خبراء الصندوق يتوقعون انخفاض العجز المالي إلى 8% العام الجاري

"النقد الدولي" يشيد بجهود السلطنة لتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل للمواطنين

 

 

  • توقعات بارتفاع النمو غير النفطي تدريجيا على المدى المتوسط إلى 4%

 

الرؤية - نجلاء عبد العال

قال صندوق النقد الدولي إنَّ جهود الإصلاح في السلطنة تهدف "بشكل صحيح" إلى تقوية مركز المالية العامة، وتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص وخلق فرص العمل، وتشجيع التنوع الاقتصادي. وجاء ذلك ضمن بيان خُبراء الصندوق في ختام زيارة وفد الصندوق إلى السلطنة، في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2019.

وأوضح البيان أنَّ تعميق الضبط المالي ضروري لضمان استمرارية المالية العامة والأوضاع الخارجية، مشيراً إلى أنَّه على المدى القصير، من الضروري التعجيل بتطبيق ضريبة القيمة المضافة وإجراءات خفض الإنفاق الحكومي، وأكد أنَّه من الضروري مواصلة الإصلاحات الرامية إلى تحسين أداء سوق العمل، وبناء رأس المال البشري، وتعزيز بيئة الأعمال وزيادة الإنتاجية والتنافسية.

وكان فريق من صندوق النقد الدولي بقيادة ستيفان روديه قد قام بزيارة إلى مسقط في الفترة من 26 مارس إلى 8 إبريل 2019 الجاري لإجراء مناقشات مع السلطات العمانية في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2019.

وفي ختام الزيارة، أصدر السيد روديه بياناً قال فيه إنَّ النشاط الاقتصادي العُماني يشهد في الوقت الحالي تعافياً تدريجياً، فبعد انخفاض معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي إلى 0.5% في عام 2017 تشير التقديرات إلى ارتفاعه في العام الماضي إلى 1.5%، مما يرجع لارتفاع مستوى الثقة مدفوعًا بحدوث ارتداد موجب في أسعار النفط وارتفاع مستوى الإنفاق الحكومي، وقد أدت زيادات إنتاج النفط والغاز إلى ارتفاع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي الكلي إلى 2.2%. ومن المتوقع ارتفاع النمو غير النفطي تدريجياً على المدى المتوسط، ليصل إلى حوالي 4%، مع فرض استمرار جهود تنويع النشاط الاقتصادي.

كما أوضح أنَّ البيانات الأولية عن تنفيذ الموازنة تشير إلى حدوث تحسن في رصيد المالية العامة الكلي في العام الماضي. ومن المقدر أن يكون عجز المالية العامة قد انخفض إلى 9% تقريبًا من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بعجز قدره 13.9% في عام 2017، مما يرجع لزيادة الإيرادات النفطية. ومع ذلك، كان تنفيذ الموازنة صعبًا، حيث وقعت بعض التجاوزات في الإنفاق وقصور في أداء الإيرادات الضريبية مقارنة بتقديرات الموازنة، وبالإضافة إلى ذلك، وبعد عدة سنوات من التحسن، تراجع الرصيد الأولي الأساسي (غير النفطي) من جراء ارتفاع مستويات الإنفاق.

وتوقع البيان انخفاض عجز المالية العامة في العام الجاري إلى 8% من إجمالي الناتج المحلي نظرا لتأثير أسعار النفط المنخفضة والتي ستتم موازنتها وتجاوزها عن طريق تخفيض الإنفاق، والإيرادات غير المتكررة، وتطبيق نظام جديد للضرائب الانتقائية على بعض المنتجات المختارة، ومن شأن بذل مزيد من الجهود لتخفيض الإنفاق والتطبيق المزمع لضريبة القيمة المضافة أن يخفضا العجز بنسبة إضافية قدرها نقطتان مئويتان من إجمالي الناتج المحلي على مدار العامين القادمين. غير أن العجز سيرتفع مجددا بعد ذلك، بفرض تحقق توقعات الصندوق بانخفاض سعر النفط وإنتاجه تدريجيا وفي ظل الزيادة المتوقعة في مدفوعات الفائدة، الأمر الذي سيتسبب في رفع الدين الحكومي والخارجي وزيادة مخاطر التعرض للصدمات.

