رهاب الإسلام كتقنية للسلطة: دراسة من الأنثروبولوجيا السياسية لمونيكا بوباكو

 

 

يوسف شحادة

تقدم الدكتورة مونيكا بوباكو كتابها "رهاب الإسلام كتقنية للسلطة – دراسة من الأنثروبولوجيا السياسية"، المبنية أركانه على أسس الأنثروبولوجيا السياسية، وتعالج فيه ظاهرة رهاب الإسلام، أو ما اصطلح على تسميتها بالإسلاموفوبيا، التي أخذت تتقوى في أوروبا منذ نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن العشرين. ومن الملاحظ أن العنوان في شقه الأول يحيل القارئ إلى أفكار ميشيل فوكو التي تدور حول إشكاليات السلطة، وفلسفتها على أساس أنها تكنولوجيا الحكم، ما يشي أن المؤلفة تخوض في بحثها غمار تحليل نقدي، ليس من اليسير الوقوف على منعطفاته التنظيرية المتشعبة. يتسم الكتاب بثراء مادته الفكرية، وأطاريحه الحصيفة المبنية على منهج علمي واضح، ينهل من معين الفكر العالمي، وممثليه المُبرزين، مصدقًا لما يناسب منطق الكاتبة الموضوعي، تارة، ومفندا ما يبتعد عن الحقيقة والصواب، والنزاهة العلمية، ويدنو من الضغينة، ويجنج إلى العدوانية، والحقد على الإسلام والمسلمين، تارة أخرى.

ينقسم الكتاب إلى ستة فصول تحفل بمباحث شديدة الأهمية، يشد تفرعاتها خيط لا يحيد في مساراته عن مضمون العنوان الرئيس، المرسوم بعناية فائقة. الفصل الأول يضيء جوانب مهمة من ظاهرة الإسلاموفوبيا كمادة بحثية مستندة إلى الإنثروبولوجيا السياسية انطلاقًا من إشكالياتها الثقافية الاجتماعية، وتتداخل هنا مصطلحات عديدة، تشكل العقد الناظم لـ"تقنيات" الرهاب المختلفة التي "تتمظهر" في أشكال متنوعة، أولها: كره الأجانب والتوجس منهم، أو الخوف من الغرباء (الإكزينوفوبيا)، وليس آخرها العنصرية التي تتقاطع مع ما قبلها في حالات كثيرة. وإذ تنتبه المؤلفة لخصوصية مسألة كره العرب والمسلمين في أوروبا، تضعها ضمن الإطار المعياري لرهاب الإسلام، وبداية نشوئه، واستشرائه بعد أفول شمس الشيوعية إثر سقوط راعيها الشرس – الاتحاد السوفييتي. فذلك السقوط المريع أنهى الحرب الباردة، لكن حاجة الرأسمالية إلى حروب جديدة تطلبت خلق أعداء آخرين. ومن هنا – كما تصرح المؤلفة – كان أن انبرى غلاة المفكرين النيوليبراليين (أتباع الليبرالية الجديدة) لتوطيد فكرة الصدام مع الإسلام ومعاداته، ومنهم صامويل هنتنجتون من خلال كتابه "صدام الحضارات". وهنا تستعرض مونيكا بوباكو مسألة جدلية تخص الدراسات الاستشراقية، تسميها الحاجة إلى "افتعال" الاستشراق لتوكيد غرابة الشرق، وانغلاقه في ثقافة خاصة غريبة عن الحضارة المسيحية الأوروبية. وفي مبحث مهم آخر تتناول المؤلفة قضيتي معاداة السامية والإسلاموفوبيا بمنحىين متقاربين، وتقوم في مباحث تالية بتكرار التطرق إلى هاتين القضيتين من أبواب مختلفة. فتؤكد أن دراسة معاداة السامية تقوم على أساس قالب منهجي، وأن رهاب الإسلام يتأسس على خطاب مدروس، ومخطط له، ليستوفي شروطه من خلال تأزيم العلاقات الاجتماعية بين المجتمعات الغربية والمهاجرين المسلمين. تقوم مونيكا بوباكو بعملية استقصاء بحثي، وتمحيص متأمل، مستعرضة مواقف متنوعة، ترى في الإسلام خطرا على الهوية المسيحية الأوروبية، وقيمها الحضارية، وتقارن من ناحية تاريخية مسالة العداء للسامية بظاهرة التخويف من الإسلام. ولا تتوانى في البحث عن دور الاستشراق الكولونيالي في هاتين القضيتين، مستندة في جوانب كثيرة من محاججاتها إلى أطاريح إدوارد سعيد في هذا الشأن. وإذ تستقرئ المتغيرات النفسية والفكرية التي طرأت على مفاصل التفكير الأوروبي، تستنتج أن ظاهرة كراهية الإسلام آخذة في التصاعد بشكل لا يخفى على المراقب الذي يلتفت، ولو قليلا، إلى سيل الخطابات المعادية للإسلام. وقد زادت نبرة التصعيد حدة بعد تفاقم أزمة اللاجئين والمهاجرين الوافدين إلى أوروبا من الدول الإسلامية، حتى أمعن أصحابها في إسباغ صفات التشنيع على الإسلام وأتباعه، واصفين إياه وإياهم بالخطر المحدق والتهديد العظيم للحضارة الأوروبية الليبرالية.

