الذكاء الإنفعالي والرياضة

  خالد بن عباس بن حارث اليعربي

تشهد السنوات الأخيرة تزايد الاهتمام بعلم النفس الرياضي حيث اتسع نطاق علم النفس الرياضي وأصبح يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعلوم الرياضة الأخرى مثل علم التدريب الرياضي وكأن علم النفس الرياضي لا تقتصر فقط موضوعاته على الجوانب النظرية بل تتعدى ذلك إلى دراسة الجوانب التطبيقية لهذه الموضوعات وذلك للاستفادة من السلوك والخبرة والعمليات العقلية التي قد تسهم في تطور الأداء الرياضي وتنمية الشخصية الرياضية والتفوق في المنافسات الرياضية، حيث يتضح أن عملية التفاعل بين الجانب العقلي والجانب الوجداني يمكن أن تظهر وتتبلور من خلال الذكاء الوجداني والذي يعبر عن نفسه في صورة سلوكية متعددة منها إدراك الانفعالات الذاتية وإدارتها وإدراك انفعالات الآخرين، فالذكاء الوجداني الذي يتميز بها الرياضي يعتبر من أهم العوامل والمحددات في عملية تعلم المهارات الحركية والقدرات الخططية. (أحمد محمد عزام، 2017)

وأن معظم الأبطال على المستوى الدولي يتقاربون في المستوى البدني والمهاري والخططي ونتيجة لذلك هناك عامل هام يحدد نتيجة كفاحهم أثناء المنافسات الرياضية في سبيل الفوز وهو العامل النفسي الذي يلعب دوراً هاماً ويتأسس عليه في تحقيق الانتصار والتفوق، ويعتبر الذكاء أحد أهم العمليات العقلية الهامة والذي يلعب دوراً هاماً في قدرة اللاعب على سرعة التعلم ومؤشر هام لقدرة اللاعب على الابتكار والإبداع، فيشير العديد من الباحثين أمثال جونزJones، وهانيينHanin ، ولازاروسLazarus، إلى أهمية إدراك الانفعالات، والتحكم بها، وإدرتها، كعوامل تساهم بالارتقاء بالأداء الرياضي، وهي عوامل مُتماثلة مع مفهوم الذكاء الانفعالي (قدرة الفرد على إدراك واستخدام وفهم وإدارة الانفعالات).

وتلعب المهارات النفسيةpsychological skills  دورًا أساسيًا في تعزيز أداء الرياضيين على مستوى الفريق أو الأفراد وهذه المهارات تتمثل: الاسترخاءrelaxation training، والتحكم بالأفكار الإيجابية positive thought control ، وتنظيم الذات self- regulation، والتخيلimagery ، والتركيزconcentration ، والتحكم بالطاقةenergy control، مراقبة الذات self monitoring، وتحديد الأهداف goal setting، وتجد تداخل مع مهارات الذكاء الانفعالي، وعلى سبيل المثال: السيطرة الإيجابية على الأفكار أو الحديث الإيجابي مع الذات self-talk مما يعكس العلاقة بين المشاعر والأفكار والسلوك، فإذا كان الفرد قادرًا على استبدال الأفكار السلبية بالأفكار الإيجابية، فإن تغييرًا إيجابياً متوقعًا يُمكن أن يحدث في انفعالاته، كما أنَّ الانفعالات السلبية في الرياضة مثل القلق، الغضب، الاكتئاب تستطيع أن تعيق الأداء المثالي، خصوصًا تحت ظروف الضغط، لذلك فإنَّ الرياضيين بحاجة لسيطرة على مستوى طاقتهم الانفعالية والتحكم بها وإدارتها للوصول لحالات الأداء المثلي، وهذا الطرح مماثل لمفهوم الذكاء الانفعالي الذي يبدأ بالتعرف على الانفعالات وصولاً لإدارتها وتحقيق الإنجاز.

 ومن المعلوم في المجال الرياضي أن لكل لاعب مستوى معين من التوتر يساعده على إظهار أفضل مستوى له من الأداء الرياضي يطلق عليه في علم النفس الرياضي (المستوى الأمثل للتوتر) لكن يجب الانتباه إلى أن مستوى معين من التوتر أو القلق لدى لاعب معين يساعده على تقديم أفضل أداء، بينما نفس المستوى من التوتر أو القلق لدى لاعب آخر قد يعيفه عن تقديم أفضل أداء له، وترتبط المنافسات ببعض المتغيرات التي تزيد من شدة انفعالات اللاعب ومن ثم تحيده عن المستوى الأمثل له من التوتر، مما يؤثر على مستواه أثناء المنافسة الرياضية، بعض أهم هذه المتغيرات، مثل: الضبط الانفعالي، ونظام المنافسة، وترتيب المنافسة، وأهمية المنافسة، وموقع المنافسة، واختلاف أدوات المنافسة، واختلاف مناخ المنافسة، والجمهور. (عبد الله بن محمد بن قحطان البطاشي، 2014، ص 24)

    وبالتالي يعتبر السلوك الرياضي الذي يقوم به اللاعب أثناء اللعب هو ما يميز لاعب عن آخر فبالطبع يمكن الحكم على الفرد بأنه ذكي من خلال تصرفاته وحركاته وسلوكه الذي يتسم به، ويلعب هنا الذكاء الوجداني دورًا هامًا كعملية عقلية في إيجاد الحلول غير المتوقعة لحل المشكلات التي تواجه اللاعب أو الرياضي أثناء التدريب أو المنافسات الرياضية ويعتبر من أهم وسائل التفرد للوصول للمستويات الرياضية العالية، وتحقيق الإنجاز الرياضي المراد تحقيقه. (أحمد محمد عزام، 2017)

 

                                             أخصائي نفسي

تعليق عبر الفيس بوك