أكد عدم تدخل "سوق المال" في خسائر تداولات الأسهم .. و"تآكل رأس المال" يُشير للسعر الاسمي

السالمي: قانون الشركات الجديد يواكب "رؤية 2040".. ويستهدف تحويل سوق رأس المال إلى المصدر الأول لتمويل المشاريع

...
...
...
...
...
...

◄ إتاحة إنشاء شركات المساهمة العامة من بدء التأسيس.. و"شركة الفرد" تسهل إصدار الصكوك

◄ دراسة تعديل تمركز الملكية والأسهم المتاحة للتداول في مشروع قانون رأس المال

◄ "تهديد استقرار السوق" يُدرس وفقا لكل حالة.. والانكشاف على البنوك أبرزها

◄ حوكمة الشركات الحكومية تطبق على أية نسبة مساهمة من الحكومة

 

 

الرؤية - نجلاء عبد العال

 

أكَّد سعادة عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال أنَّ قانون الشركات التجارية الجديد صدر في توقيت تتهيأ فيه السلطنة لبدء تنفيذ الرؤية المُستقبلية "عمان 2040"، والتي تتضمن تمكين القطاع الخاص من القيام بدوره في قيادة العمليات الإنتاجية والمساهمة بشكل فاعل في تنمية الاقتصاد وخلق فرص عمل للمواطنين.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقد أمس بالهيئة العامة لسوق المال لتوضيح أبرز ما اشتمل عليه القانون الجديد. وقال السالمي خلال المؤتمر إنَّ القانون الجديد يتماشى مع مساعي تطوير المنظومة التشريعية وتهيئة البيئة الاستثمارية والممكنات المناسبة ضمن أولويات الرؤية المستقبلية التي تسعى إلى تعزيز جاذبية البيئة الاستثمارية المحلية أو الأجنبية في السلطنة. وأبرز السالمي آلية رقابة الهيئة على الشركات المساهمة العامة وجاهزية الكوادر البشرية بالهيئة. وقال سعادته إنَّ الهيئة تقوم حاليًا بتدقيق عمل الشركات مباشرة، كما تطلع على حساباتها المالية التي تقدم للهيئة، مضيفاً أنه في حالة وجود أمور معينة في الحسابات تحتاج للتدخل أو التدقيق عليها، فإنَّ لدى الهيئة الفرق التي تذهب لهذه الشركات وتقوم بالتدقيق، مشيرًا إلى أن هناك بعض الحالات التي قامت الهيئة فيها بالتدقيق على الشركات، ووجدنا بعض الأمور التي استلزمت التدخل. وأوضح أن عمل الهيئة الرقابي والإشرافي في عملية التدقيق سيستمر على ما هو عليه، مستدركا أن عدد الكوادر البشرية في الهيئة مناسب لعملية التدقيق، لكن ربما تنشأ حاجة مستقبلية لزيادة عددها أو مزيد من التطوير لقدراتها بما يلائم العمل في ظل القانون الجديد. وردًا على سؤال لـ"الرؤية" حول المادة الخاصة بتآكل رأس المال ومدى انطباق ذلك في حالة خسارة سعر السهم لأقل من النصف في التداولات، أكد سعادته أن الهيئة لا يُمكن لها أن تتدخل في مسألة تراجع سعر السهم أو زيادته، طالما كان في حدود نسبة الارتفاع أو الانخفاض المحددة خلال الجلسة الواحدة، موضحًا أنَّ المقصود بإتاحة تدخل الهيئة في حالة تآكل رأس مال الشركة هو تآكل القيمة الاسمية للسهم، فإذا كان السهم بقيمة اسمية 100 بيسة لكن سعره في السوق وصل إلى 900 بيسة فإن الهيئة لا تتدخل إلا في حالة انخفاض السهم إلى ما دون 75 بيسة، حتى وإن كان ذلك انخفاضًا من 900 بيسة لأن أساسيات سوق الأوراق المالية هو العرض والطلب.

وشرح السالمي الهدف من مسألة إعادة صياغة الإعلان عن توزيعات الأرباح للأسهم لتكون بالقيمة وليس النسبة، قائلاً إنَّ المُشرع ارتأى أنَّ الإعلان عن التوزيعات كنسبة أرباح من القيمة الاسمية لكل سهم، فإنِّه أحيانًا يكون من الصعب حساب العائد على السهم، بينما في حالة الإفصاح مباشرة عن قيمة توزيع الأرباح تمكن المساهم من حساب قيمة العائد حسب سعره في السوق أو السعر الذي اشترى به.