وقال روديه بيانا إن تعميق الضبط المالي ضروري لضمان استمرارية المالية العامة والأوضاع الخارجية، ونشجع السلطات العمانية لوضع وتنفيذ خطة طموحة لضبط أوضاع المالية العامة في الأجل المتوسط بحيث تستند إلى إصلاحات لمعالجة أوجه الجمود في الإنفاق الجاري – لا سيما المتعلقة بفاتورة الأجور والدعم - وترشيد الاستثمارات العامة، وتعبئة المزيد من الإيرادات غير النفطية. وينبغي تنفيذ هذه الجهود من خلال تحديد أولويات الإجراءات التي تساعد في الحد من تأثير الضبط المالي على النمو وبإلقاء قدر أكبر من أعباء هذا التصحيح على كاهل الفئات الأقدر على تحملها. وعلى المدى القصير، من الضروري التعجيل بتطبيق ضريبة القيمة المضافة وإجراءات ضبط الإنفاق الحكومي.

وأكد روديه أنَّ هوامش الأمان الخارجي لا تزال كافية؛ موضحاً أنَّ إجمالي الاحتياطيات الدولية في البنك المركزي العماني ارتفع بنحو 1.3 مليار دولار أمريكي في 2018 ليصل إلى 17.4 مليار دولار أمريكي. كذلك فإن الأصول الحكومية الخارجية في "صندوق الاحتياطي العام للدولة"، وهو صندوق الثروة السيادية العماني، توفر هوامش أمان إضافية. ويمثل نظام سعر الصرف المربوط بالدولار الأمريكي نظاما ملائما للسلطنة في ظل هيكل اقتصادها.

وأضاف روديه بيانا أن التعجيل بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية مطلب بالغ الأهمية من أجل تشجيع الاستثمار الخاص وخلق فرص العمل، وتحسين الإنتاجية والقدرة التنافسية، والمضي قدما بتنويع النشاط الاقتصادي. وعلى صعيد سوق العمل، من الضروري تحقيق الاتساق بين الأجور والمزايا في القطاع العام ومثيلاتها في القطاع الخاص ومواصلة الجهود من أجل النهوض بالتعليم والتدريب، وقد اعتمدت الحكومة مؤخرا إصلاحات مهمة في مجالات القانون التجاري والتحكيم وإجراءات إصدار التراخيص، ويعد تأكيد "رؤية عُمان 2040" على أهمية استمرارية أوضاع المالية العامة والحكومة وسيادة القانون أمرا جدير بالترحيب. ومن الممكن أن تساهم زيادة الجهود لتعزيز بيئة الأعمال، بما في ذلك عن طريق إزالة العقبات أمام الاستثمار الأجنبي المباشر، وتشجيع التنافس، ومواصلة العمل على إزالة الحواجز التجارية، في تقوية القدرة التنافسية الخارجية. كذلك من الممكن أن يساهم التعجيل بجهود تنويع النشاط الاقتصادي في إطار برنامج "تنفيذ" في زيادة الصادرات غير النفطية.            

واختتم البيان بالتأكيد على أن البنوك العمانية تستفيد من ارتفاع مستويات الرسملة، وانخفاض القروض المتعثرة، وقوة احتياطيات السيولة. ومن شأن الحفاظ على قوة آليات التنظيم والرقابة أن يساعد على تعزيز الصلابة وضمان النمو المستمر، وأعرب نيابة عن فريق صندوق النقد الدولي عن خالص تقديره للمناقشات الصريحة التي أجراها مع السلطات العُمانية، شاكرا لها حسن ضيافتها وتعاونها الكبير.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z