ذاكرة طيف


راوية الشاعر | العراق

تناولنا صحنَ الكذبِ
على طاولة لهفة قديمة
والملاعقُ تذكرُ
تبادل شفاهنا فواكه الحب
وكيفَ كنتَ تُمشطُ اوجاع وعيي
حين كانتْ أذنكَ يداً صاغية
تلمُ بيتَ الحكمة
وهو يسقطُ من فمي
تنامُ بــ جوار كتبي
تقرأني
تلمسُني
تُقَبْلُني
تعجزُ عن طي شهيتي
تغويكَ الصفحات
وأنت تشربُ الرفوف
التي تنهدَني التعب عليها
كنتَ تراقبُ حُجرتَكَ
وهي تكبرُ بـــ هداياي
كتابُ شعرٍ لــ نزار
مدونةٌ لـــ ميكافلي
مجموعةٌ لـــ خطايا الوجود
في عقلِ شكسبير
افتراضُ المدن وعطل الألهة
في فلاسفة معاقين بــ العزلة
شبابيكٌ تفتحُ الضوء
لـــ مجاهيلٍ نخشى سبرَها
في بقاع قارات تحتضرُ
كنتُ تُجلسُني على قدميكَ
تسمعُ نغم قلبي
وأنا أطيلُ الحديثَ بـــ دمعة
يُقبرُها الرمش
كي لا تبللَ قميصكَ المترفُ بــإ حتوائي
كنتَ تشمُ عطرَ حزني
جوعَ تفردي
حينَ يرجمُ القومُ
بناتَ اختلافي بـــ حجر مظلم
كانتْ المائدةُ ترتعشُ
كلما تُصادمُ الصدفةُ قدمينا
كعبي المثقلُ بــ كراريسِ الجامعة
وحذاؤكَ المنحوتُ
على أرصفة انتظاري
تحتَ شراشف مطعم
طبخَ لنا جدرانهُ وزواياهُ
رقصَ لنا ضيوفهُ العائدين
من رحلةِ حب فائتة
شمعُهُ المعلقُ دونَ همس
كنتُ قداحةَ سكائركَ
وأنت تدخنُ اصابعي
كنتُ دفاتركَ الضائعة في كل امتحان
كنتُ صفكَ النحوي
وأنتَ ترسمُني بيتاً في بادية سبورتكَ
ورقة خضراء في صحراء قبيلتكَ
راية زهرية تحملُ بساطة انتصاراتكَ
كحل مارد يَخطُ دهشة عباءتكَ
كنتُ قهوة صباحكَ الذي لا يموت
وكنتَ لي ليلاً
يعاشرُ ثوبَ القصيدة بـــ لذة شبقة
ياه .. باردةٌ ملامحكَ
كــ صقيع يكسرُ وجهَ النار
و لائحة الطعامِ فقيرة كــ المناديل
كــ حجة غيابكَ
كــ صدري اليتيم
وأصحابنا يتهامسون
ربما فارقُ العمر من أجهضَ التجربة
ربما عقلُها الجامحُ بالقرار
وذكورتهُ اللائذةُ بالفرار
ربما نظارتُها التي تعكسُ خيبتهُ
وهو يحرقُ غرفتَها
ويُقصي نزارَها
ويجرحُ هاجسَ بيتهوفنها
بــ كسرِ البندقِ قبلَ انفلاقهِ
ويلعنُ البحور والاسفار
وهامات الأبطال
وعرش الحداثة
وشيطان فاوست القديم
وظلوا يهمسون ...
الرجل يكنسُ حريةَ المرأة
بعد أن يَخلعَ قشورها
والمرأة تَخيطُ جاروبَ الرجل
قبلَ أن يُفضحَ أصبعَهُ الفقير
صرختْ الطاولةُ
كانَ الفارقُ منفضة
تلمُ اعقابَ احتراقها ودخان عجزهِ
فهي أرادتْهُ صديقَ أفكارها
ملهمَ خلوتِها
البعيدُ الذي لا تنالهُ
السيدُ الذي لا تخافهُ
المبدأُ الذي تغويهِ المعرفة
الحقُ الذي يُصانُ بالحكمة
وهو أرادَها إطاراً
يُطيلُ عمرَ الذاكرةِ في ألبوم الصور
بقتْ الطاولةُ
بقتْ وشوشةُ الجالسين
بقى أنفهُ المعتذرُ
وخاتمهُ المذبوحُ بـــ أخرى
وحدهُ النادلُ الأسمرُ
المراقبُ المحبُ
الحافظُ لــ بنكِ لسانِها
حينَ كانتْ تمنحُ للأثيرِ تذكرةً
لــ دخولِ عوالم لم يطاءْها
حينَ تَغسلُ صحونَ المغاليقِ
بــ مجدافِ قدرتهِ على التصنت
وحدهُ من ترملتْ رئتيهِ
لــ غرقِ عطرِها في سديم الخطوات
وهي تركض بــ جنيةِ أفكارهِ
صوبَ اللاعودة

 

تعليق عبر الفيس بوك