أنشطة فنية وثقافية ومحاضرات وجلسات ضمن البرنامج الثقافي للسلطنة في باريس

باريس - العمانية

شهدتْ العاصمة الفرنسية باريس حضورًا ثقافيًّا وفكريًّا عُمانيًّا لافتًا لعددٍ من الأنشطة الفنية والثقافية والمحاضرات؛ وذلك ضمن الفعاليات المصاحبة لمشاركة السلطنة كضيف خاص في فعاليات معرض باريس الدولي للكتاب في دورته الـ39، والتي تستمر حتى غدٍ الإثنين.

وبدأ البرنامج الثقافي في يومه الأول بإقامة محاضرة بعنوان "اللغة العربية واللغة الفرنسية التأثير والتأثر"، حاضر فيها حسن بن محمد الرمضاني من كلية السياحة؛ وقال: إنَّ اللغة ظاهرة اجتماعية وجسر التفاهم والتواصل بين الأفراد داخل المجتمع الواحد وأهم مقوم من مقومات أي أمة من الأمم فتميزها من غيرها سمة تطورها ورقيها، وأن اللغة العربية أثرت على اللغة الفرنسية خلال الفتوحات الإسلامية؛ ففي القرن الثامن من العصر الذهبي من زمن العباسيين كان التأثير علميًا من خلال الجبر والكيمياء. وأشار الرمضاني إلى أنَّ تأثير الأدب الفرنسي بشكل خاص والأوروبي بشكل عام كان أعمق، خصوصا في الأدب المعاصر؛ فعلى صعيد الأجناس الأدبية ظهرت في الأدب العربي أجناسٌ لم تكن موجودة قبل ذلك كالمسرحية والرواية والقصة القصيرة والأقصوصة والقصة الشعرية. وعلى الصعيد الفني، انتشرت في الأدب العربي تيارات أدبية أوروبية كالرومانسية والواقعية والرمزية والسريالية. أما على الصعيد الفكري، فقد انتقلت إلى الأدب العربي اتجاهات فكرية ذات منشأ فرنسي وأوروبي كالماركسية والوجودية والليبرالية.. وهذا طبيعي بهدف الانتشار والتوزيع دون أن ننسى الاستعمار والانتداب الفرنسي في المشرق والمغرب العربي.

وركزت الباحثة الفرنسية هنريت والتر في كتابها "كلمات فرنسية أتت من الخارج" على وجود أكثر من 500 كلمة فرنسية ذات أصل عربي. كما أقيمت جلسة حول "الطفولة وتربيتها ورعايتها في عُمان"، حاضر فيها الدكتور عامر العيسري من وزارة التربية والتعليم، والوزير السابق بيار جوكس، وأدارت الجلسة الإعلامية رولا الزين.

وقدم الدكتور عامر بن محمد العيسري ورقة عمل بعنوان "رعاية الطفولة وتعليمها في سلطنة عمان"؛ وقال إنه لا يختلف اثنان على أن مرحلة الطفولة المبكرة من المراحل الأكثر أهمية في عمر الإنسان؛ فهي بذرة التأسيس في بنائه والأساس الذي يشكل سمات شخصيته متأثرا بنوع التنشئة والرعاية التي يحظى بها عبر مراحل نموه فكرا ووجدانا وسلوكا ولغة، كما أنها النواة التي يعتمد عليها إنتاجيته وعطاؤه المستقبلي.

وأوضح أن السلطنة اهتمت بالطفولة وسعت لإعطاء هذه الشريحة المهمة من المجتمع حقها من جميع نواحي الحياة؛ فقد أقيمت العديد من الفعاليات والملتقيات الخاصة بالطفل العماني في البلاد، وتوجد حدائق ومتنزهات مناسبة للأطفال، كما يوجد متحف خاص بالطفل، وخصص مجلس الوزراء عام 2012 عاما للطفل، وتم مؤخرا إنشاء جمعية "الأطفال أولا" برئاسة صاحبة السمو السيدة الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد، والتي تعمل على تعزيز القيم بين أطفال المدارس في السلطنة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، كما تعمل على إيجاد أنشطة عملية تعزز الابتكار والتفكير الإبداعي لدى الطفل العماني بما يتلاءم وطبيعة القيم التي ينبثق عنها.

