لكل وليمة خبزها .. قصة قصيرة


نبيه شعبو | سوريا

انتصف الليل... أنهى  نوبة الحراسة على بوابة  الميناء وعاد عبر الشوارع المعتمة الخالية إلاَّ من صوت الريح المعبأة بالبرد وكلاب شاردة منشغلة بالبحث  في حاويات القمامة.... وهو يسير بخطا  سريعة  رغم ثقل  التعب والجوع وأفكارٍ مغناطيسيةٍ  تجذب الى أحاسيسه أشلاء أحداثٍ مرت على مخيلتهِ.... دخل البيت أغلق الباب بهدوءٍ ثم سارعَ  في تحضير وليمته .... صحن من الزيت وفوقهُ قليلٌ من الملح  والفلفل.... لكنّهُ لم يعثر على أيّ قطعة خبزٍ ... لأول مرةٍ أحسَّ  برغبةٍ في البكاء... أضاء ضوء الشرفة  ثمَّ خرج وأسند جسدهُ على حافتِها لترتسم ظلال  جسده ضمن بقعةِ الضوء  المنتشر  من المصباح  وسط الشارعِ..... برهةً يضاء  الضوءُ في الشرفة  المجاورةِ لشرفتهِ وترتسم ظلال  جسد امرأةٍ داخل بقعة الضوء التي اتسعت ...بدا الخيالان وكأنّهما في حالة  تآلفٍ وحوار....  راودتهُ  فكرةً ... أن يخرجَ  ويطرق  بابها يطلب  رغيف الخبز.... ليبدأ الحوار مع نفسهِ ... وحسابات كثيرةٍ  بدأت  تتعمّق في داخله.... لكنه الجوع كان أقوى فقررَّ أن يفعلها .... أطفأ ضوء الشرفة ِ  ابتلع العتم  ظلال  جسده... عاد يرقبُ خيالها الذي بدوره ارتشفه الظلام  حين  أطفأت ضوءَ شرفتها... خرج  وبيدٍ مترددة طرقاتٌ  خفيفة تكاد لا تسمع على بابها..... فاجأته بالسرعة التي فتحت الباب  وكأنها  تنتظر هذه اللحظةِ ....تعثرَّ بالكلام  قال  : أنا أسف أقول صباح الخير أم مساء الخير ... ابتسمت وردّت لا فرق ... ثم تابع ... لقد عدت متأخراً وبعد أن أعددت العشاء  تبيّنَ  أنّهُ لا يوجد لديَّ خبزاً... وقبل أن يكمل حديثهُ قاطعتهُ   قالت : كم مرةٍ يعدُّ الواحد منّا وليمتهُ  ويكتشف  متأخراً غياب الخبزِ  فلكل وليمةٍ خبزها..... ثم دخلت  لتُحضِرَ لهُ  الرغيف ... أحسَّ بأنَّ ابتسامتها وكلماتها اختزال دفءٍ أذاب صقيع مشاعره ..... في تلك اللحظةِ  لم يدرِ إن كان نسيَ  إحساسه  بالجوع أم  أنَّ  جوعاً آخر قد أضيف الى  جوعهِ.

 

تعليق عبر الفيس بوك