ميسي.. أسطورة البارسا يفشل في رقص "التانجو"

الرؤية - أحمد السلماني

في كل مرة يدخل فيها المنتخب الأرجنتيني البطولات، يُطرح ذات السؤال: ما الذي يحدث لميسي في الأرجنتين؟ النجم الأسطوري في ناديه برشلونة، ومنذ أن التحق بالفريق الأول به حقق له الكثير من النجاحات على مدى 19 عاما، عاش فيها الألق والنجومية المطلقة عالميا، والبرتغالي كريستانو رونالدو هو الوحيد الذي ينازعه هكذا مجد، اللاعبان يعيشان وضعا تناقضيا؛ إذ إنَّ البرتغالي تألق كثيرا في ريال مدريد وعندما غادره صار الملكي "كالأرملة بلا زوج"، ومع ذلك فقد حقق الكثير والكثير لمنتخب بلاده البرتغال؛ إذ أحرز له مؤخرا لقب أمم أوروبا، وكذلك النسخة الأولى لدوري أمم أوروبا على حساب هولندا قبل أسبوع.

ولكن ما الذي يحدث للبرغوث الأرجنتيني، اللاعب غاية في الألق والنجومية وسجِلُّه مُتخم بالبطولات على مستوى النادي الكتالوني محليا في إسبانيا وأوروبا وحتى عالميا، ولكن ميسي لا زال يحلم بلقب واحد فقط على مستوى منتخب بلاده، هذا النجم الأسطوري تمكن في مراحل من حياته الكروية من الحلول وصيفا مع منتخب التانجو عندما وصل معه إلى نهائي كأس العالم بالبرازيل 2014، وقهره الألماني جوتزه في الشوط الإضافي وسط حسرة تحامل الأرجنتيني على نفسه ولم يبدِ منها شيئًا على أمل العودة في روسيا، ولكن إمبابي وجريزمان الفرنسيين أخرجاه وزملاءه من الباب الضيق في مونديال روسيا 2018.

ميسي الأسطوري أراد أن يحفظ شيئا لشعار بلاده، وأن يحقق اللقب القاري في "كوبا أمريكا" وتمكن من الوصول للنهائي أمام تشيلي، إلا أن سانشيز ورفاقه وقبله مدربهم الأرجنتيني سامباولي تمكنوا من إسقاط الحلم الذي بات مُستحيلا على البرغوث وبضربات الحظ الترجيحية، ليعلن ميسي بعدها مباشرة اعتزال اللعب الدولي؛ إذ إنه ولأول مرة يظهر بهذه الروح الانهزامية علنا، ولم تفلح محاولات عودته إلا بطلب وقرار رئاسي.

الأرجنتين جلبت سامباولي الذي قهر ميسي وسلَّمته قيادة المنتخب الأرجنتيني على أمل تحقيق لقب المونديال أو اللقب القاري، لكن سامباولي خرج من كأس العالم، وجاء سكالوني بديلا ومعه بابلو إيمار مساعدا، واستمر مسلسل إخفاق المنتخب الأرجنتيني، وظهر المنتخب الأرجنتيني عاجزا عن فك شيفرة المنتخب الكولومبي في "كوبا البرازيل" قبل ليلة، واستقبلت شباك الأرجنتين هدفين ربما ستكون في مقتل إذا لم يتدارك التانجو نفسه في قادم الجولات.

تقارير وخبراء ومحللون -وعلى مدى سنوات- يُرجعون إخفاق المنتخب الأرجنتيني عن تحقيق الألقاب إلى وجود ميسي نفسه، إذ إنَّ منظومة لعب الفريق كاملا موجَّهة للبرغوث وتعتمد عليه؛ وبالتالي فهو يلعب مع 10 خشبات أخرى موجودة في الملعب؛ إذ إنَّ كلَّ من تعاقب على تدريب التانجو كان يعتمد على ميسي ويسلم كل شيء للاعب، وتقارير تحدثت عن أنه لا يتم الإعلان عن تشكيل التانجو إلا بعد اعتماد ميسي لها، خاصة سكالوني الذي باشر مهمته بمؤتمر صحفي أعلن من خلاله عن علاقه ودية خاصة تربطه بالبرغوث.

هذا على مستوى الإدارة والإدارة الفنية، ولكن ماذا عن منظومة اللعب داخل الملعب، والتي لا يمكن السيطرة عليها داخل المنتخب الأرجنتيني، والأمر يتعلق بتكرار أسماء معينة، فأي مدرب يأتي للأرجنتين يجد نفسه مضطراً للعب بطريقة 4-4-2 كي يضع ميسي بمركز حر خلف المهاجم، ومن هُنا تبدأ كل المشاكل بالبحث عن لاعبي طرف بالوسط، كما أن إحاطة ميسي من المدافعين بالعُمق تجعل مدى التفكك بين لاعبي الوسط ورأس الحربة أكبر، مما يُصعب على الفريق أن يعمل كمجموعة ويستفيد من الضغط المفروض على ميسي، لكنَّ تفضيل ليو لهذا المركز، واضطرار المدربين لهذا الأسلوب، يدفع الجميع للوقوع بذات الفخ، ولو أننا بذلك لا نبرر أخطاء المدربين، لكن نحاول البحث عن أولى الأسباب التي تحولهم من أبطال بالخارج إلى فاشلين مع منتخب بلادهم، وهنا أتحدث عن تاتا مارتينو، الذي حقق نجاحات رهيبة مع الباراجواي، وخورخي سامباولي، ويبدو أن العجوز سابيلا الوحيد الذي كان يمتلك شخصية قوية أمام البرغوث، ولولا هدف الألماني جوتزه في النهائي لأحرز ميسي حلمه الكبير في إزاحة مارادونا من على قمة هرم نجوم التانجو على مدى تاريخه.

ونُجزم يقينا بأنَّ فشل ميسي هذه المرة قد يعني اعتزال اللعب الدولي، وعندها ربما تتمكن الأرجنتين من تحقيق ألقاب غابت عن خزائنها من سنوات، إذا ما حملت منظومة منتخب الأرجنتين إرادة حقيقية في مراجعة شاملة لها تبدأ بأساس المشكلة.. إنه البارع، والأغلى، والأعلى نجومية.. ليو ميسي.

تعليق عبر الفيس بوك