لا تُغْلِقُوا الأبوابَ



د/. موسى رحوم عبَّاس | تولون/ - فرنسا
 
لا تُغْلِقُوا الأبوابَ خَلْفِي
دَعُوا الأبوابَ مفتوحةً، فإنِّي قَدْ أعودُ
سأتْرُكُ ظِلِّي على مِقْبَضِ الباب ِ
وعِطْري
وزِرَّ القميصِ
وأقلامي التي لم يجف ضَرْعُها
بِطاقةَ البَنْكِ، ورقمَ الحِسابِ الذي
جَفَّ!
سأتركُ شيئًا من مشاريعِ القصائدِ
بدايةَ قِصَّةٍ
نِهَايةَ مَشْهَدٍ
اعترافات ٍ كُنْتُ أنْوِي التَّكتُّمَ عَنْها
لا تُغْلِقُوا البَابَ
دَعُوا الأبوابَ مفتوحةً
كانَ أبي يتركُهُ مُشْرَعًا
لكيْلا يَظُنَّ الضُّيوفُ سُوءا بِنَا
لا تُغْلِقُوا البَابَ
فَإنِّي رُبَّمَا قَدْ أعودُ يومًا
في آخِرِ هذا الزُّقاقِ عَشِقْتُ
عَيْنَينِ تُشْبِهانِ البُحَيْرةَ
وشَعْرًا بِلَوْنِ الجُنُون ِ
فما حَاجَتِي بَعْدُ للسِرِّ!
سأخْبِرُكم تَفَاصيلَ قلبي
كُنْتُ أطَّوفُ ليْلا ؛ لأسْترِقَ السَّمعَ
للهمْسِ، للآهِ، للأووف ِ
وكنتُ أُسجِّلُ في دفتري كلَّ العناوينِ
وأرسمُ خطًّا طويلا تحتَ كُلِّ اشتباهٍ
وعندَ التقاءِ الخُطُوطِ
أُعِيدُ انتشاري كجَيْشِ الهزيمةِ
وأحْمِلُ جثَّتي فوقَ رأسي
يسيلُ دمي كَخيْطٍ مُدمَّى من أولِ
النَّهرِ إلى آخرِ لَحْظَةٍ هَارِبَة
وأسألُ :
كيفَ لي إنْ رَجِعْتُ إلى ذَلك
القَبْرِ بلا رأسٍ ؟!
أثمَّةَ مَنْ يُحاصرهُ الغِيابُ، هكذا
بَغْتَةً!
  وأسْمَعُ :
خُذُوا أصواتَكم وارْحلُوا
لا تتْرُكوا ظِلًّا ولا هَمْسًا
امْسَحُوا آثارَ أقدامِكُم
وارْحْلـــُـــــــــــــــــــوا !
أقولُ:
إنْ رحْلنَا سنتْرُكُ
أقدامَنَا على عَتَبَاتِ البُيوتِ
وعلى جدرانِ خَيْباتِنا بَصْمَةَ َالكَفِّ
وفي وادي الفُراتِ يبقى الصَّدى
عالقًا كنَاقُوسِ رَاهِب!
وثمَّةَ مَنْ في جَحِيمِهِ يَصْطَلِي
يقولُ: " مابيَّا عُوفَن هَلِي  "
وكأنَّ الطريقَ لم تنْتَعِلْ خطوتي
كأنِّيَ ما زِلتُ بالبابِ
مُضرَّجًا بالحُلُم!
واحْتِقَانِ الدَّمعِ بالعَيْنِ شَظَايا
وهذا النَّورسُ المجنونُ يتْبَعُني
لِيُوهِمَنِي بأنَّ الشَّطَّ يقتربُ
ولا شيءَ سِوى هذا المدَى
الأزرقِ
الذي ما زالَ ينْتَحِبُ
وأنا مازلتُ أخبُّ على حَصَى
الأيامِ، بِلا قدمين ما زِلْتُ
وأصْرُخُ ... وأصْرُخُ
دَعُوا الأبوابَ مَفْتوحـــــــــــــــــةً !

 

 

تعليق عبر الفيس بوك