وفي هذه النقطة أيضًا أوضح منير بن سالم الهنائي الخبير القانوني بمكتب الرئيس التنفيذي للهيئة أنَّ من ضمن الصلاحيات المكفولة للهيئة العامة لسوق المال التي أناطها المشرع حل مجلس الإدارة ووقف الشركة عن مزاولة بعض الأعمال مؤقتًا، بل ومنع الشركة من مزاولة الأعمال بالكامل، قائلاً إنَّ هذا النص يتيح للهيئة "صلاحيات جيدة" تخولها القيام بأعمالها بالشكل المطلوب، والتأكد من قيام إدارات الشركات التي تشرف عليها بما فيه صالح المساهمين، لافتاً إلى أنَّ الهيئة- وضمن القانون القديم أيضًا- تقوم بالتدقيق والتفتيش على الشركات وفق إجراءات معينة، وفي حالة وجود مخالفات كانت صلاحيات الهيئة محدودة في قانون الشركات السابق، لكن مع القانون الجديد أصبح دور الهيئة أوسع وتضمن مجموعة أوسع من الصلاحيات والتدابير التي يُمكن للهيئة اتخاذها في حال وجود مخالفات.

وحول إمكانية إنشاء شركات مُساهمة عامة من بدء التأسيس، أوضح سعادة عبد الله السالمي أن القانون يسهل تحول ملكية الشركات إلى شركات مساهمة عامة، لكنه يتيح في الوقت نفسه إنشاء شركات مساهمة عامة من بدء التأسيس.

وفي سؤال آخر لـ"الرؤية" عن طبيعة المقصود من عبارة "خطر يهدد استقرار السوق" الواردة في المادة 148 من القانون، قال سعادته إن هذه المادة تتيح صلاحيات للهيئة للتدخل لما فيه المصلحة العامة سواء كانت مصلحة المساهمين أو مصلحة الاقتصاد بشكل عام، مشيرا إلى أنَّ هناك حالات تكون فيها خسارة الشركة عاملاً يهدد السوق ككل وهذا أمر طبيعي في أسواق المال عموماً، وليس في سوق مسقط وحسب؛ حيث تكون هناك شركات معينة تدفع السوق ككل للارتفاع أو الانخفاض، وفي هذه الحالة فإنَّ الهيئة لا تتدخل طالما أنَّ الأمر يتعلق بالعرض والطلب، لكن يحق لها التدخل إذا ما كان هناك إجراءات. وأشار السالمي إلى أن القانون تضمن مُعالجات عديدة في تنظيم سوق رأس المال العماني ومكونات هيكله التنظيمي، وذلك في سياق توفير العناصر الأساسية لبناء سوق رأس مال متين يتمتع بمستوى عالٍ من الثقة والجاهزية التشريعية والتقنية التي تجعل من سوق رأس المال العماني محركًا مستدامًا للنمو الاقتصادي الشامل وتكوين الثروات، من خلال ما تتسم به نصوص القانون من مرونة وممارسات وتسهيلات إجرائية تدفع نحو جعل سوق رأس المال المَصدر الأول لتمويل المشاريع والمُبادرات الاستثمارية والحاضنة لقيام الاستثمارات الإنتاجية الكبيرة.

وتحدث السالمي عن أبرز ما تضمنه القانون، وقال إن القانون منح الهيئة العامة لسوق المال سلطة مركزية كاملة في تنظيم أعمال الشركات المساهمة العامة بداية من تأسيسها والإشراف على أعمالها الإدارية، بما يضمن التأكد من أنَّها تسير وفق قواعد إدارية سليمة وبما يحمي حملة الأسهم، مشيرًا إلى أنَّ هذا الإجراء يحد من ازدواجية السلطات ويُحدد صلاحيات الجهات الأخرى التي تخضع لها الجهة المصدرة للورقة المالية، فضلاً عن أهمية مركزية السلطة في تسهيل الإجراءات لتأسيس الشركات المساهمة العامة دون الحاجة إلى مُراجعة أكثر من جهة.

أما عن شركة الشخص الواحد، فأوضح السالمي أن القانون واكب التطورات الأخيرة التي شهدتها سوق الخدمات المالية والمتمثلة في تقديم منتجات تمويل إسلامية مثل الصكوك وصناديق الاستثمار الإسلامية، ونظرا للطبيعة الخاصة في تنظيم أعمال هذه المنتجات مثل الصكوك؛ كان لابد من إضافة شكل قانوني جديد للشركات التجارية ممثلة في شركة الشخص الواحد وهي شركة محدودة المسؤولية، يمتلك رأس مالها بالكامل شخص واحد طبيعي أو اعتباري. وبين أن تأسيس هذا النوع من الشركات يسهم في دعم سوق الصكوك في السلطنة، إذ إن الجهات التي تنوي طرح صكوك تقوم بتأسيس شركة مستقلة والمعروفة بشركات "الغرض الخاص" لتتولى تنظيم العلاقة بين الجهة المصدرة للصكوك وحملة الوحدات الاستثمارية في الصكوك، مضيفاً أنَّ شركات الغرض الخاص ستبقى قائمة جنباً إلى جنب مع شركة الشخص الواحد بإمكانية إصدار الصكوك.

