كيف نقيس كفاءة التدريب المهني؟

سيظل التدريب المهني عصب الصناعة والزراعة وسائر الأنشطة الاقتصادية بلا استثناء وفي هذا الكتاب (التدريب المهني.. ماهيته، كفاءته وأساليب قياسها) يهتم الدكتور خميس الكندي عبر فصوله الثلاثة بشرح العديد من المفاهيم التي من شأنها تلافي أخطاء سياسات وخطط التدريب، ومعالجة مخرجاته، والاستفادة من برامجه.

ولأن العصر الحلي يمثل عصر التحديات المتواصلة على كافة المسارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فلابد من الارتقاء بقدرات وإمكانات قوة العمل التي تمثل أولى التحديات في عصرنا الراهن، فليس أمامنا خيار سوى مواصلة مسيرة العمل الجاد ومضاعفة الجهد وسباق الزمن للحاق بركب التقدم وسد الفجوة التي لا تزال بيننا وبين أمم أخرى سبقتنا إلى التقدم والرقي، ولن يتأتى هذا إلا بالإيمان القوي والإرادة الصلبة والثقة الكاملة في قدرتنا على بلوغ الهدف الصحيح، والأخذ بأساليب العلم واستيعاب التكنولوجيا المعاصرة كي نكون جزءًا من عالمنا المتطور، ونتعلم من تجارب الآخرين دون أن نضيع قيمنا وخصوصيتنا الوطنية، وبالتالي نضع في أولويات اهتمامنا الدفع بشبابنا إلى الأمام كي يشارك في صنع مستقبل وطنه.

ويعد التدريب من المحاور الأساسية لتنمية الموارد البشرية وإعداد الكوادر القادرة على تحقيق الأهداف والإسهام بفاعلية في نجاح عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وإن كفاءة وفعالية التدريب تعد من متطلبات التحديث والتغيير الفعال على المستوى المحلي والمستوى العالمي، كما إنها ترتبط بمدى دافعية القائمين على نشاط التدريب، ومدى ملائمة أساليب التدريب وتوافر الميول والاستعدادات لدى المدربين.

فالانشغال الزائد بجانب الكم في مجال التدريب هو نوع من الهروب من المشكلة الأساسية وهي التطوير في السلوك وفي الأداء، وتظهر أهمية التدريب في تنمية معلومات الأفراد وصقل مهاراتهم وتعديل سلوكهم وتغيير اتجاهاتهم، الأمر الذي يحقق على المدى البعيد تنمية شاملة متوازنة للقوى العاملة. كما يؤكد الكثير من الخبراء.

وخاتمة القول فإن مفهوم التدريب المهني يركز على إعداد الفرد مهنيا، وتدريبه على ممارسة مهنية معينة، وكذلك رفع مستوى كفاءته الإنتاجية، وإكسابه مهارة جديدة، أي إنه العملية التي يتم من خلالها إكساب الفرد المعلومات والمهارات والخبرات المهنية من خلال برامج التدريب المهني المقدمة في مؤسسات التدريب المهني.

ويؤكد د. خميس الكندي أنه لا يمكن توقع الكفاءة المطلوبة لأي نظام ما لم يكن له أهداف واضحة تحدد ملامحه، وبالتالي فإن نجاح أي برنامج تدريبي يتحقق عندما يكون له أهداف واضحة ومحددة، ومدى نجاح التدريب المهني يعتمد في حقيقته على مدى تحقيقه لأهدافه التي يسعى إليها، ويعتمد النجاح في تحقيق هذه الأهداف اعتمادا أساسيا على مدى وضوحها بالنسبة للمتدرب نفسه وللجهة المسؤولة عن التدريب، ويعتمد أساسيا على مدى وضوح الأهداف على معرفة وتحديد متطلبات المجتمع وسوق العمل، التي تبلور الأهداف المراد الوصول إليها؛ فالأهداف هي الغايات التي يسعى التدريب إلى تحقيقها، وهي عبارة عن نتائج يجري تصميمها وإقرارها قبل البدء في عملية التدريب المهني.

ولاشك فإن نجاح أي نظام لا يتأتى إلا من خلال سياسات واضحة متوافقة مع الأهداف التي حددت سلفا، ويتم من خلالها تفعيل مبدأ المشاركة فيما بين مؤسسات التعليم والتدريب المهني ومؤسسات العمل والإنتاج بمختلف نوعياتها وبين رجال الأعمال حتى يمكن ضمان صنع واتخاذ سياسات واستراتيجيات واضحة.

وقبل كل شيء فإنه من الأهمية بمكان المواءمة بين التدريب والتوظيف في سوق العمل الذي يختلف باختلاف كل دولة لها خصوصيتها، والذي يتناول العديد من الأمور أهمها (العرض والطلب)، ومستويات الأجور، وطبيعة التخصصات المطلوبة، وتيسير الدعم الفني لأصحاب الأعمال والشركات لتحديد احتياجاتهم التدريبية، وربطها بخطط تطوير مؤسسات التدريب المهني.

وبما أن الجودة في التدريب حق من حقوق طلبة التعليم العام والعالي فالجودة في التدريب المهني هي حق أيضا من حقوق المتدرب المهني، ومن ثَمَّ فعلى الدولة أن ترتقي بجودة التدريب المهني وجودة المتدرب وتعلي من شأن التدريب وشأن المتدرب؛ وتتمثل جودة المتدرب في حسن اختياره لمساره التدريبي وتخصصه الذي يتلاءم مع قدراته وملكاته وميوله، وكذلك حصول المتدرب على تدريب موضع ثقة لديه ولدى مجتمعه، وأن يعتمد على معايير داخلية وخارجية للتدريب المهني.  

تعليق عبر الفيس بوك