في الفصل الثاني تفند المؤلفة خطاب الإسلاموفوبيا، من خلال تحليل نبيه وسرد تفسيري، فتضع عنوانا فرعيا تسمه بـ "تشريح الخطاب"، وتضيف إليه عبارة "ومسببات المرض"، فتقوم كما الطبيب بإعمال مبضعها في جسده ساعية إلى تشخيص المرض، والوقوف على مسبباته. جدير بالإشادة هنا ما تصرح به المؤلفة من أن جزءا غير يسير من الخطاب النقدي، المعادي للدين بشكل عام، أسهم في تضخيم هذه الظاهرة، ورسم ملامحها، هذا الخطاب الذي يضع نفسه تحت مسمى المدافع عن أفكار التنوير، والتقدم، والتحرر، والعقلانية. وتدرك الكاتبة أيضا مدى اتساع ظاهرة الخوف من الإسلام، كدين وافد إلى أوروبا، في صفوف بعض المتدينين الذين لا يكفون عن التصريح عن قلقهم الرهابي المتمادي في غلوه على ما يسمونه الحفاظ على "نقاء" التراث المسيحي، والهوية الأوروبية بتنوعاتها الوطنية. لا تترك مونيكا بوباكو أطاريحها دون أن تشير إلى الأفكار المغرضة، وتبين تهالك أسسها، وتهافت حججها، وهي الأفكار التي أتى بها كارهو الإسلام، ودعاة الصدام. فنجدها تفند أطاريح أوريانا فالاتشي – الصحافية والسياسية اليسارية الإيطالية المتحاملة على الإسلام، وتفرد مبحثا خاصا بعنوان "الازدراء كاعتراف بالإيمان"، تبين فيه آراء فالاتشي التي ترى فيها احتقارا للآخرين نابعا من الشعور الديني المتعجرف. وتخص المؤلفة صامويل هنتنجتون، صاحب كتاب "صدام الحضارات"، بمبحث تؤكد أن كل ما يسعى إليه، من خلال أطاريحه ومزاعم تياره الفكري، يتلخص في البحث عن عدو، وهذا العدو ينتمي إلى حضارة أخرى غريبة، مبنية على ثقافة مغايرة يمثلها الإسلام. تدحض بوباكو مزاعم "صدام الحضارات" من منطلق عدم صوابية الطرح، فالحضارات تتمازج، وتتلاقح لتنتج حضارة إنسانية شاملة، لذلك لا مكان لصدام الحضارات إلا في عقول من يسعى إليه، ويروم اشتعال الحروب. ومن المباحث المهمة، التي يمكن للقارئ استشفاف فحواها، وإدراك مراميها من خلال سياقات عنواناتها المدروسة بحرص ونباهة، نذكر: "اختراع المسلمين في أوروبا – الهوية في عصر الهيمنة النيوليبرالية"، "رهاب الإسلام كتشكيل إيديولوجي للرأسمالية النيوليبرالية"، "رهاب الإسلام ونهاية العالم كما نعرفه"، القلق النيوليبرالي وشبح "المسلم المهاجر". تقوم هذه المباحث كلها على فضح الفكر الغربي المغالي، ومزاعم الليبرالية الجديدة، هذا الفكر الذي يسعى لخلق صورة الإسلام كعدو لأسس الحضارة الأوروبية، وفي مقدمها الديمقراطية، والحرية الشخصية والجنسية، وتحرر المرأة.

