فاطمة الحارثية
في مُراسلة مقتضبة مع أبرز جهابذة الإعلام والفكر العماني، طرح مفهوم البحث عن الحلول وليس الإجابات، إنَّ وضع الوطن قبل كل شيء أمر بديهي عند كل مواطن صالح، أما وضع هموم حاضر ومُستقبل بلادنا فهو أمرٌ جلل لا يعتنقه إلا القادة والأشداء ممن أنجبتهم عمان العراقة والتاريخ، وهم بعيدون كل البعد عن الكثيرين المتشدقين أصحاب المصالح الشخصية.
كان لابد لفضولي أن يحضر في مثل هذا الطرح اللافت لأبدأ رحلة مفهوم الإجابة ومفهوم الحل، (يصرعني الفضول دائمًا أمام عمق المفردة والطرح) لن أجانب الفكر الفلسفي في هذه المفاهيم، بل القصد من الطرح وانعكاسه على معطيات الواقع التطويري والفرق بينهما.
القصد من (الإجابة) هو الرد؛ أي الإفادة عمَّا سُئل من أمر لإنهاء مسألة أو مشكلة ما، بينما القصد من (الحل) الإفادة مع بيان الإجراء الذي يتم لإصلاح السبب الجذري لمشكلة ما وإدارة عملية إنهاء المشكلة بتطبيق آلية بلوغ الأهداف وتحقق الاستمرار، ويتم وضع برامج لعملية (الحل) بمفاهيم الأداء المختلفة حسب المناسب لبلوغ النتائج المطلوبة؛ ومن هذه الطرق على سبيل المثال لا الحصر؛ تطبيق طريقة الأسئلة الخمسة ماذا، من، متى، أين ولماذا؛ بالإضافة إلى سؤال سادس (كيف)؛ هذه الأسئلة الستة تعمل على توفر مناخ التركيز لأنها تحوي العناصر الأساسية الواجب اتباعها لحل شامل: المشكلة، الأشخاص، الزمان، المكان والنتائج المراد بلوغها وكيفية التطبيق.
من هذا نجد أن الأجوبة قد تكون جزءًا من الحل ولكنها ليست الحل لأنه ينقصها فكر التطبيق والتجريب والنتائج، وهذا ما ندعو إليه الجميع ألا نكتفي بالإجابات عما يؤرق التطور ويعزز مكانة الاقتصاد العماني، بل على كل مجيب وضع آلية أو تصور لتطبيق إجاباته على أرض الواقع مع البرهان والتصور الواضح للنتائج وما بعد التطبيق، على سبيل المثال: سؤال كيف يُمكننا حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية؟ لتأتي إجابة من الإجابات مثلا "بتمكين الشباب وإعطائهم الثقة والقيادة" (ينتهي قوله هنا) أي أنه أجاب على السؤال لكنه لم (يضع حلا) أو أن يقول "بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص"، أو "بتعزيز الدعم الحكومي وجذب المستثمرين"؛ كلها إجابات تحتمل الصواب لكنها بلا فائدة إن لم يتبع قائلها بعض البيان في آلية التطبيق أو حتى تصور للكيفية التي وصل بها إلى هذا الجواب وخطة العمل المبدئية.
الكثيرون يعولون على الشباب لإتمام المسيرة والأخذ بزمام نمو البلاد وفي الوقت ذاته نجد البعض ممن وُضِع على عاتقهم مسؤولية تجهيز الشباب وتأهيلهم لدورهم ليسوا أهلاً لهذه الأمانة فبرمج الشباب ورسخ التقليد الأعمى في أذهانهم بحجة الامتثال لمعايير النجاح؛ علمًا بأنه لا يعلم المعيار الصحيح أو المثال الناجح بكل تأكيد؛ بالتالي رسخ أن مقدار العائد المادي هو دليل النجاح و"الغاية تبرر الوسيلة" وهو تدمير وتلقين جائر يهدم القيم والمثل والأخلاق، كما وأنه يُهدد مواردنا واستقرار مستقبلنا، إننا بحاجة إلى مواطنين أجلاء عصاميين يضعون قيم وأخلاق العماني قبل حب السلطة وعشق الكرسي والمال ليأخذوا بزمام شبابنا ويدربونهم بجد ومثابرة لا أن يبرمجونهم ليغتالوا الإبداع والابتكار لديهم.
ولتكن بعد كل ندوة ما ورشة عمل تطبيقية لما تمَّ مناقشته، يتم تبادل فكر التطبيق ووضع خطة عمل مشتركة ووجود من يُبادر بتجريب خطة العمل ليتم بعد ذلك رفع الأمر إلى الجهات المعنية للإشراف والمتابعة لعملية التطبيق لقيد نجاح الندوة وورشة العمل. هذا ليس سعياً وراء الكمال لأنه محال لكنه بلوغ المثالية لمن قد تقع على عاتقهم قيادة مستقبل وتنمية الحياة على أرضنا الطيبة.
رسالة:
كفانا أجوبة أيها المسؤول ولتبدأ مسيرة الحل بكل اجتهاد والتزام ووفاء.