وأشار السالمي إلى أن القانون حدد أن الشركات القابضة ستأخذ شكل الشركات مساهمة فقط على خلاف الوضع السابق والذي كان يمنح الشركة القابضة الخيار بين أن تكون شركة محدودة المسؤولية أو شركة مساهمة. وأوضح السالمي أن القانون عرّف الشركة القابضة بأنها عبارة عن شركة مساهمة تقوم بالسيطرة المالية والإدارية على شركة أو أكثر سواء أكانت مساهمة أو محدودة المسؤولية تصبح تابعة لها، وذلك من خلال تملك (%51) على الأقل من أسهم أو حصص كل شركة من تلك الشركات. وقال إن هذا التوجه يراعي طبيعة الشركات القابضة والتي عادة ما تحكمها ضوابط وأنظمة وقوانين تضمن سلامة المركز المالي للشركة وتحد من الممارسات غير الأخلاقية في التعاملات المالية أو استغلال حالة التفرع في ممارسة الأنشطة التجارية تحت مظلة مؤسسة تجارية لا تحكمها مستويات كافية من الضوابط والإجراءات لإدارة المخاطر. وأضاف: "في حين أن طبيعة الأحكام التنظيمية للشركات المساهمة تقوم على تهيئتها من جميع النواحي لتتولى إدارة شركات تابعة لها أو تأسيس شركات جديدة واقتناص الفرص الاستثمارية، ونحن نعتقد أن هذا التوجه سيساهم في تعزيز أنشطة الشركات ويضبط الكثير من الممارسات الإدارية الأمر الذي سيقود إلى نتائج وأداء إيجابي لها".

وفيما يتعلق بتنظيم أعمال الشركات المهنية، أوضح الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال أن القانون أفرد مادة جديدة لتنظيم أعمال الشركات المهنية مثل مكاتب تدقيق الحسابات وما يماثلها من أعمال مهنية مثل المحاماة وغيرها، وبهذا يكون القانون قد هيأ الأساس القانوني السليم لإنشاء الشركات المهنية والتي سيصدر تنظيمها قواعد خاصة من مجلس الوزراء الموقر.

وأشار السالمي إلى ما تضمنه القانون من تشجيع للشركات- خاصة العائلية- على التحول إلى مساهمة عامة؛ وأوضح أنَّ القانون يحفز الشركات القائمة ومنها العائلية على التحول إلى شركات مساهمة عامة، وذلك من خلال منح تلك الشركات مزايا تختلف عن الشركات التي تؤسس حديثاً، منها السماح للشركات المتحولة أن تحتفظ بالاسم التجاري الذي كانت تحمله قبل التحول حتى إذا كان الاسم التجاري هو اسم لشخص طبيعي، وسمح للشركات المتحولة أيضًا أن يكون رأسمالها مليون ريال عماني، خلافا للشركات التي تؤسس حديثا والتي يكون رأسمالها مليوني ريال عماني فأكثر، كما أجاز القانون لمؤسسي الشركات الاحتفاظ بنسب أعلى من النسب المقررة لتملك المؤسسين في الشركات الحديثة؛ حيث نصت المادة (100): "على المؤسسين في شركة المساهمة العامة أن يكتتبوا بنسبة لا تقل عن (%30)، ولا تزيد على (60%) من رأس المال، ويُطرح الباقي للاكتتاب العام، إلا في حالة التحول إلى شركة مساهمة عامة، فإنه يجوز للمساهمين أو الشركاء في الشركة قبل التحول أن يحتفظوا بنسبة (%75) من رأس المال"، مضيفاً أنَّ القانون ترك للهيئة السماح للمؤسسين في الشركة المتحولة إلى شركة مساهمة عامة بتملك نسبة أعلى من نسبة 75%، معتبرا أن حرص المشرع على تسهيل تحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة يعكس الأهمية والوزن الاقتصادي الذي باتت تحتله هذه النوعية من الشركات والتي تمثل مؤسسات وطنية، الأمر الذي يتطلب توفير المناخ المناسب لاستمرار أدائها نحو الأفضل دون أن تتأثر بالتحديات التي توجه الشركات العائلية نتيجة تعاقب الأجيال.

وفيما يتعلق بالمعالجات التي تضمنها القانون حول انعقاد الجمعيات العمومية، قال الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال: "تأكيدا لمبدأ الثقة في حماية مصالح المتعاملين مع الشركات فقد أجاز القانون الجديد للمساهمين- إضافة إلى الحقوق العديدة التي منحها القانون للمساهمين- الذين يملكون نسبة لا تقل عن (5%) التقدم إلى الهيئة لاستصدار قرار بوقف قرارات الجمعية العامة للشركة الصادرة إضرارا بهم، على أن يراعى في ذلك الطلب الإجراءات والمواعيد التي حددها القانون.

وتابع أنه نظرا لما تمثله الجمعيات العامة للشركات المساهمة العامة من أهمية باعتبارها السلطة العليا التي يتخذ من خلالها القرارات الحاسمة في مصير الشركة وإيماناً من المشرع بأهمية تفعيل دور هذه الجمعيات، فقد حظر القانون بصيغته الجديدة على النائب الذي يتم توكيله بالحضور والتصويت على مقررات الجمعية العامة أن يكون نائبًا عن أكثر من مساهم إذا كانت النسبة التي يملكونها تتجاوز نسبة 5% من رأس المال.

تعليق عبر الفيس بوك