تلجأ المؤلفة في الفصل الثالث إلى مُعالجة الفروق المعنوية بين الدين والعرق، فتصل إلى استنتاجات تفيد في فهم الخلط المتعمد، الذي يقوم به مأججو الإسلاموفوبيا، لجعل الدين الإسلامي خاصًا بالعرق العربي، ومنحصرا في خانة العروبة. عندئذ يغدو التفريق صعبا بين العربي والمسلم، ويصبح كره الإسلام مطابقا لكره العرب والعروبة، وبالعكس. وومرة أخرى تتطرق مونيكا بوباكو إلى مسارات معاداة السامية وتماثلها مع الإسلاموفوبيا، وترصد الطرائق المتغيرة لترميز الاختلاف بينهما. وتتوقف عند مسألة القرابة الخفية بين العرق والدين، التي تبقى ضبابية رغم ما توحي به الأفكار القائلة بوجود تلك القرابة. وتتعرض المؤلفة لقضية ذات أهمية شديدة في التاريخ المسيحي الأوروبي، وهي نظرته المتغيرة إلى الإسلام، حيث أصبح الأوربيون يقرون أنه أمسى دينا "متصيرا"، أي أنه دين أنجز مرحلة التكون، بعد ما كان ينظر إليه على أنه مجموعة من المهرطقين، وليس دينا توحيديا، يقدمه أتباعه متمما ومصدقا لما قبله من الرسالات السماوية. لكن هذه الرؤية عند المصابين برهاب الإسلام، كما يفهم من شروح المؤلفة، تمتد لتشمل رؤية دمج الدين بالعرق، فيعامل الإسلام كهوية قومية، وتغدو "عنصرة" المسلمين حالة تستدعي رد فعل من كارهي الإسلام، يُعبر عنها بعنصرية متعالية.

