قصص قصيرة جداً

 

علي السباعي | العراق

 

آخر لحن

كان معي جندي إبان حـرب ألثماني سنــوات فـي جبـــهة القتـــال،لم يكن مقاتلا شرسا ، كــان عازف عود موهـــوباً ، مُبدعاً، لا يجيد القتال... أثناء المعــارك الطاحنـــة وما أكثرها وأثناء اشتداد القصف كان يعزف لنا نحن إخوانه المقاتليـن أجمل الألحان ، يضرب على عوده بلا تعــــب ، بمتعه وإبداع أبدا لا يكرر نفسه ... أُعلــــن وقـــف إطــــلاق النار في 8/8/1988 راح يدندن فرحا بانتهائها.. وإذا بقذيفـــة إيرانيه تسقط على موضعـــه وهو يعزف ... تقتله.

 

آلة تسجيل

ذات طفولة ...

كــان المطرب داخل حســن " رحمــه الله " صديقــاً لوالــدي الخياط ... يأتــي لدكــان أبي يغنــي لــه يوميا ... صباح كل يـوم ... كنــت أصغــي لغنائه ... وأحفظــه ... عملــي كــان حفــظ غنــاء داخــل حســن وأنا منهمك بمساعدة والــدي كـي لا يحــس داخــل حســن " إذا حفظت غنــاءه جيدا أكرمني والــدي أيمـا كرم وإذا لــم أحفظهُ جيدا أشبعني  ضربــا " ... ليلاً ... أعيد ما غناه المطرب داخــل حسـن لوالدي الــذي يبدأ بالسـكر.

 

أيام زمان

كانت جدتي رحمها الله عندمـا يظهر المذيع في التلفــاز تَتَحجبُ بعباءتهـا.

 

شعب

قرقوش ، الاسـكندرالمقدوني ، فرعون ، النمرود ، هتلر، موسليني ، فرانكو، بينوشيه ، صدام حسين،حسني مبارك ، زين العابدين بن علي ، معمر ألقذافـ ، على عبد الله صالح ، بشار الأسد ، وحبيبتي. كانوا كلهم طغاة ، وأنا كنت مضطهداً.

 

صور سندريلا

أحــلى الدبكات ... أجمل الرقصات ... صاحبت زفافي ...مــا إن دخلــت عروسي غرفتها ... تفاجأت بصور الفنانــة الراحلة سعاد حسنـي تمــلأ غــرفة النــوم ... طلبـت منــي عروسي إزالة كــل الصور من على جدران الغرفة قبل دخولي بها ... رفضت ... تعنتت ... و تمسكت برأيها ... نشـب خلاف كبير بيننا طيلـة ليلــة الزفاف ... صباحا ... تدخل أهلنـــا لفض الخلاف ولكــن دون جدوى ... ظلـت العروس ثابتـــةً على رأيهــا ... وأنا تمسكت بإبقاء الصور من منطلق إنــي رجل ريفي ولا اقبل أن تملي علــي أمرأه رأيهــا حتى لو كانت زوجتي ... انتهى الأمر بالطلاق.

 

ضحية

شابة سمراء ذات ثلاثة وعشرين ربيعا ... متشحة بالسواد...تجلس أمــام إحدى بوابات القصر الجمهــوري ... تضع دمية بلاستيكية في حضنها ... تناغيـها ... تناغيهــا بلا ملــل...سألــت عنهــا ... قالوا : " إن القوات الأمريكيــة قتلــت طفلتها ذات الربيع الواحد ... وزوجها ذا الخمسة والعشرين ربيعا ... بالخطأ.

 

غاسل الأموات

أنا شخص منحوس...ما أن اعمــل في مهنة حتى اطرد منها ... لكوني اجلب النحس للذي اعمل عنده ولنفسي...حل بي المطاف أن اعمل غاسلا للموتى في أحد مغتسلات النجف ... ذات تموز...جاءَ إلى المغتسل شبان يحملون جنازة أبيهم ... طلبوا منا تغسيلها وتكفينها...كان رب العمل يومها مريضا ولم يكن أي من مساعديه موجودا ... ولا أي من أبنائه ... طلــب مني تغسيل الميت وتكفينه وهو يشرف على أدائي ... ما إن سكبت دلو الماء على جسد الميت حتى فز الميت مستيقظا ... هرب كـل أبنائه إلا رب عملي وأنا...طردني صاحب المغتسل من عملي ... قائلا لي وبغضب :- لقد قطعت رزقي حتى الميت أيقظته من ميتته.

