فمي الكبير بالقلق


زهير بردى | العراق

أشتّتُ جسدي في الليلِ. طاولةُ الكتابة تبعثُ لي موسيقى نصوصٍ كتبتها أمس, وأنا أسمعُ الحياة بوضوحٍ و بإحباط ترحلُ من ساحةِ الحرب. ولكي أنسى رثاءَ البردِ ألبسُ شيرتاً قصيرَ الأكمام وأنظرُ إلى لوحةٍ تشعل ُالنارَ في عيونِ الماء. لا بدَّ أنْ أدخّنَ قليلاً عند منتصفِ الكارثة يحلو لي أن أمدَّ قدمي العاريتين الى طينِ اللوحة, وأجيب باختصار. رجاء لا تتركني لوحدي مرَّ القطارٌ وأنا ما زلت لم أرسم في جسدى فوضى مليئة بموتى يخرجون من ظلامٍ سعيد.
***
بقلقٍ أريد أن أحتفي بفمي الكبير المليءِ بالدهشة.
كلمة عاديّة حين أقولُ أحبّك ربّما بصوتِ طفل يتلاشى تحت الشمس وقت الظهيرة. ويختفي في تجويفِ كهف كبير. يتدلّى من قرطٍ يتنقّط ُماء. بقلق مجنونٍ رقيق القلب. أمسكُ رخامَ جسدك وأحفرُ اسمي الكبير المليءِ بفمٍ مزخرف بقربانٍ يتدلّى من نهدينِ يتدلّيان كشمعدانين.
***
في متنِ أوراقٍ متساقطة على الطريق الشاحب نساءٌ يتسلّقون بأكمامٍ مفتوحة بعضَ الكلمات ويثقبون كلماتٍ لا تريحهم. لكنَّ الأغرب أنَّ النساء كنَّ يتركنَ قسماً من ملابسهنَّ ويختفون بحذرٍ خلف تفّاحةٍ يكتبونَ أسمها بخوف في متنِ ورقةٍ صفراء تتحيّن ُالهواءَ أن ينقذها من مصيرِها مع جمعِ نساء يثقبون كلماتها برغباتٍ لا توصف وتتوقّف.
***
دون أن تنطقي امنحيني كل الأشياء لأسهر فالحياة في الليل نغسلها لتبدو أجمل أراك طازجة مضطجعة مثل خبز القرى وأسمع ضحكة الأطفال من أصابعك وهي تسد الشرفة دون أن تنطقي والليل ينادي عليك وأنت لا تسمعين لأنك منشغلة بمسح قبلات أمس على السرير وإيقاد الشموع لصديقك الذي سيطرق الباب بعد قليل.
........................
بوسعي أن  أمسح الثلج وأخفض صوت المذياع
بوسعي أن أكون غامضاً وأتحدث بكلمات مستهلكة
بوسعي أن أكون مثل الضوء جاهزاً تماماً وأسقط في أي مكان.
بوسعي أن أشعر بتلويحتك الآن بشكل منتظم تختفي خلف الماء.
بوسعي أن أكسر المساء وأحرق قطعه البلهاء في نار شمعة.  
بوسعي أن أفتح الباب المفتوح على غرفتك الفوضى.
لكن ليس بوسعي أن أنزل من صورتي الملقاة في غرفتك السوداء.
***
الظلام سماء تبكي بحزن بلا ملابس أعتقد الطائرات التي ضجيجها يلطخ الجدران برائحة حمراء كسولة كإشارة مرور بعد منتصف الليل دائماً تمشي لفترة قصيرة فقط وتتعب وتختفي بسرعة عصفور كسول والقطط ظلال سوداء تخربش الطريق بمزاجها المتوتر أمس على عتبات سلالم ناكرة للجميل أعتقد إني سقطت إلى أسفل الحي مثل ماء طازج يتنقط من صنبور مثقوب.
***
لاحقاً قبل أن أستيقظ نظرت إلى جسدي في المرآة أنا ما زلت نائماً على السرير ومستيقظاً في الصورة التي على الجدار أردت أن نفترق قليلاً مليئاً بالغبار ذهبت إلى متحف يعرض محنطات غريبة أزاح الحارس غطاء زجاجياً حين رآني بشكل غريب حقاً وقال عليك أن تقرر أنها فرصتك الذهبية أن تبقى بغبارك المزمن هنا أو تعود وكما أنت معتم إلى صالة غرفتك الوقت غير متأخّر يمكنك أن تكون غبياً أو تتحول إلى شيء مفيد حياتي الطويلة جاءت وطلبت لي المغفرة على حماقتي واعتذرت قائلة انه بعد إلى الآن نائم حالما يستيقظ سيقرر.
***.
فجارة وأنا أستعرض بشكل رومانسي وبجدية مدهشة مكان جسدي مربوطاً بحبل غسيل يومي لامرأة تعبر أمام نظرتي بفخذيها الكبيرين وتعرف انه لا يمكن ايقافي وأنا ألتقط رغبتي وما يتنقط من ماء ثياب الغسيل الشبقي الرائحة وسروالها الداخلي الموشوم برغبات مزخرفة من اصابعي منذ ان تمددنا معا تحت حبل الغسيل ذات حلم لم يستغرق سوى قدر خفقة قلب ورعشة تنصت مثير.
