عمرو عبد العظيم
غالبًا ما توصف القيادة بأنها فن التأثير على الآخرين لجعلهم ينجزون الأهداف المرسومة، وفي الدراسة المقارنة للخطة الأمريكية لتكنولوجيا التعليم وما يُقابلها في سلطنة عُمان التي ما زلنا نتناولها في هذه المقالات المتتالية يحين الدور الآن على محور القيادة الرقمية أو قيادة التكنولوجيا في العصر الرقمي.
فنجد أن السلطنة أعلنت في عام 2003م، أنها متجهة للتحول الكامل للحكومة الإلكترونية لضمان مجتمع معرفي مستدام، وتتلخص فكرة الحكومة الإلكترونية في السلطنة في توفير بوابة رسمية للخدمات الحكومية الإلكترونية لتمكين المستخدمين والجهات من الوصول إليها عن طريق استضافة هذه الخدمات في البوابة الإلكترونية عبر خاصية التكامل أو عبر رابط موحد يؤدي إلى هذه الخدمات، وهذا التحول للحكومة الإلكترونية يتطلب وضع خطة واضحة لاستخدام التكنولوجيا في عملية التحول الإلكتروني خاصة في مجال التعليم وقيادته على المستوى الأعلى.
ولذلك هناك خطط من قبل بعض الدوائر في وزارة التربية والتعليم مثل دائرة المحتوى والتعليم الإلكتروني، حيث تمتلك هذه الدائرة خططاً واضحة لتمكين التكنولوجيا، فمثلاً الخطة العامة لقسم التعليم الإلكتروني تتكون من ثمانية محاور وهي: الإدارة والتنظيم، الموارد البشرية، الجودة الشاملة، الشراكة والتكامل، مشروع التعليم الإلكتروني والتوسع بالمدارس الرقمية، مشروع انتل للتعليم، وتوظيف التقنية بالعملية التعليمية، والتقييم والمتابعة، وأيضًا الخطة الإستراتيجية لمشروع التعليم الإلكتروني والتوسع بالمدارس الرقمية بوزارة التربية والتعليم، الذي يتكون من ثلاث مراحل، ويكون في المرحلة الأخيرة التي يتم فيها عملية دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المناهج الدراسية، بحيث يتم تحويل بعض الكتب الدراسية في مواد معينة مثل العلوم والرياضات إلى كتب تفاعلية من خلال التعاقد مع شركات متخصصة في ذلك.
ونلاحظ خصائص القيادة الفعالة في العصر التكنولوجي في الخطة الأمريكية لتكنولوجيا التعليم ركزت على أربع خصائص لابد للقائد في العصر الرقمي أن يتسم بها، حتى تكون قيادته فعَّالة، وهو ما أكدته أغلب البحوث وهي كما يلي:
- قيادة تعاونية.
- دعم تعلم الطالب الشخصي.
- بنية تحتية قوية.
- التعلم المهني الشخصي.
وفي سلطنة عُمان تسعى القيادات التربوية لتكون قيادة تعاونية تعمل على مشاركة الجميع في صياغة رؤية التحول للتكنولوجيا، أما القيادات المدرسية فهي تحتاج للمزيد من الصلاحيات لاتخاذ القرارات للتحول التكنولوجي، وابتكار حلول تكنولوجية للصعوبات التي تواجه المدرسة، فهي في بعض الأحيان تلجأ للقيادات العليا، مثل شراء الأجهزة، وهذا يؤخر عملية التحول للتكنولوجيا لأنَّ العمليات المركزية التي تعتمد على التصاريح الرسمية تأخذ وقتا طويلًا، بالإضافة إلى الإجراءات الإدارية الأخرى.
وفيما يخص التواصل والتعاون المستمر الذي يقوم به تطبيق (ولي الأمر) التابع لوزارة التربية والتعليم العمانية على الهواتف الذكية، ويسهل عملية التواصل أولياء الأمور مع القائمين على العملية التعليمية من قادة تربويين ومعلمين، حيث يبلغ عدد الأشخاص الذين قاموا بتحميل التطبيق لغاية عام 2018م حوالي 100 ألف شخص، وهذا يعكس الإقبال الكبير من أولياء الأمر على استخدام هذا التطبيق للتواصل المستمر مع المدارس في أي مكان وزمان، ويستطيع أولياء الأمور من خلاله الحصول على معلومات عن تعلم أبنائهم مثل الدرجات وحالات الغياب والتأخر والفعاليات المدرسية والتواصل مع معلمي الطلاب وغيرها
وتشير الخطة الأمريكية إلى إعداد الخطط الإستراتيجية للتكنولوجيا في التعليم على مستويين: خطة من قبل إدارات المدارس والمناطق التعليمية، وخطة أخرى من قبل القيادة التربوية في الولاية، بالإضافة إلى أخذ آراء وملاحظات بعض المؤثرين مثل الإداريين، والمعلمين ذوي الخبرة في التكنولوجيا، وأولياء الأمور، ورجال الأعمال وغيرهم، وهذه الخطة ركزت على المراحل العمرية الكبرى من التعليم ما بعد الأساسي، وفي سلطنة عمان فإن هذا الأمر يتطلب وضع خطة للتنفيذ على مستوى المديرية التعليمية وعلى مستوى المدارس، وتركز الوزارة بشكل أكبر على المراحل العمرية الصغرى في الحلقة الأولى والحلقة الثانية، ونعتقد أنه توجه صحيح لأن هذه المراحل أكثر تقبلًا من جميع فئات الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين لاستخدام التكنولوجيا في التعليم لأنهم يرون أنّ المراحل الدراسية العليا وخاصة طلاب الثاني عشر سوف يقضون وقتا كبيرا في تعلم التكنولوجيا الذي سيؤثر سلباً على نتائجهم، ونرى أن السبب في ذلك هو أنَّ ثقافة استخدام التكنولوجيا في التعليم ودمجها بشكل صحيح لا تزال تحتاج إلى المزيد من النشر والتوعية.