وأكد أن هذا الاهتمام بالأطفال في السلطنة توج مؤخرا بصدور المرسوم السلطاني رقم (22/2014 ) بإصدار قانون الطفل، كما أنَّ ندوة التعليم في عُمان -التي عُقدت مؤخرا في فندق قصر البستان- اشتملت على 24 ورقة عمل؛ تطرق معظمها بأسلوب مباشر أو غير مباشر إلى أهمية التعليم قبل المدرسي وضرورة زيادة الاهتمام به وتقديم الدعم اللوجستي والفني لتطويره.

كما تضمن البرنامج الثقافي أيضًا إقامة ندوة احتفائية حول دور مجلة نزوى في المشهد الثقافي؛ بمناسبة مرور 25 عاما على تأسيسها، أدارها الصحفي والكاتب عاصم الشيدي، وشارك فيها الأديب سعادة سيف الرحبي، والروائية هدى حمد، والدكتور عيسى مخلوف، والدكتور الهواري غزالي.

وقالت الروائية هدى حمد -في كلمة لها- إنه ومنذُ تشكل الفكرة إلى تحققها واقعيا عام 1994م ومجلة نزوى تقدم محاولات دؤوبة للخروج من التشرنق المحلي لصالح رقعة أوسع؛ وذلك عبر استيعاب الأصوات والممارسات الثقافية المختلفة عربيا،وعالميا عبر التعاطي المستمر مع مترجمين عرب أو مُستشرقين ممن يكتبون باللغة العربية لتقديم أسماء مُهمة من أمريكا وأوروبا وآسيا وإفريقيا. وأشارت الى أن اختيار هذه التسمية للمجلة "نزوى"، تأكيد على  أهمية "نزوى" كمدينة في الذاكرة العُمانية والثقافية والمجتمعية والمعرفية والسياسية أيضا رغم أنّ البعض يسحب المفردة إلى معنى "النزوة" والتي تعني المغامرة صوب جهات جديدة، الأمر الذي يُشبه قليلا البذور التي نبتت وأوجدت منها هذا المشروع.

واختتمت الفعاليات الثقافية لليوم الأول بأمسية شعرية أدارتها الإعلامية لويزة ناظور، وشارك فيها كلٌّ من: الشاعر حسن المطروشي، والشاعرة شميسة النعمانية، والشاعرة فاطمة إحسان. وتناوب الشعراء على المنصّة، وحلقوا في فضاءات الجمال وتنوع نصوصهم.

وتواصلت الفعاليات لليوم الثاني بندوة حوارية بعنوان "العلاقات العمانية  الفرنسية بين الأمس والغد"؛ حاضر فيها كلٌّ من معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي أمين عام وزارة الخارجية، وشاركه كلٌّ من هيرفي دوشاريت وزير خارجية أسبق، وجان ماري بوكل رئيس جمعية الصداقة مع دول الخليج في مجلس الشيوخ، ورينو سالان سفير فرنسا المعتمد لدى السلطنة، والمؤرخ إكزافييه بيجان بيللوكوك، ومارك لافيرنيي الباحث في الشؤون العمانية والخليجية، وادارها حسن الرمضاني.

بعد ذلك، أقيمت جلسة بعنوان "كاتب في جبال سلطنة عمان"، أدارها الدكتور جورج ساسين وحاضر فيها جان كريستوف روفان الرحالة والكاتب وعضو الأكاديمية الفرنسية والسفير السابق، عقبها محاضرة بعنوان "تنوع الشعر والأدب في عمان وتطوره" قدمها المهندس سعيد الصقلاوي رئيس جمعية الكتاب والأدباء، فيما قدمت الدكتورة عائشة الدرمكية رئيسة مجلس إدارة النادي الثقافي محاضرة بعنوان "مرتكزات الثقافة وقيم المعرفة في عمان"، وأدارت الجلسة الباحثة أولجا أدريانوفا. ثمَّ قدمت الأوركسترا السيمفونية السلطانية العمانية فقرات موسيقية مختتمة بذلك اليوم الثاني للفعاليات الثقافية المصاحبة للحدث.

تعليق عبر الفيس بوك