في الفصل الرابع من الكتاب تسلط المؤلفة الضوء على سلسلة قضايا ملحة، تلامس فيها مشكلات أوروبا مع أغيارها. ولا يُستغرب البتة أن تكون المسألة اليهودية أهم القضايا التي تتناولها المؤلفة لتقارنها بإشكالية رهاب الإسلام، فها هي تخصص صفحات عديدة لتحديد ما يندرج تحت مسميات اليهودي، والعربي، والمسلم. فتأتي مباحثها التي تخصص لهذا الغرض تحت عنوانات تستلهم العلاقة الشائكة بين تلك المسميات على نحو يشي للقارئ بالكثير، كما يلي: "اليهودي والعربي، اليهودي والمسلم"، "اليهودي والعربي/المسلم: قرابة في النسب"، "اليهودي والعربي/المسلم: نقطة الافتراق". وتعود بوباكو إلى الاستشراق، فتفرد له مبحثا جديدا تنقد فيه بعض وجوهه التي تخدم الإسلاموفوبيا، واسمة إياه بأنه لعبة أوروبية في مجال الاختلافات الدينية. وتتحدث عن مذابح اليهود، وما تسميه "الهندسة الجديدة للغيرية"، أي النظرة الجديدة للغير/الآخَر، وتتطرق إلى ما تطلق عليه "العقدة الفلسطينية"، وتربطها بتجليات الصراع العربي الإسرائيلي، الذي يحاول بعض الأوساط الفكرية تعريفه كصراع ديني: يهودي/ إسلامي. بيد أن الحديث عن "العقدة الفلسطينية" ظل ناقصا ولم يلامس عمق القضية الفلسطينية، بل انتبه إلى بعض تجلياتها وحسب. من المسائل التي يتكرر بحثها في فصول الكتاب قضية معاداة السامية، حيث تعالج من عدة جوانب، حسب ارتباطها بموضوع ما يستدعي البحث والتمحيص، ومن ذلك الحديث عن معاداة السامية الجديدة، ومعاداة معاداة السامية، وارتباط ذلك كله برهاب الإسلام كنقطة ارتداد. إن النقطة التي تنطلق منها المؤلفة في مباحثها هذه تتلخص بالسؤال التالي: إلى أي مدى تكرر الإسلاموفوبيا الحديثة الأنماط المعروفة المتأتية من تاريخ معاداة السامية الأوروبية؟ للإجابة على هذا السؤال تقدم مونيكا بوباكو أطاريح تتأسس على مستوى عال من التحليل، تتناول فيها إشكالية العلاقة بين العنصر اليهودي، كشخصية مغايرة، وما تطلق عليه "عمليات إنشاء الاغتراب الرمزي". ويمكن النظر إلى هذه العلاقة من خلال عمليات تأتي ضمن سياق الفهم الأوروبي الذي يضع المسلمين في إطاره المرسوم سلفا، وربط هذه العمليات بالأحداث السياسية-الاقتصادية التي وقعت في العقود القليلة الماضية. وتنظر المؤلفة إلى هذه الواقائع مستقصية الخلفية التاريخية للروابط المتضاربة بين أوروبا والعالم الإسلامي. في الوقت نفسه، تستعرض في سردها الجريء كيف اختلقت المخيلة الاستشراقية في الحقبة الكولونيالية مزاعم ومغالطات شتى حول الدين الإسلامي، أدت إلى تشكيل القناعات الحالية، والمواقف المعادية للمسلمين التي نحن بإزائها اليوم.

يُخصص الفصل الخامس لحقوق المرأة، ومسألة النسوية والإسلام، وتعالج هذه القضايا في عدة مباحث، تتفرع إلى عدة محاور مختلفة. فثمة حديث عن رهاب الإسلام التقدمي الذي يرى أن الحضارة الغربية والإسلام يقفان على طرفي نقيض في مسألة النسوية. ومن تفرعات هذه القضية، التي تأخذ وقتا كبيرا في نقاشات الأوربيين وأبحاثهم، حجاب المرأة المسلمة، وحقوقها المهضومة – حسب زعمهم. وقد شهدت الأروقة الدينية، ومنها تلك التي تخص الكنيسة الكاثوليكية البولندية، كثيرا من اللغط حول حقوق النساء، وشبح الإسلام على أساس أنه يشكل تهديدا لتلك الحقوق المكتسبة في أوروبا المسيحية. وتعود المؤلفة مرة أخرى إلى الاستشراق بتخصيص مبحثين ينطلقان من باب النسوية، فنراها تقدم عنوانين لمّاحين: "النسوية وفخ الاستشراق"، و"ما وراء الاستشراق: النسوية الإسلامية"، وتسترسل في استعراض النسوية المعادية للدين، وتلوناتها المختلفة، في فترة تطلق عليها مسمى مثيرا للاهتمام والانتباه: "ما بعد العلمانية الما بعد كولونيالية".

