تتمتع بسمعة طيبة وتتحلى بمعرفة عميقة عن المجتمع الأمريكي

السفيرة السعودية الجديدة بواشنطن.. أميرة في "مهمة مستحيلة"

ترجمة- رنا عبد الحكيم

قالت وكالة بلومبرج الإخبارية إن الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود سفيرة المملكة العربية السعودية الجديدة لدى الولايات المتحدة، تنتظرها مهمة مستحيلة، في ظل مساعيها المرتقبة لتطوير العلاقات بين البلدين، والتي تراجعت لأدنى نقطة لها منذ هجمات 11 سبتمبر.

وأشارت الوكالة في تقرير لها إن مقتل الصحفي جمال خاشقجي والحرب الطويلة الأمد والأزمة الإنسانية في اليمن واحتجاز الناشطات السعوديات، كلها عوامل تسببت في تدمير علاقات المملكة مع الكثير من المؤسسات الأمريكية. وستحاول الأميرة السفيرة- التي من المتوقع أن تصل إلى العاصمة الأمريكية في غضون أسابيع- البدء في تغيير كل ذلك.

ويقول فواز جرجس أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد: "باستثناء إدارة ترامب، فإن المواقف السياسية في واشنطن تجاه المملكة العربية السعودية سلبية هذه الأيام... سيتعين عليها إشراك أعضاء الكونجرس ورموز السياسة الخارجية بشكل نشط وطمأنتهم بأن المملكة العربية السعودية تسمع مخاوفهم. مهمتها شاقة للغاية".

وتقوض الأزمة روابط العلاقات بين البلدين والتي كان من المفترض أن تكون "حقبة ذهبية" لكل من السعودية والولايات المتحدة. ففي الوقت الذي وصل فيه الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يعزز سلطته كحاكم فعلي للمملكة، ووعد بإجراء تغييرات اقتصادية واجتماعية شاملة.

ووضع ترامب المملكة العربية السعودية على رأس استراتيجيته في الشرق الأوسط لغرض عزل إيران، واستضاف ترامب الأمير محمد في المكتب البيضاوي بعد أشهر من تنصيبه، ووعد بإبرام صفقات أسلحة مع المملكة بمئات المليارات من الدولارات، وعندما قام بأول رحلة خارجية له كانت إلى الرياض.

لكن وعلى الرغم من ذلك، إلا أن السعودية تواجه عزلة في واشنطن خارج البيت الأبيض، ويتزامن ذلك مع جهود أعضاء الكونجري في الحزبين الجمهوري والديمقراطي إصدار تشريع لمعاقبة المملكة، ولا سيما ولي العهد، على خلفية مقتل خاشقجي والحرب في اليمن، والتي تصفها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وبالنسبة لمؤيدي التحالف الأمريكي السعودي القوي، فلم تأت الرياح بما تشتهي السفن، بعدما أصدرت أجنيس كالامارد المحققة الخاصة في الأمم المتحدة تقريرها عن مقتل خاشقجي والذي تضمن تفاصيل جديدة قاتمة حول اغتياله وتقطيعه في القنصيلة السعودية في اسطنبول، وأوصى التقرير بإجراء تحقيق في المسؤولية المحتملة للأمير محمد في الحادث.

ورفض المسؤولون السعوديون بشدة نتائج التقرير، وأكدوا أن ولي العهد لم يكن متورطًا في عملية القتل. وقال عادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي إن تقرير كالامارد "قدم العديد من الاتهامات التي لا أساس لها، بما في ذلك انتهاك عدد من الاتفاقيات الدولية، وهو أمر غير مقبول تمامًا لقيادة المملكة".

من هي الأميرة ريما؟

والأميرة ريما هي ابنة السفير السابق لدى الولايات المتحدة الأمير بندر بن سلطان، وهو أحد أكثر السفراء السعوديين نفوذا خلال 22 عاما في واشنطن. وتتحلى الأميرة بمعرفة عميقة عن السياسة والثقافة الأمريكية، وتتمتع بسمعة طيبة كمدافعة عن حقوق المرأة، وهي أول امرأة تمثل بلدها في واشنطن. ويقول المسؤولون السعوديون إن الأميرة ريما تدرك حجم التحديات التي ستواجهها في واشنطن. وقال فهد ناظر، المتحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن، رداً على أسئلة تم إرسالها عبر البريد الإلكتروني، إن الأميرة ريما "تدرك أن العلاقات الثنائية قد تم اختبارها في الماضي، لكن البلدين نجحان دائمًا في التغلب على خلافاتهما". وأضاف: "ستبذل الأميرة ريما كل ما في وسعها للتأكد من أن هذه الشراكة القوية لا تدوم فحسب بل ستستمر في التعزيز في المستقبل".

وبرزت الأميرة ريما كلاعب مؤثر في جهود المملكة لتجديد علاقاتها مع الولايات المتحدة قبل تعيينها سفيرة. ففي يناير من العام الماضي، ذهبت إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، بسويسرا؛ حيث دافعت عن المملكة العربية السعودية قائلة: "هناك إصرار على عدم السماح لنا بتأسيس رؤية جديدة"، وأضافت: "سؤالي هو: لماذا؟".

والأميرة ريما خريجة جامعة جورج واشنطن الأمريكية، ويُعتقد أنها في الأربعين من عمرها، وتحدثت عن قضايا التمييز بين الجنسين في المملكة، وسافرت إلى الولايات المتحدة العام الماضي، كمتحدثة في المجلس الأطلسي حول الرؤية الاقتصادية للأمير محمد. وعملت مع وزارة التعليم السعودية لتدريس التربية الرياضية للبنات في المدارس.

وفي الولايات المتحدة أضافت شركة أوبر الأميرة ريما إلى مجلسها الاستشاري للسياسة العالمية في مايو 2016، وفي نفس العام أنجز الصندوق السعودي للاستثمار العام استثمارا استراتيجيا في "أوبر" وشغل مقعدا في مجلس إدارة الشركة.

ويقول جيمس دورسي كبير الباحثين في كلية إس. راجاراتنام للدراسات الدولية ومقرها سنغافورة: "يتمثل التحدي الذي تواجهه الأميرة ريما في محاولة إعادة تسليط الضوء على صورة المملكة العربية السعودية وولي العهد بوصفهما نموذج للإسلام المعتدل المنفصل عن ماضي المملكة. وأضاف: "الأمر سيستغرق ما أكثر من مجرد تهدئة منتقدي المملكة في الكونجرس وما وراءه، ولتحقيق ذلك، يجب أن تكون ريما مدعومة ببعض التغييرات الحقيقية داخل المملكة".

تعليق عبر الفيس بوك