احتفاء غير مسبوق بالأديبة العمانية على مستوى العالم.. ومغردون: تشريف لجميع نساء السلطنة

جوخة الحارثية تسطر اسمها بمداد من ذهب في عالم الأدب العالمي

...
...
...
...
...
...

 

◄ أول روائية عربية تفوز بجائزة "مان بوكر العالمية" عن العمل الأدبي المتميز "سيدات القمر"

الرؤية - محمد قنات

لم تخيِّب الأكاديمية المرموقة والروائية الفذة جوخة الحارثية طموحات قرائها ومحبيها، وأيضا المثقفين العرب الذين كانوا يتطلعون إلى أن يحصل كاتب عربي على جائزة مان بوكر العالمية للرواية، وبالفعل حصلت الحارثية على الجائزة، لتكون أول أديبة عربية تفوز بهذه الجائزة رفيعة المستوى، عن رواية "سيدات القمر" التي ترجمت إلى الإنجليزية.

ومن شأن الجائزة أن ترفع قامة الأدب العربي الحديث على الساحة الدولية، وتحفز المبدعين العرب من الروائين والمؤلفين على التميز وترجمة أعمالهم للغات أجنبية لنيل الجائزة مرة أخرى؛ فالكُتَّاب العرب يمتلكون ناصية الكلمة وتشكيل الخيال وتطويع المفردات لنقل ما يجري في مجتمعاتهم من وقائع معاشة يستطيعون أن يحكوها بأسلوبهم وسردهم الممتع الذي يجعل العالم يتفق على روعة الحكي العربي في توصيل تفاصيل حياة وثقافة مجتمعاتنا العربية إلى شتى بقاع العالم، مثلما قامت جوخة الحارثية في "سيدات القمر".

وتقول الحارثية -في حديث سابق لهيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي: إنَّ كل كاتب لديه مصباح معين يمده إلى رواق ما من أروقة التاريخ أو المجتمع، ويحاول أن يُضيئه بطريقته الخاصة، وأن حبها للتاريخ والاهتمام به ناتج من كون كل شخص يحمل إرثه الشخصي والجمعي ولا ينفك من هذا الإرث، في إشارة منها إلى أنَّ اهتمامها بالتاريخ لا يتعارض مع تخصصها الأكاديمي. وأضافت أنَّها شغوفة بالتاريخ العُماني، خاصة بالمرحلة المبكرة والمتوسطة من القرن المنصرم؛ باعتبار أنَّ هذه المرحلة تعتبر غامضة وعاشت عُمان فيها بعض الظروف الصعبة، ونسمع أنباء هذه المرحلة من الأجداد، دون فهمنا للكيفية التي كان عليها الحراك المجتمعي والتاريخي في ذلك الوقت، واستدركت وبما أنَّ المصادر التاريخية العمانية كانت قليلة كان لابد من الرجوع إلى الوثائق البريطانية التي مدتني بوثائق استطعت أن أفهم من خلالها بعض ما كان في المجتمع في ذلك الوقت. وأوضحت الحارثية أنه وبعد وقت متأخر جدًّا وسنوات من صدور الرواية فكرت أنَّ الرواية بها شخصيات كثيرة وربما بها تشظي زمني كبير جدا، واستدركتْ: لكن في الوقت الذي كنت أكتب فيه الرواية لم أكن مشغولة بهذا الأمر، بل كنت مسكونة بالعوالم والشخصيات؛ بحيث كل شخصية تقود لشخصية أخرى ووقتها لم أفكر في القارئ؛ فبطبيعتي لا أخطط مُسبقاً لكل شيء، ولكن لديَّ فكرة واضحة عما أريد أن أكتبه، وفي أثناء الكتابة تظهر مفاجآت وتولد مع النص أشياء جديدة، وحينما تبدأ الشخصيات في روايتي بالقيام بما لا أخطط له، حينها أعرف أنني أكتب رواية فعلاً؛ فالشخصيات تكون حرة بقدر المستطاع.

وفيما يتعلق بجانب الرق والشخصيات التي جسدت الأدوار في الرواية، قالت الحارثية: إنني لم أعش هذا الزمن ولكنَّ أصداءه وصلتني، إلى جانب أن التفكير في الحرية والعبودية هو تفكير شاغل بالنسبة لي، كما أن اهتمامي ليس أكاديميا محض؛ فالاهتمام الأكاديمي بدون دوافع فردية لا يعطي شغفاً في الكتابة، وكنت أفكر في حياة هذه الشخصيات من كل الجوانب.

