارثة أو مشكلة حتى ليس بين الفريقين، بل قد تمتد للجماهير في المدرجات الموجودة بالآلاف؛ فالرجوع عن الخطأ أو الالتباس قد يكلف الحكم كثيرا، والتردد في اتخاذ أي قرارقد يسبب مشاكل في المباراة والملعب والمدرجات أيضا، وحتى خارج الملعب ممن يتابعون المباراة.

وهنا نأتي لأهم صفات الحكم الناجح: يجب أن يكون مُلمًّا إلماما كاملا بقانون اللعبة، وكل عناصرها، ومتعاونا مع مراقبي الخطوط للانتباه لحالات التسلل وكشف الأخطاء التي تأتي من خلف الحكم، وأيضا من المهم أن يكون الحكم لاعبا سابقا، وهذا يُسهِّل عليه، خاصة كيفية التعامل مع اللاعبين والجماهير في ملعب المباراة. وأن يتَّصف بالهدوء والاتزان وصفاء الذهن والحضور القوي في الملعب، ويكون قدوة في التعامل والسلوك والأخلاق، ويجب أن يكون قوي الشخصية ويستعمل صافرته بطريقة سليمة وودية حتى لا يثير حفيظة اللاعبين، فهناك حكام يدخلون المباريات وكأنهم في حرب مع الفريقين واللاعبين، وليست مباراة متعة ومشاهدة يحق للجميع أن يستمتعوا بالاداء واللعب الجميل والأهداف.

كما يجب على الحكم التجرُّد من عواطفه كليا بأن لا ينحاز لفريق على حساب آخر في القرارات والأخطاء أو التساهل، فيجب أن يحكم بضميره وما يمليه عليه قانون اللعبة، ويكون القدوة في السلوك والانضباط والنظام، وأن تكون ثقته بنفسه كبيرة، وأن لا يتأثر بالمحيط الداخلي ولا الخارجي للعبة. وإذا عُدنا إلى حُكَّامنا سنجد أنَّ نسبة الأخطاء من خلال الـ3 السنوات الأخيرة أصبحت نسبة قليلة، وليست مؤثرة في نتائج المباريات، وتحسَّن مستوى التحكيم بشكل كبير بل بشكل مثالي؛ فالتقنيات الحديثة سهَّلت على الحكام بنسبة كبيرة جدا اتخاذ القرارات داخل الملعب عبر التواصل اللاسلكي للحكام مع بعضهم البعض، ولا ننسى أيضا أنْ نُشيد بالحكم العماني الذي وصل للمحافل العربية والدولية وأكد نجاحه فيها وأصبح الحكم العماني مطلبًا لكل البطولات والمسابقات الخارجية بإثبات كفاءته التحكيمية، والإشادة بها من كل المسؤولين، وكذلك ثقتهم في الحكم العماني الذي هو شرف الكرة العمانية في البطولات الخارجية.. خلف هذا كله لجنة الحكام في اتحاد الكرة التي تعمل جاهدة بكل هِمة وإخلاص في رفع كفاءة الحكام وتأهيلهم وتدريبهم ليكونواعلى مستوى الحدث والمسؤولية وفي النهاية الحكم بشر يخطئ ويصيب، وأصبح الحكم العماني سفيرًا لبلده في الخارج ويمثلها خير تمثيل؛ فالتكريم والتقديروالمكأفاة للحكام واجب، مسؤول عنه الجميع.. وتحية للحكم العُماني.