يعالج الفصل السادس ظاهرة الإسلاموفوبيا في بولندا من منطلقات فلسفية وسوسيولوجية، فنجد تحليلا منطقيا دقيقا يكشف الستار عما تسميه المؤلفة "رهاب الإسلام الغيظي"، ويسبر تفاعله مع الخطاب الديني اليميني المعادي للمسلمين في بولندا. ونقرأ أيضا عن مصطلح "الإطار النيتشوي" (إطار نيتشه) الذي يحدد طبيعة الغيظ/الضغينة، وثمة حديث يثير الانتباه عن مسألة سقوط الغرب أخلاقيا، ووضع الإسلام في موقع الدفاع عن نفسه. وتفرد المؤلفة صفحات من مباحث هذا الفصل لأفكار الصحفي البولندي بافيل ليشيتسكي المعبرة عن مزاعم الإسلاموفوبيا، التي ترى أن الكاثوليكية في حوارها مع الإسلام تستسلم له، وعليه يجب تحديث النظرة الكاثوليكية لتجاوز إرث التقاليد التي كانت تتحدث، في أحايين غير قليلة، عن انبهارها بالإسلام. وفي بحثها عن أجوبة على السؤال المتعلق بأسباب ظاهرة معاداة المسلمين الآخذة بالازدياد في أوروبا عامة، وفي بولندا خاصة، تولي المؤلفة اهتماما خاصا للمتغيرات الاقتصادية المرتبطة بتطور الرأسمالية بزي الليبرالية الجديدة. ولا تغفل عن الالتفات إلى أزمة المنطق التنموي، المنطق الذي تأسست عليه الحداثة الغربية. وقد بدأت ظاهرة كره المسلمين تتعزز في بولندا، رغم قلة أتباع الإسلام في هذه البلاد، وهذا ما دفع الكاتبة لمعالجة هذه الظاهرة البولندية التي تسميها "إسلاموفوبيا دون مسلمين". وتصل إلى استنتاج أن الطابع شبه الجهوي لبولندا، الذي يضعها خارج الدول المركزية – حسب نظرية النظم الدولية لعالم الاجتماع الأمريكي إيمانويل وولرستين – كان له الشأن الأعظم في تنامي رهاب الإسلام.

في خاتمة الكتاب يأتي السؤال المفاجئ الذي لم تتردد المؤلفة في وضعه عنوانا لخاتمة كتابها كما يلي: "هل تستطيع أوروبا البقاء بدون الإسلام؟". ورغم كثرة محاور البحث، وتنوع قضاياه المطروحة، واستيفاء شروط نجاحه المنهجية، وتقديم أطاريح قيمة في مباحثه، والتوصل إلى استنتاجات منطقية، ورغم كل ما تقدم من تحليل مستفيض للمسألة الرئيسة المطروحة، تعود الكاتبة لتوكيد فكرتها المنطقية في أن الثقافة الإسلامية مكون مهم في من مكونات الحضارة الأوروبية، التي تقوم على مبادئ إنسانية عظيمة، على رأسها: التسامح، واحترام الآخر ومعتقداته، والانفتاح على الثقافات الأخرى، والتعايش معها. وتثبّت فكرتها القائلة بأن وجود أوروبا مقترن بالحفاظ على هذه المبادئ، فإن ذهبت هذه المبادئ ذهبت أوروبا. لذلك يكون جواب مونيكا بوباكو على السؤال المطروح أعلاه واضحا ومقنعا، وهو أن أوروبا لن تبقى كما نعرفها إن نبذت الإسلام من حضارتها، وتماشت مع قوى الإسلاموفوبيا.

عنوان الكتاب: رهاب الإسلام كتقنية للسلطة – دراسة من الأنثروبولوجيا السياسية

المؤلفة: مونيكا بوباكو

دار النشر: أونيفرسيتاس Universitas

مكان النشر: كراكوف، بولندا

السنة: 2017

لغة الكتاب: البولندية

عدد الصفحات: 428

 

 

 

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك