الرؤية - مريم البادية
حملت الجلسة الأولى من ملتقى "الدقم.. المجتمع والاقتصاد" في نسخته الرابعة عنوان "مبادرات في صناعة المدن الذكية"، بمشاركة عدد من الخبراء الدوليين والمحليين، من أبرزهم شارا إيفانس الرئيسة التنفيذية لشركة "ماركت كليرتي" الأمريكية، والدكتور يونج تشانج رئيس مجلس إدارة شركة "جياو" التايوانية، والمهندس سعيد المنذري الرئيس التنفيذي للشركة العُمانية للنطاق العريض، والدكتور علي الشيذاني نائب رئيس وحدة الدعم والمساندة للتكنولوجيا بمجموعة "أسياد"، والمهندس عمرو السيابي من مشروع الإستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية بالمجلس الأعلى للتخطيط. وأدار الجلسة الدكتور إسماعيل بن أحمد البلوشي نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.
واستهل المهندس عمرو السيابي حديثه بالإشارة إلى مشروع الإستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية بالمجلس الأعلى للتخطيط، وقال إن السلطنة بدأت تنتهج مبدأ التطوير والتنمية من أجل ركوب قطار الثورة الصناعية الرابعة، فهناك الكثير من المبادرات التي انبثقت منها رؤية عمان 2040، منها هذا المشروع ،حيث يعد إطارا لتمكين التخطيط الشامل، وتوجيهه نحو الاستدامة في مختلف المحافظات، وذلك لما يوفره من حوافز للتنمية وحفظ البيئة والموارد الطبيعية للأجيال القادمة معززا الازدهار الاجتماعي والاقتصادي.
وأضاف السيابي أنّ الإستراتيجية تهدف إلى تحقيق أفضل الممارسات من خلال التخطيط الوطني الشامل والمتكامل، ومواكبة متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطوير البنية الأساسية وصون حماية البيئة، إضافة إلى تحقيق التنمية المتوازنة بين مختلف المناطق الحضرية والريفية داخل المحافظة أو المنطقة الواحدة، وتعزيز القدرات التنافسية للمناطق أو المحافظات لدعم وتعزيز التنافس الوطني.
وعن آلية تنفيذ المشروع، قال السيابي إنها تأتي على 4 مراحل، الأولى والثانية قامت على جمع البيانات وتحليل الوضع القائم والتحضير لإعداد الإستراتيجية العمرانية على مستوى المحافظات، بينما المرحلة الثالثة والرابعة فتقوم على إعداد الإستراتيجيات العمرانية على مستوى المحافظات، وصياغة الإستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية. واختتم السيابي بقوله إن ما نأمله من رؤية عمان 2040 هو أن تقدم إطارا وطنيا مناسبا وتمكين مبادرات المدن الذكية في الكثير من المناطق والمدن والقرى.
ومن جانبه قال المهندس سعيد المنذري إن الشركة العمانية للنطاق العريض هي المخولة بوضع حجر الأساس لتوفير البنية الأساسية لبناء المدن الذكية منذ عام 2015، فاستطعنا تزويد 500 ألف منزل بهذه الخدمة، والاستعداد لتغطية المدن والشوارع، فقمنا بتغطية 80% بما فيها المدن الصناعية والمنازل. وعرج إلى أهم الأعمال التي قامت بها الشركة في هذا المجال وهو الربط والتنسيق مع الجهات المختصة كشركات النفط والغاز والشرطة وغيرها من الجهات.
وتحدثت شارا إيفانس عن أشهر المدن الذكية حول العالم، فقالت إن واحدا من أفضل مشاريع المدن الذكية موجود في مدينة شيكاغو؛ حيث تعد من أوائل المدن التي تعتمد على أجهزة الاستشعار في مختلف أنحاء المدينة، لتعمل باستمرار على قياس جودة الهواء وشدة الضوء وحجم الصوت ودرجات الحرارة وكميات هطول الأمطار وسرعة الرياح والازدحام المروري.
وأضافت شارا أن معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في لاس فيغاس بالولايات المتحدة في 2017 شهد عرض شركة تويوتا سيارة صديقة للبيئة ذاتية القيادة، وهذه السيارات ممتازة ولكنها لن تصل بجودة 100%. كما طورت شركة دومينوز بيتزا روبورت يقوم بمهمة توصيل البيتزا للزبائن من المطعم وحتى باب المنزل، حيث سيحتاج صاحب الطلب إلى إدخال رقم سري لفتح الغطاء وأخذ البيتزا الخاصة به. وهناك سيارات جمع القمامة مطبقة في السويد وهي ذاتية القيادة من أجل تخفيف العبء على مفاصل العمال، إلى جانب الطائرات بدون طيار؛ حيث تقوم باستلام الطرود وتذهب لتوصيلها إلى الزبون أمام منزله، وقد بدأ في مدينة دبي تطبيق ذلك من أجل التجربة مع شركة أمازون العالمية. وأضافت أن جامعة ليدز نفذت مشروعا عبارة عن روبوتات تقدم تقارير عن المشاكل التي تعاني منها المنازل في ضعف التخطيط. كما طبق في مدينة سيدني روبورتات تقوم بإصلاح التسريب في أنابيب الغاز.
