المبصرة والعمياء: مسرحية غنائية


د. ريم سليمان الخش | باريس

المبصرة :
على شفتيه خارطة الطريق!
.
العمياء:
أتوصلني إلى كنزٍ عتيقِ؟
.
أتوصل صدريّ الرحال كشفا
إلى عقدٍ ترصّع بالعقيق؟!
.
المبصرة :
أجل...لكنْ عيونك لن تراها!!
العمياء
سألمسها ولو ذابت عروقي!!
.....
حالة العمياء:
أصابعها على الأضواء سارت
فراشاتٍ تُمتّعُ بالحريقِ
بدتْ زقورتان على تجلٍ !!
(بعينيها !) بأسرار الطريق!!
.
هنا ارتعشت من الضوء استدارت!!
المبصرة:
أجنّته بلغتِ ولم تذوقي؟!!
العمياء:
لقد كشفت دِنان الخمر سرا !!!
أجيبيني!!...عشيقك أم عشيقي؟!!!
**
المبصرة:
وهل في كأسه آثارُ عشقٍ؟
أم الطعمُ الذي (...) من بعض ريقي!؟
.
العمياء:
بقلبيَ لم أر ال.... إلاكِ معنى !
خمورك في المذاق وفي المُذيقِ !!
.
شممتُ بثغره شهقاتُ نهدٍ
تأوه من شذى عطرٍ لصيقِ!!
.
على صمتٍ لمعتِ هناك لمّا
تنهدتِ السماء مع البروقِ
.
أ راحلةٌ؟ شققتِ اليمّ رهوا
ونورسه على شطٍ مَتوقِ!!؟
.
المبصرة :
إذا آنستِ نهريَ فاستحمّي
بشلالٍ من العبقِ الدفوقِ
.
تركتُ هناك غاباتٍ عذارى
سديم الأرض يشهقُ بالحروقِ
.
وأتربةً لبركانٍ قديمٍ
تفجّرَ من لظى حبٍ حقيقي
.
تركت قطاف دراقٍ وخوخٍ
وتفاحٍ من الفجّ العميقِ
.
يجولُ به صدى شوقٍ صهولٍ
يلازمه على فرسٍ وديقِ
.
ثمار التوت ناضجة تدلّت
ليعصرها على ثغرٍ لعوقِ
.
وموسيقا حروفٍ مدنفاتٍ
بها عطشُ النبات إلى الوسيقِ
.
تركت له بساتين الحنايا
وزغردة الشعور مع الشروقِ
.
وأسرار الشروق برحم حبٍ
يهزّ النخلَ من تحتٍ وفوقِ!
**
وطيناً كالفطيرة إثرَ خبْزٍ
وقد عجنت دمائيَ في الدقيقِ!
.
تركتُ دمي مراقا فيه يسري
بأمشاجٍ من الأزل السحيق
.*
يُخلّقني الضباب غبار عشقٍ
يعشش في المسام وفي العروق
.
تركت له خلايا القلب طفلا
ليلحقه ويأنسُ بالخفوقِ
.
العمياء:
كمعنى الفجر وجدك في هزيعٍ
تُفتّقه قوى الجذبِ الفَليقِ
**
علامَ تركته والعشب رطْبٌ
وزرعك لن يكفَّ عن الشهيق؟!!
.
علام فتحتِ نافذة المراعي
فثالَ اللحن كالصبح الطليقِ
.
وأُخرجَت الكنوزُ إلى مشاعٍ
لها امتدت يد الجوع الصفيق!!
.
لخارطة الطريق سعت فراشٌ
سُكارى تشتهي شمّ الرحيق
.
المبصرة :
هو العطر المضوّعُ في عروقي
بروح في ترائبه علوقِ
.
كأنّي لم أرَ الأنوار إلاّ
على ثغرٍ من الحلوى لزوقِ !!
.
ولكنّي أحبُ العشق حرا
بلا غلْقٍ بلا قيدٍ زهوق!

 

تعليق عبر الفيس بوك