***
منذ أن ولدت وأنا أستبدل المطر بالشمس ما زلت بارداً بما يكفي لأستغني عن المطر والثلج والشتاء.
 لاحقاً كنت خجلاً أنظر إلى ضوء غير طبيعي من عين امرأة تقف كل فجر عند عنكبوت شباك قديم وأستبدل بياض ملحي ببياض رغبتي وأتسلق ابتسامة عطر كأنها بيت بلا سور وبشكل بسيط أخيط الكلمات سلالمَ إليك.
***
بلهفة خط  بحجم صغير أحتفل بميلاد رماد لا يصلح في إغواء ذكرياتي وبعنوان صغير كتبت ميلا مناسبا لظلام باهر سرت فيه وكنت أقرأ بعض  نسياني وطعم الحظ في إهمال ناشر لي عن قصد لا يليق بتاريخي الشخصي.
***
دهشت ضريحي ما زال حياً
خلفَ الناس تسيرُ خلفي بخجل الأرضُ ,وتصغي لي من تحت أبوابٍ أجتازُها. تطلعُ تيجانُ الماس بانحناءةِ وقار. ترفُّ فوقي مثل ضوء حياتي من الطين تصعد نحوي نادراً ما أقف وحولي السماء تخط الماضي وتحفر أمامي قوس قزح طقوس باردة تجلس القرفصاء أمام عرافة عوراء.
***
أمس حين كنت أسير فوق جسر خشبي قديم ينحني دون ارادة تحتي مع هذا لمحت شخصاً ضعيفاً في جسدي قذفت به وظل يدور وغاب وحسب رغبتي كنت أصيد فتنة بعض طيور بجع فوق الماء وأحتفظ بطين بعض غيوم تترنح بلا أنفاس.
***
ضريح لم أبكه يوماً عدت إليه دهشت ما زال حياً بصراحة خلعت ملابسي أمام أشياء غريبة كانت قد أصبحت كلها ماضياً بالياً لم أقلق المقبرة تحصي الموتى لوجبة ضحك  متواصل والشمس تخرج من أبواب السراديب وتغسل خشب التوابيت بعطر محبب وتلتقط الدود إلى خارج السور.
***
بأسره المعبد ينام هناك لوحده بدون غريم أوصديق آخر يمضي الليل معه المعبد بهدوء ينام تحت تجاعيد يد مردوخ بأسرها الأجساد العجوز يوم غد في موكب خرافي ستصعد إليه توقد النار حوله دون شفقة بأسره المعبد يضحك في عبه لإفراطهم في استهلاك حياتهم بشكل أحمق وساذج.
***
منذ أن بدأت أكتب أدركت أن الكتابة لا تخذلني ثمة خراب يحطمني لا يمكن أن أتداركه ولا يرحمني ثمة أيام عجوز مثل ظلام محروق ليس تافهاً لكنه مرتب بشكل سيء الورد ما كان لطيفاً مثله وطالما أن الكتابة بين أصابعي والموسيقى تتذكر جسدي هذا القلم الرصاص يرتب قوسه الأبيض يصيد غزلان الكلام والنساء.
***
حين أدخل معبداً وأمسك أيقونة أشعر أن حياتي ليس لها معنى أوقد شمعة أسير بإنصات جوق تراتيل كامل أنقاد إلى موسيقى رغبات تستقر بنشوة في جسدي عند مكان بارق في المذبح أنقش بياضي وأنظر إلى كتابات مقدسة فوق حائط تثيرني بإفراط
***
عليَّ أن أفعل شيئاً لأستمتع قدر استطاعتي وبإفراط أقذف جسدي في الليل واستمتع برقة ليس من المستحب أن أذهب إلى مكتبة أو أمضي وقتي أمام تمثال قرب كنيسة يجب أن أتذوق شيئاً ثرثرة مع مومس لا تجيد قراءة قصيدة وترنحي في الحانة بعد الكأس السابع شخيري وقد ركلني حارس الحانة إلى الخارج قرب كلب يهز ذيله بلسانه والمطر بغزارة يغسل جسدي العاري.
***
موكب كبير يخرج من هذياني الفارغ أمضي أيامي التافهة أرتبه بأناقة في منضدة حرب قديمة أنفاق مضيئة مزدانة بكراس الماء الخيزرانية والأرائك تبعث بغبار خيول وعلى الجدران سجاجيد وحي بعيد عتيق بمرايا متكسرة يتكلم معي خيبتي ليست سوداء وأنا أحمل نصوص جسدي في آخر الليل  لتمضيته مع امرأة لا تثمل من هذياني.
***
حين يأتي الليل أكون كثر عرياً أتحرر من نهار متعب أثمل من مشاكسات أصابعه وسخونة شمسه الناحلة مهما يكن لم أتأسف على يوم رتيب مضى لا بد أن أغسل الوقت بعريي سأستدعي الليل لا بد أن أستمتع كي لا أهرم مبكراً.
***
هل سيسمعني أحد أنا المتوتر ببهجتي الآخرون جميعاً دون اعتذار انصرفوا هل أنتظر رثاء سأمارس غروري وأوقد شمعة ستأتي المخلوقات البائسة من النوافذ المفتوحة لبهجتي الأزلية.

 

تعليق عبر الفيس بوك