الأهلية في القانون العماني

 

د. طه زهران

جاء نص المادة (41) من قانون المعاملات المدنية موضحاً أنّ:

 1- كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية.

2- سن الرشد إتمام الثامنة عشرة من العمر".

فالشخصية القانونية تثبت إذن لكل إنسان ويكون له بمقتضى هذه الشخصية حد أدنى من أهلية الوجوب، أي صلاحيته لوجوب الحقوق له أو عليه، فلا يتصور إنسان دون أهلية وجوب، إلا أنّ ثبوت الشخصية وأهلية الوجوب للإنسان أيا كان مداها لا يحتم الاعتراف له بأهلية أداء.

وأهلية الأداء هي قدرة الشخص على التعبير عن إرادته تعبيراً منتجاً لآثاره القانونية. ومقتضى ذلك وجوب توافر إرادة واعية بما تتجه إلى إحداثه من أثر قانوني، وهو ما يتطلب كمال الإدراك والتمييز عند الشخص وهو ما يعرف بأهلية الأداء.

وأهليّة الأداء تخوّل للشخص أن يجري بنفسه ولحسابه التصرفات القانونية كلها وهي ثلاث أنواع: تصرفات نافعة نفعا محضا كقبول الهبة. وتصرفات ضارة ضررا محضا مثل التبرع للغير. وتصرفات دائرة بين النفع والضرر وهي تسمى بأعمال التصرف كالبيع أو أعمال الإدارة كالإيجار والاستثمار وغيرها.

وطبقاً للمادة (42) من ذات القانون لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز 1- لصغر في السن (أقل من سبع سنين) 2- أو عته 3- أو جنون .

وبذلك يكون الشخص فاقد التمييز ما دام لم يبلغ سن سبع سنوات بعد وهو السن الذى يرجح فيه امتلاك الشخص للقدرة على التمييز طبقاً لأرجح الآراء فى الفقه الإسلامي. ولا يعتد بأي تصرف قانوني يبرمه الشخص قبل سن التمييز ويكون باطلا بطلاناً مطلقاً حتى ولو كان نافعاً للصغير نفعاً محضاً، فهو عديم الأهلية وليس له سوى أهلية الوجوب على النحو السابق بيانه.

أمّا الجنون فيعرفه رجال القانون بأنّه المرض الذي يصيب العقل فيفقده قدراته ويعدم التمييز.

وأمّا العته فهو الخلل الذي يصيب العقل دون أن يبلغ مستوى الجنون، فالجنون عادة يصاحبه اضطراب وهيجان أما العته فيلازمه الهدوء.

وقد فرق المشرع العمانى بين المجنون والمعتوه. فتصرفات المجنون تكون صحيحة فى حالة الإفاقة وقبل الحجر عليه وتكون باطلة بطلاناً مطلقاً فى غير ذلك من الأحوال دون تفرقة بين الجنون الشائع وغير الشائع.

أمّا تصرفات المعتوه قبل الحجر عليه فهي متوقفة على شيوع حالة العته أو عدم شيوعها. فتكون باطلة بطلاناً مطلقاً فى حالة شيوعها عند التعاقد أو في حالة ثبوت علم الطرف الآخر بها. وتكون صحيحة فى حالة عدم شيوعها ما لم يكن الطرف الآخر على علم بها.

وطبقاً لنص المادة (43) من ذات القانون يكون الشخص مميزا ولكنه ناقص الأهلية ما دام قد بلغ سن سبع سنوات ولم يبلغ سن الرشد بعد. لكنه فى ذات الوقت لم يكتمل رشده ومن ثم يعتريه النقص فى الأهلية فتكون تصرفاته المالية صحيحة متى كانت نافعة له نفعاً محضاً وتكون باطلة بطلاناً مطلقاً متى كانت ضارة به ضرراً محضاً. بينما تكون تصرفاته المترددة بين النفع والضرر قابلة للأبطال لمصلحة الصغير فيحق له التمسك ببطلانها بعد بلوغه أو أن يجيزها فتصبح صحيحة.

ويحق للقاضى ولولي القاصر إجازة التصرّفات القابلة للإبطال وفقاً لأحكام القانون في ذلك.

ولكن يبقى هناك حالات أخرى لا تصيب الإنسان في عقله من الناحية الطبية ولكنها تصيبه من الناحية النفسية مثل السفه والغفلة.

فالسفيه هو الشخص الذي ينفق ماله على غير مقتضى العقل والشرع فيعمل على تبذير أمواله بغير حكمة، أما ذو الغفلة فهو شخص كامل العقل ولكنه ساذج طيب القلب إلى حد الغفلة بحيث لا يدرك خفايا الأمور فهو ناقص الأهلية.

وتصرّفات ذي الغفلة صحيحة ما لم يثبت أنّها كانت نتيجة لاستغلال وقع فيه من قبل الطرف الآخر أو الغير.

وكذلك تصرفات السفيه صحيحة ما لم يثبت أنّها كانت نتيجة استغلال أو تواطؤ من الطرف الآخر أو الغير.

وفي حالة ثبوت الاستغلال أو التواطؤ تأخذ تلك التصرفات أحكام التصرفات المبرمة بعد الحجر عليه. فإذا كانت ضارة بهما ضررا محضا تكون باطلة وإذا كانت نافعة نفعا محضا فهي صحيحة وإذا كانت مترددة بين النفع والضرر تكون قابلة للإبطال لمصلحة ناقص الأهلية. ويحق للقاضى ولولى ناقص الأهلية أو القيم عليه إجازة التصرفات القابلة للإبطال وفقاً لأحكام القانون في ذلك.

 

tahazhran@gmail.com

  • محامي بالمحكمة العليا، مكتب سعيد المعشني للمحاماة

تعليق عبر الفيس بوك