 

غزل

كانت لعبة طفولتنا في العــراق إبــــان حـــرب الثمانينـــات أن  نصـــنع صــواريخَ مـــن ورق دفــاتـــر دراســـتنا ونطلقــهـــا علــى بنــــات جـيراننــــا.

 

ليزا

كنت طالباً في كلية الهندســة ، كانت معنا طالبة تدعى لـــيزا مسيحية، جميلــــة جداً، وبعينين زرقاوين مثل سماء صافية،وجدتها ذات ضحى مختبئة،في ممر قصي عن أعين الطلاب،كانـــت تومئ لـي ، وتدعوني لمخبئهــا،خفت وفرحـــت،ذهبت إليها  بالخطوة السريعة ، سألتني :-

- أعندك قداحه ؟

قلت:-

- نعم !

قالت :-

- يعني تدخن ؟!

قلت :-

- نعم .

قالت بثقة :-

أعطني سيجـــارة .

 

 

محاصصة

مكــان عملي يتطلـــب مني يوميا ركـــوب سيـــارة أجــرة ... نمــر في شـــارع مزدحــم جــــدا ... شــاءت الأقــدار أن اركب مع احد السائقين العامليــن على هذا الشارع ... سألتــه عن سبب الازدحام ... قال لـي :

اصبر حتى نصل السيطرة وتعلم السبب .

وصلنـــا ... نادى السائــق على شرطــي في السيطـــرة ... قال لي :-

- هذا الشرطي ابن خالتي أسأله عن سبب الازدحام ؟

سألته ،فأجابني :-

- أتشاهد ذلك الشحاذ الذي خلفك ؟

التفت خلفي ... شاهدته ... اخبرني: -

- هذا الشحـاذ اتفق معنا نحن شرطة السيطرة أن نعرقل مرور السيارات ليحصل الازدحام حتى يتمكن من الاستجداء بسهولة ... ليلا يعطي لكل شرطي منا حصته .

 

مهرب

شابة عراقية جنوبية برفقتها أطفالها الثــلاثة:بنتان وولد ، برفقة مهرب يحاولــون اجتياز الحدود في ديــــار بكر  للذهاب لزوجها الذي هرب من حكم الدكتاتور ،راود المهرب الشابة عن نفسها...رفضت...فذبح ابنتـــها البكر...امتنـــعت...فنـحر الثانية ،ثالــثة أراد بهــا السوء...أبـــت...ذبـــح طفلها الثـــالث...هَــم بها...قاومتهُ...ذبحهــــــا.

 

جنوبية

أتسكع تسكــعا معرفيا ... في احــــد شوارع النــاصرية...الناصرية التي هي اشد خرابا من واسط القديمة...واجهتني شابة جنوبية متعبة ... تستجدي المـــارة بكفين مقطوعتين.

 

 

حياة فرس

جلس بقربي " عربنجي " ... صاحب فرس كميت جميلة...رشيقة جــدا ... سألته ونحــن نحتسي الشاي فــي المقهى :-  كيف تقضي يومَك ؟

أجاب :-

أستيقظ فجرا ... اطعم فرسي...اسقيها الماء ... أضع عليها "جلالها"...اربطها إلى العربة واذهب إلى العمل...ظهرا...آخذها إلى نهر الفرات...افتح عنها ألعربه وابدأ بغسلها...آخذها إلى المنزل لأعلفها ... اتركها تستريح...عصرا...اربط عليها العربة واذهب للعمل...مساءا...أأوب بها إلى المنزل...افتح عنها العربة...أدلكها ... اعلفها ... اسقيها الماء ... انتظرها حتى تنام ... ساعتها اذهب إلى أهلي .

قلت له :- هذه حياة الفرس ... أين هي حياتك ؟

قال لي بوجهه المكفهر :- حياتي صفر.  

 

تعليق عبر الفيس بوك