فاطمة الحارثي
"طفلة توسدت عرض كتفيه بكل براءة، سكنت بجسدها الضئيل وسراب ابتسامة على محياها، لم تمض بضع دقائق ليئد حلمها البسيط، ويخنق السديم بقاءها"..
على مر التاريخ أوجد الشر لنفسه مسميات كثيرة، وصور وأحداث بثقافات مختلفة، فسُمي بالإرهاب، الاضطهاد، الديكتاتورية، الاعتداء، الانتهاك، النعرات، التطرف، الظلم، القتل... قد أُثخن مجلدا إن استمررت بتدوين صور وأشكال الشر. ويبقى سلب الأمن والطمأنينة على قائمة تصوير الشر إرباكا للبشرية ومهددا لبقاء الحياة واستمراريتها.
زرع الخوف والتنكيل بالضعفاء ليس بطولة ولا قوة؛ بل هو جبن لا يقدم عليه إلا الإرهابي الحقيقي، فالشر لا جنس ولا جنسية له.
إنّ الحريات أقرتها جميع الأديان السماوية والطوائف الدينية؛ فالحرية منذ الأزل جزء لا يتجزأ من سيرورة الحياة، حيث ساهمت في بناء الحضارات وخلق التطور.
إنّ بناء إنسان لا قيد ولا قهر يكبل ملكات فكره وإبداعه العملي والعلمي لهو هدف يحقق تمام الفائدة ويزهر بالحياة استقرارا ونماء.
إنّ البحث عن التوافق والتناغم في العلاقات ضرب من المحال، فواقع الأمر أنّ "الأنا" ذاتها قد لا تدرك مكنون عواطفها واتجاه فكرها في كثير من الأحيان، فقد يخال لأحدهم أنّه مغرم ليصطدم بتغير عواطفه في أقل من شهر. أو يعتقد آخر بنظرية ما لتأتي متغيرات توجه فكره لنقيض المعتقد. لا أحد يستطيع أن يجزم في أمر كيفما كان بسيطا أو معقدا. فهل هذا يقودنا إلى تصور بإيجابية بعض السلوكيات التي قيل لنا عنها يوما أنّها سيئة مثل الأنانية؟ وهل مع زيادة الخبرات تتبلور مفاهيم واتجاهات جديدة لدى البعض ومقاييس مختلفة للأمور؟ لا أعلم.
إنّ البيئة ليست كما اعتقدت أو قرأت سابقا أنّ لها أثرا بالغا على فكر الإنسان وسلوكه؛ لأنني وجدت اختلافات جوهرية وكبيرة لأفراد عاشوا في البيئة ذاتها والزمن ذاته، لذلك أرى أنّ مدى تفاعل المتلقي أو الفرد من تلك البيئة وما اختار أن يعتنقه ويصدقه ويعمل به هي الحقيقة المطلقة التي وإن أنكرها الكثيرون تبقى واضحة، وبينة لترسم الاختلاف في السلوك والطبائع والمعتنق.
تنوعت العلوم والمدارس وفي ذلك صلاح وفائدة للبشرية والسؤال هنا: هل هذا التنوع والاختلاف يُوجب الخصومة وعدم الاحترام؟ في الحقيقة الإجابة عند البعض قد تكون نعم وهذا مؤسف بحق لأنّ اتحاد الأضداد قد يخلق التكامل والألق في حين التقاء التشابه قد يوجد الرتابة والذبول. إن أصبح كل شيء بالكيفية التي تريدها سيسكن الملل جوانب الحياة، فكفاك فرض ما تراه صوابا وترغبه على الناس فرُب مرفوض لديك يُزهر جميلا ويسعد عشرات غيرك. فلست ولن تكون محور هذا العالم.
رسالة
إن أطعت رغبات بعض الناس أضعت قيم الصواب من الأمور وجوهر الاستقامة، فبعض الدارج يحتاج تقويما وتنازلك عن الصغير من أجل ود أو مصلحة قد يقودك إلى الكثير ثم الحضيض.
كل شيء قابل للتعديل إلا المبادئ والأخلاق، فلا صلاح في اعوجاجها.