كيف أنسى يا أمي؟


د. أحمد جمعة | مصر

كيف أنسى هاتين العينين الصغيرتين
اللتين فاضتا بالدموع الخفيفة
التي روت سنابل الأمومة التي كادت تجف
على ملامح وجهكِ القمحي،
حين أخبرتكِ جدتي بأنكِ حامل.

هاتين اليدين اللتين كمنجلين
حين حركتيهما لأول مرةٍ بعدها على بطنكِ
وقطعتِ أشواك سنينكِ الغابرة
من جذورها العميقة،
ثم بدفءٍ وضعتِ القبلات في كفّكِ
ورسمتِ بها على بطنكِ
في حركةٍ دائريةٍ
شمسًا
بدأ بها نهار نبضي داخلكِ،
كيف أنسى هاتين اليدين اللتين
كانتا مسند ظهركِ الطيب
حين كبرت داخلكِ
وزادت الركلات.

كيف أنسى قدميكِ الصغيرتين
اللتين انتفختا
وكان يؤلمكِ صعود السلالم
ويتعبكِ أن تقفي في المطبخ لصنع وجبة
هي في الأصل لي
-أنا الذي أكبر في بطنكِ على غذائكِ-
كيف أنسى هاتين القدمين
اللتين حملتا كل هذا البطن الممتلئ بي
وقطعتا طريق الجنين
حتى المهد.

كيف أنسى تلك الشفاه التي فاحت بالرضا
وتطايرت منها في فضاء الله الفراشات
تقبّل الزهور على وجه أبي
حين أخبرتكِ جدتي بأني ولد.

كيف أنسى تلك النظرات التي
رممتِ بها ملامحي الخفية
ثم بذرتِ على رأسي القبلات
ورويتها بالأحضان
فنما بستان شعر.

كيف أنسى أول الحليب في فمي
بينما أذناي على صدركِ
تسترقان السمع لقلبكِ الذي
لم يكف عن ترتيل السعادة،
قلبك الذي لا زال يفيض منه لروحي
حليب الحب.

 

تعليق عبر الفيس بوك