وتقدَّر قيمة الجائزة للرواية الفائزة بالجائزة بـ50 ألف جنيه إسترليني، وضمت القائمة القصيرة للجائزة للعام 2019 -إلى جانب رواية "سيدات القمر"، وترجمتها مارلين بوث- رواية "السنوات" للكاتبة آنى إينو من فرنسا، وترجمة أليسون إل ستروم، ورواية "جزر الصنوبر" للكاتبة ماريون بشومان من ألمانيا، وترجمة جين كاليجا، ورواية "مر بمحراثك على عظام الموتى" للكاتبة أولغا تكاروك من بولندا، وترجمة أنتونيا لويد جونز، ورواية "ظلال الأطلال" للكاتب خوان غابرييل فاسكويز من إسبانيا، وترجمة آن ما كلين، ورواية "حق الانتفاع" للكاتبة علياء ترابوكو زيران من إسبانيا وإيطاليا، وترجمة صوفي هيوز.

وحسبما نُشِر في موقع الجائزة على الإنترنت، فإنَّ "سيدات القمر" تروي حكاية ثلاث نساء عمانيات من قرية الوافي، يُواجهن بعض العادات والتقاليد التي تعرقل حياتهن الاجتماعية والعاطفية؛ حيث تضطر مايا للزواج بعد انكسار قلبها، وأسماء التي تتزوج بدافع الشعور بالواجب، وأخيراً خولة التي ترفض جميع عروض الزواج انتظاراً للشخص الذي تود الارتباط به والذي هاجر إلى كندا. وتُسلط الرواية الضوء على حياة هؤلاء النسوة اللائي يشهدن تطوُّر عُمان من مجتمع تقليدي يعاني سطوة المجتمع إلى مفترق طرق في السنوات المقبلة، إنها رواية منظمة ومبنية بأناقة وهي تحكي عن تقدم عمان من خلال منظور المحبة والخسائر في العائلة الواحدة.

ووجد فوز الحارثية اهتماماً كبيراً من قبل المهتمين في الداخل والخارج؛ حيث غردت رئيسة وزراء أسكتلندي السيدة الأولى نيكولا ستروجون أول من تبارك للكاتبة العمانية الدكتورة جوخة الحارثية لفوزها بالجائزة عبر حسابها الرسمي على تويتر.

‏وقال المكرم حاتم الطائي رئيس تحرير جريدة "الرؤية" عبر حسابه على تويتر: "الروائية العمانية جوخة الحارثية تتألق في سماء الإبداع العالمي لتفوز بجدارة بجائزة "البوكر" العالمية 2019 عن روايتها سيدات القمر، نبارك لأنفسنا جميعا هذا الإنجاز العالمي للإبداع العماني. بكم نفتخر ونتقدم في السباق الحضاري بين الأمم".

وقالت جامعة السلطان قابوس على حسابها الرسمي في تويتر: إنَّ الجامعة تفتخر بالإنجاز الكبير الذي حققته الروائية الدكتورة جوخة الحارثية، وتتويجها بجائزة المانبوكرالعالمية عن روايتها "سيدات القمر" المترجمة للغة الإنجليزية، وهي بذلك أول أديبة عمانية تحقق هذا الإنجاز، متمنين لها مزيدا من الألق والتميز والنجاح.

وكتب الدكتور زكريا الحضرمي على تويتر: ‏حين انطلقت الحارثية من مفردات بيئتها العمانية، وصلت إلى العالمية، وفازت بجائزة البوكر الدولية؛ هذا الفوز يؤكد أن الأصالة هي الطريق الأقرب إلى العالمية؛ أذكر أني حين كتبت هذا الكلام قبل سنوات سخر مني بعض الأدباء، أتمنى أن تكون قناعاتهم قد تغيرت؛ مبروك لسيدة القمر جوخة الحارثية".

وقال الإعلامي خلفان الطوقي: "يعد فوز الكاتبة العمانية الدكتورة جوخة الحارثية بجائزة "مان بوكر العالمية" إنجازا عمانيا رفعيا، ويعتبر هذا الإنجاز مفخرة لكل عماني وخليجي وعربي؛ لأن هذا الإنجاز لم يسبق له أي شخصية عربية قبل الكاتبة العمانية الحارثية".

تعليق عبر الفيس بوك