واستعرض الدكتور علي الشيذاني جديد المبادرات في السلطنة، وقال إنه بحلول عام 2030 سيكون 60% من سكان المدن يعيشون في أماكن مزدحمة مما سيسبب الكثير من المشاكل الصحية والبيئية وغيرها، لذا سيكون دور المدن الذكية هو حل هذه المشاكل التي ستنبعث عن الازدحام السكاني. ولتطبيق ذلك علينا أن نُدرك أن احتياجات لندن تختلف عن احتياجات مطرح، لذا فإنَّ عوامل نجاح هذه المدن يعتمد على الرؤية الواضحة، والقيادة السليمة، ووضوح التشريعات، وكيفية التحكم في حماية المعلومات، والتفاعل مع المواطنين لفهم احتياجاتهم وإسقاطها على هذه المدن، وأضاف قمنا بإنشاء منصة للمدن الذكية، تقوم أهدافها على دعم الابتكار وتعليم ونشر الوعي حول هذه المدن والتعاون والتنسيق مع جهات الاختصاص، ومن هذا المنطلق نظمنا هاكاثون للمدن الذكية.
وتحدث الدكتور يونج تشانج عن شركة "جياو" المستخدِمة للتقنية في عمليات التصنيع في الشركة، موضحا أن الصناعة ستقوم على تطبيقات إلكترونية بشرية، إلى جانب برامج تطبيقية للمراقبة في مجال الإنترنت، وستسهم في تعزيز الثورة الصناعية الرابعة لأنها لا تستخدم الكثير من الطاقة، كما لا تحتاج إلى صيانة كبيرة وغير مكلفة اقتصادياً، وأكد أن "جياو" ستكون الجهة الرقابية الأولى في تايوان.
وإلى ذلك، انطلقت الجلسة الثانية من الملتقى بعنوان "تجارب دولية ومحلية لمدن ذكية"، وشهدت استعراض تجارب المدن الذكية في 3 دول، وشارك تينج تشن رئيس مجلس إدارة شركة "إيزي كارد" تجربة مدينة تايبيه في تايوان، وقدمت الخبيرة فريجا لوك وود مدير المدينة الذكية والابتكار بمدينة بريستول البريطانية تجربة مدينة "بريستول".
كما قدم ريان لي مدير مركز المدينة الذكية للتشغيل المتكامل بمدينة "سانجدو" تجربة مدينة سانجدوا بكوريا الجنوبية. وأبرز الدكتور حافظ الشحي المدير التنفيذي لمنصة المدن الذكية بمجلس البحث العلمي، مبادرات السلطنة في منظومة المدن الذكية. وأدار الجلسة المهندس مقبول بن سالم الوهيبي الرئيس التنفيذي لشركة عمان داتا بارك.
وقالت فريجا لوك وود إن مدينة بريستل تقع في جنوب بريطانيا، وتضم ما يقارب 2.5 مليون شخص، فهي مدينة مكتضة سكانيا، لذا وفرنا شبكة تقوم بتغطية المدينة بالكامل وتعتمد على الجيل الخامس، كما يوجد بها مساحات شاسعة للطاقة الشمسية، إلى جانب مركز موحد يراقب المدينة من خلال أنظمة مراقبة تلفزيونية مغلقة. وتحدث تينج تشن عن تجربة مدينة تايبيه في تايوان، وقال إن المدينة تحتل المرتبة الرابعة ضمن أفضل الدول تقنية على مستوى آسيا، وتحتل المستوى 13 على منطقة المحيط الهادي، وأضاف أن الهدف من ذلك هو تحقيق "حياة مستدامة وقابلة للعيش". وأضاف أن من نماذج استخدام التقنية في هذه المدينة، الدراجات الهوائية الذكية، والاستراحات الذكية لانتظار حافلات النقل، والحكومات الذكية، ونظامMRT المستخدم للمنازل، وأنظمة التأمين الرقمية؛ حيث تعد المدينة من أفضل خمس مناطق حول العالم استخداما لهذه التقنية.
واستعرض ريان لي تجربة مدينة سانجدوا بكوريا الجنوبية، وناقش أهمية وجود مدينة ذكية، وقال إن هذه المدن تتميز بالاستدامة أكثر من غيرها، وتمضي قدما نحو الريادة التجارية. وأضاف أن المدن الذكية في كوريا تركز على الخدمات الذكية المقدمة، حيث إن هذه المدن غيرت من طريقة التعامل مع مشاكل الحياة اليومية. وركز في عرضه على مشروعين؛ الأول في اللوجستيات والعمليات التكاملية، والثاني في الحكومات المحلية، من خلال ربط البيانات وتقديمها في صورة خدمات ذكية متاحة للجميع.
واختتم حافظ الشحي الجلسة بالحديث عن منصة المدن الذكية، وقال إن هدفنا في المنصة يتمثل في توعية المجتمع بأهمية هذه المدن، والبحث عن التطوير والتعاون مع جهات الاختصاص في السلطنة وخارجها. وعن المنهج الذي تتبعه المنصة، قال إن ذلك يأتي من خلال معرفة المشاكل التي تعاني منها المدينة ثم تنظيمها والتعامل معها بطريقة إلكترونية. وأضاف أن هناك بعض الاتفاقيات مع مدينة تايبه للاستفادة من تجربتهم، كما أن لديهم تعاونا مع كوريا الجنوبية، إلى جانب وجود سفراء منصات المدن الذكية يتولون مُهمة تنظيم ملتقيات معلوماتية في ربوع السلطنة لتوعية المواطنين بأهمية التوجه الرقمي للمدن وبناء الثقة بين المنصة والشعب. وبالتعاون مع وزارة البيئة والشؤون المناخية نظمنا "هاكثون مطرح" وكذلك "هاكثون صحار" ونعمل حالياً على تنظيم هاكثون آخر في صلالة.
